تقف دول العالم بالدور لدخول القرن 21 عبر حرم الجامعات، وتواجه في ذلك ما يواجهه الطلاب من مصاعب في الحصول على القبول، الذي يحدد تخصصهم ومستقبلهم بعد التخرج! هذا هو المشهد من باريس، حيث افتتح رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان، امس، المؤتمر العالمي للتعليم العالي. وعلى مدى الأيام الخمسة المقبلة سيناقش 115 وزيراً للتعليم و2700 مفكراً وخبيراً ورجل أعمال من 186 دولة خطط التعليم للقرن المقبل. ويحتاج فتح مغاليق وثائق الموتمر الذي تنظمه اليونسكو يحتاج الى صبر ودراية. اعدت الوثائق عبر خمس مؤتمرات إقليمية تحضيرية، كان آخرها مؤتمر بيروت في آذار مارس الماضي، وتتردد فيها جميعاً أربع عبارات مجنحة تحدد الخطوط الرئيسية للتعليم العالي في القرن 21، وهي: المواءمة، النوعية، الإدارة والتمويل، والتعاون الدولي. تبدو المواءمة كأنها "كلمة السر" في وثيقة المؤتمر الرئيسية "الاعلان العالمي للتعليم العالي". وهي تعني مواءمة التعليم العالي مع متطلبات المجتمع في التنمية والثقافة، ومع مراحل التعليم المختلفة، وبين تراث الماضي والمستقبل. وتحسم المواءمة نقاشاً استمر منذ صدور لائحة حقوق الانسان، قبل نصف قرن، حول اعتبار التعليم العالي حقاً من حقوق الانسان الأساسية. فالصيغة التي اقترحها فيدريكو مايور المدير العام لليونسكو تعتبر الالتحاق بالتعليم العالي حقاً لكل من يرغب فيه ويكون أهلاً له وقادراً عليه وعلى استعداد للعمل فيه وبذل الجهد له. هناك وفود عربية مشاركة، وهي تختتم المؤتمر يوم الجمعة بمائدة مستديرة حول موضوع "الجامعة العربية المفتوحة"، فيما يؤكد تقرير لمكتب اليونسكو في القاهرة ان العالم العربي حقق "انفجاراً طالبياً". إذ يقترب عدد الطلبة الآن من 4 ملايين، وقد يصبح عددهم في العقد المقبل 6 ملايين عدد طلبة الجامعات في العالم 100 مليون. وفي تقويم الاطروحات يكاد "اعلان بيروت حول التعليم العالي" أن يصبح وثيقة تأسيسية لحركة عربية سياسية وفكرية للقرن ال 21. فالتعليم العالي، وفقاً للاطروحة التي أعدّها وزراء وخبراء التعليم العالي العرب لا يقتصر على تخريج أخصائيين وكوادر مدربة لسد حاجات الصناعة والخدمات والادارة، بل يتعدى ذلك الى "رفع مستوى مشاركة المواطنين في الحياة العامة والحراك الاجتماعي". ويستخدم المربون العرب لغة جديدة تتحدث عن "شراكة الجامعات مع القطاعات الصناعية والانتاجية والخدمية الحكومية وغير الحكومية". وتكشف إحصائيات اليونسكو عن مشهد عربي مثير وفيه مفارقات جديرة بالتأمل. إذ يشير "اعلان بيروت" الى ان العالم العربي، الذي يعاني بعض بلدانه الحصار والاحتلال، أقام نحو 1000 جامعة ومعهد عالي وفني. كما يورد معلومات وارقاماً وظواهر كثيرة مثيرة للدهشة.