وجه الرئيس حسني مبارك امس رسالة الى الحكومة والشعب في اسرائيل، داعياً الى الاختيار ما بين السلام والاستمرار في اغتصاب الاراضي. وحذر حكومة بنيامين نتانياهو من "تضييع فرصة السلام وجر المنطقة الى سباق تسلح". ووصف الرئيس المصري، في كلمة امام الجلسة الختامية للندوة الاستراتيجية لحرب اكتوبر 73 التي نظمتها القوات المسلحة، القائلين بأن هذه الحرب كانت مناورة سياسية، بأنهم "جهلة"، مؤكداً انها كانت "حرب وطنية وقومية ... النضال لتحرير الارض المحتلة عمل مشروع وفريضة قومية"، محذراً من "الافتراء والعدوان واطلاق العنان لعبارات الزهو الزائف وشعارات الطنطنة". ولفت الى ان "الخصوم" اسرائيل عجزوا عن الطعن في شرعية هذه الحرب التي كانت وسيلة "لتحقيق هدف عادل لدفع الخصم الى قبول الاحتكام للعقل والرضوخ للحق وقواعد الشرعية والعدالة". وقال: "حرب اكتوبر هي التي دفعت الى استعادة مصر لأراضيها وحضت اسرائيل الدخول في مفاوضات مع الشعب الفلسطيني". وشدد على ان "إنكار حق اي شعب في تقرير مصيره وتحرير أرضه أمر يتعارض مع حركة التاريخ ولا يمكن بقاؤه او استمراره". واضاف: "حرب اكتوبر هي شعلة النور التي ستؤدي الى تحرير الجولان والجنوب اللبناني وهي التي ادت الى اتفاق السلام الاردني - الاسرائيلي". وتطرق مبارك الى الوضع الراهن على صعيد المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، محذراً من "العواقب الوخيمة التي قد تنشأ في المنطقة اذا ضاعت الفرصة التاريخية لتحقيق مصالحة شاملة تنهي النزاع من جذوره". ووجه رسالة الى الشعب الاسرائيلي طالبه "حسم أمره" والاختيار بشجاعة "بين السلام والامن والاستقرار أو ضم الاراضي الفلسطينية التي لا يحق اغتصابها ... الاغتصاب لا يثبت وضعاً ويعمل على اطالة امد الصراع وإراقة الدماء ويهدد مستقبل الاجيال المقبلة من الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي". وانتقد محاولات "البعض الذين يسعون الى تشويه الحقائق وتحويل الانظار عن تعنتهم بالقاء اللوم على مصر"، وقال: "هؤلاء ستخيب مساعيهم وتفشل خططهم ... مصر لا تقوم بدور المحرض او المعوق فهذه ليست شيمها .. من يظن اننا نسعى لاثبات الوجود واستعراض قدرتها ويردد ذلك فهو كاذب ويزيف الحقائق، موضحاً ان مصر اذا كانت تريد وضع العقبات لتبدل الحال تماماً". وتابع "عملية السلام بدأت بمبادرة مصرية وستكمل حلقاتها بجهد مصري فهذه هي رسالتنا والتزامنا الاخلاقي الذي لا تفريط فيه او مساومة". ودعا حكومة اسرائيل الى "تغيير تفكيرها واعادة النظر في مجمل سياستها واسلوب تعاملها مع العرب". واعتبر انه "اذا فعلت اسرائيل ذلك تكون احسنت صنعاً ويجب ان تكون سياستها متفقة مع حجمها وموقعها على الخريطة السياسية في المنطقة وان تراعي عدم التحدث عن سياسة الاخرين وادوارهم. وليس من مصلحة اسرائيل ان تطيح الفرصة التاريخية لتحقيق مصالحة شاملة تقتلع النزاع من جذوره". وقال ان اسرائيل تعرز إنفاقها العسكري وتطور نظم الصواريخ من خلال المعونات المالية والفنية من دول اخرى، معتبراً ذلك "لا يخدم الاهداف والمفاهيم المطروحة في العالم وسيقود المنطقة الى سباق للتسلح". ورفض مبارك اضاعة الوقت في جدل عقيم حول ما اذا كان الفضل في الحرب يعود الى الرئيس الراحل عبدالناصر او الرئيس السادات وقال: "لكل منهما دوره في الاعداد للحرب .. ما كان يمكن ان تؤدي الحرب ثمارها من دون الارادة الجماعية والوعي الوطني". واكد ان حرب تشرين الاول اكتوبر مصرية - سورية خالصة، ولم يتم فيها الاعتماد على الغير وكان العنصر مصريا عربياً، مشيراً الى الاصدقاء العرب الذين تعاونوا مع البلدين قبل الحرب وتزويدنا بالاسلحة والمعدات. وكان مبارك بدأ يومه امس بزيارة ضريح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ثم النصب التذكاري للجندي المجهول وضريح الرئيس الراحل انور السادات حيث وضع اكاليل من الزهور، وذلك قبل رئاسته اجتماع المجلس الاعلى للقوات المسلحة وزيارته مركز عمليات القوات المسلحة التي أديرت منها حرب 1973 حيث التقى قادة هيئة العمليات والقادة الذين اداروا العمليات اثناء الحرب. من ناحية اخرى حذر الدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس مبارك في كلمته امام الندوة الاستراتيجية مساء أول من امس من عدم التزام اسرائيل المعاهدات وأسس المفاوضات التي دخلت فيها طرفاً مع أي دولة من الدول العربية، واعتبر ذلك مهماً "لمنع نشوب حرب جديدة قد تنشأ في المنطقة نتيجة عدم الالتزام". وطالب الباز اسرائيل "بتطبيق احكام القانون الدولي في ما يتعلق بالمعاهدات والمفاوضات التي وقعتها منذ كامب ديفيد بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ في اوسلو والموقّع في واشنطن للتوصل الى تسويات شاملة وليست منفردة". وقال: "يجب على اسرائيل ان تتذكر التزامها بمعاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية والعمل على تحقيق سلام شامل". واشار الى المفاوضات الاسرائيلية - السورية والتي تم التوصل فيها الى بعض النتائج "مثل استعداد اسرائيل للانسحاب لخط الحدود الذي كان قائما عام 1967". واتهم اسرائيل بأنها السبب وراء توقف المفاوضات على هذا المسار. وقال: "اسرائيل عادت في ربيع 1996 وطالبت سورية باستنكار اعمال العنف، الامر الذي رفضته الاخيرة باعتبار انها غير مطالبة بذلك فما كان من اسرائيل إلا وقف المفاوضات مخالفة بذلك الاتفاق بينهما". وشدد على "الانسحاب الكامل الى ما وراء الحدود". وقال: "حاولت اسرائيل اختبار الرئيس حسني مبارك عقب توليه الحكم بفترة قصيرة - ورفضت الانسحاب من طابا" الى ان انتهت المعركة الديبلوماسية بقرار لجنة التحكيم الدولية. وحول إمكان منع نشوب حرب في ظل وجود نتانياهو في السلطة، قال الباز: "نفضل الا نعتبر النزاع شخصيا وانما هو سياسي واذا استمرت السياسات الاسرائيلية فإن احتمالات ظهور اعمال عنف وتوتر ستتزايد والحرب ليست محتملة ولكنها في الوقت نفسه ليست مستحيلة لان اسرائيل تدرك ثمن الحرب وسوف تتجنب أن توصل الوضع الى نشوب حرب شاملة".