عاشت إسلام آباد أمس أجواء توتر في ظل اشاعات ومخاوف انتابت الشارع الباكستاني بعد الاعلان مساء عن "استقالة" قائد الجيش الجنرال جهانكير كرامت واسناد المنصب إلى الجنرال برويز مشرف. وعزت الأوساط الاعلامية الرسمية أسباب الاستقالة إلى الجدل الذي أثارته تصريحات كرامت الأخيرة التي انتقد فيها سلوكيات حكومة نواز شريف وسياساتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومطالبته بتشكيل "مجلس للأمن القومي" يضمن مشاركة الجيش في صنع القرار السياسي. وأثار الاستغراب رفض الناطق باسم الجيش الرائد عتيق الرحمن تأكيد أو نفي النبأ. وقال الناطق للصحافيين أمس: "أسألوا الحكومة فنحن جزء منها". وجاء هذا التعليق المقتضب بعدما كان الناطق وعد باصدار بيان حول الاستقالة. ورأى مراقبون ان رد الناطق مؤشر إلى وجود خلاف حقيقي كون الجيش لم يعتد ان يتعاطى بهذا الشكل مع وسائل الاعلام. وأبلغت مصادر مطلعة في لاهور "الحياة" هاتفياً ان الوضع متوتر جداً بين الحكومة والجيش. وأضافت المصادر انه بغض النظر عما إذا كان الطرفان الحكومة والجيش توصلا إلى تسوية توفيقية تقضي بخروج كرامت، إلا أن الأجواء ستظل مشحونة بين المؤسستين لفترة ليست قصيرة، في ظل حديث عن اجبار قائد الجيش على الاستقالة بدل اقالته بمرسوم رئاسي. وزاد من حدة الاشاعات ان كرامت الذي يفترض ان يتقاعد في كانون الثاني يناير المقبل كان يرغب في أن يخلفه "حسب الأقدمية" الجنرال علي مولي خان، فيما اختار شريف الجنرال برويز مشرف قائد فيلق مانجلا في اقليم البنجاب. وكانت المعارضة الباكستانية رحبت بتصريحات كرامت وهي الأولى من نوعها لقائد جيش باكستاني الذي سعى إلى الابتعاد عن السياسة العلنية واللعب من خلف الستار. ويأخذ الجيش على نواز شريف تعيينه رئيس الدولة من اقليم البنجاب، الأمر الذي كرس معظم مفاصل الحكم في الاقليم، وأثار غضب الاقاليم الأخرى التي شعرت بالحرمان، فطالبت بالاستقلالية، ودفع ذلك مناطق أخرى إلى المطالبة بمنحها وضعية الاقليم. وكان كرامت علق على ذلك في خطاب القاه أخيراً امام طلاب الكلية البحرية في لاهور، وقال إن تصرفات الحكومة "تهدد الوحدة الوطنية". ويشاع ان ما زاد حنق المؤسسة العسكرية على نواز شريف تعهده في نيويورك أثناء انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة بعدم تركيب باكستان رؤوس نووية على أسلحتها وتجميد المشروع النووي الباكستاني في وضعه الراهن، وهو ما اعتبره العسكر "اختلالاً في التوازن الاستراتيجي لصالح الهند وتنازلاً يمس الأمن القومي". بينما لا تمانع قيادة الجيش في التوقيع على اتفاق حظر اجراء التجارب النووية ما دامت ستوفر مساعدات وهبات للاقتصاد الباكستاني المضطرب