يرغب عدد من المراهقين والشباب الصغيري السن تحقيق حلم الزواج في سن مبكرة، الغريب في الامر انه ما ان يطأ بعضهم عتبة المنزل الزوجي حتى تتحوّل الحماسة مللاً شديداً يؤدي مراراً الى مشكلات عدة في يوميات الزوجين الشابين. وأبرز الاسباب للزيجات المبكرة يعود الى رغبة الطرفين في الهروب من المشكلات العائلية، فيعمدون الى التحرر من قيود الاهل لينالوا المزيد من الحرية في الزواج. كما يعتقد البعض الآخر ان القفص الذهبي هو المدخل الاساسي وراء الرغبة في النشوة الجسدية مما يكثر هذه الحالات في عمر المراهقة وهي طبيعية. - واللافت ان ثمة عوائق اساسية تواجه من يتزوجون صغاراً ومنها: الآمال العظيمة المغايرة وواقع الحياة الزوجية، عدم التأقلم مع متطلبات الزواج والعائقة المالية. توقعات مخيبة يعتقد بعض المراهقين ان الزواج سيمنحهم الحرية المطلقة فيستمرون بعد الزواج في العيش على نمط العزوبية. السيدة نهلا الطقش، وهي تزوجت في سن ال16 قالت لنا "الزواج أمر صعب جداً. أفضّل النوم وسماع الموسيقى على اعداد وجبات الطعام. الفوضى تعمّ منزلي... كنت أظن انني سأعيش على هواي: أغسل الصحون أو أتركها، أدبر أمور المنزل او لا، لكن ادركت في ما بعد ان الامر أصعب من ذلك". ومما لا شك فيه ان عدم القدرة على ضبط النفس عند المراهقين تتحكم في الحياة الزوجية. من هنا يصعب عليهم التأقلم مع مفهوم التضحية، بذل الذات في سبيل العائلة. هذا ما اكده لنا السيد داني غطاس وهو تزوّج في سن ال19 "اذكر ان الامر كان شاقاً جداً. كنت أبحث دائماً عن عمل لايفاء حاجات الزواج. فاضطررت مرغماً ان أنهض عند الخامسة وان أعود عند العاشرة مساء لأؤمن مصروف البيت، وكان الامر شاقاً جداً". الضيق المادي تعتبر شريحة كبيرة من الازواج المراهقين المسألة المادية ثانوية. وكثيراً ما تتعرّض هذه النظرة الصبيانية الى الماديات لخيبة أمل، لا سيما بعد انجاب الاولاد. اعتمدت احدى الدراسات في علم الاجتماع عينة من 58 مراهقاً بعد شهرين على زواجهم، فتبيّن ان "دخل العائلة" هو المشكلة الكبرى لديهم. وبعد سنتين، طرح المشرفون على هذه الدراسة السؤال نفسه، فاحتلت المشكلات المادية مجدداً المرتبة الاولى في سلم الاولويات الحياتية. هل انتم مستعدون لادارة البيت، تحصيل المعيشة، تربية الاطفال؟ غالباً ما يفتقد الشريكان القدرة على لعب دور الزوج أو الزوجة في سن مبكرة، ولا شك ان تحمّل الصعوبات اليومية في الحياة العائلية تتطلب وعياً متبادلاً لا يتوافر عند الزوجين المراهقين. قالت لنا السيدة نعمة بركات، كانت قد تزوجت في سن الپ14: "انفصلت عن زوجي اخيراً لان المشكلة كانت في الاختلاف الجذري لاهدافنا في الحياة. أحببته كثيراً في البداية. أعجبتني روحه المرحة لكن المشكلات بدأت بيننا منذ مدة طويلة فما كان علينا الا ان ننفصل. كنت في حاجة الى شخص أتجاوب معه فكرياً غير ان زوجي كرس حياته الزوجية باكملها للاعمال، فقط للاعمال". ايجابيات و... سلبيات ان ايجابيات الزواج المبكر تنحصر في التمتع بمرافقة الاولاد في شبابهم وحتى مراحل متقدمة من حياتهم. واللافت ان سيئات الزواج المبكر تبدأ مع انجاب الاولاد. من هنا لا يكتمل الوعي الكامل عند الام التي تعيش اسفة على حياة الشباب التي لم تعشها كما يجب فضلاً عن حرمان نفسها من حياة المدرسة، الجامعة والرفقة. السيدة ماتيلدا غانم تزوجت في سن الپ15، وهي اليوم في الپ27 وأم لصبيتين تقول: "فقدت حريتي في زواجي هذا. تراكمت المسؤوليات التي لم تكن في الحسبان. انصح الجميع بالتريث والتفكير بمسؤولية الزواج". من المهم الادراك ان الوعي الكامل للمسؤوليات والعقلانية والتأني كلها أمور اساسية في اختيار الشخص المناسب. الزواج المبكر يبدو رمال متحركة تغرق الحبيبين في دوامة الشك، والندم مما يسمح بتقدير العواقب والمشقات المستقبلية في المنزل الزوجي. ويبقى اخيراً عاملان أساسيان: النضوج والانتظار لاتمام خطوة الزواج. فهل يستطيع البعض منا ان ينتظر؟