ارتفاع سعر الذهب إلى 2706.76 دولار للأوقية للمرة الأولى    ارتفاع سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    مغادرة الطائرة الإغاثية السادسة لمساعدة الشعب اللبناني    ديربي القمة    «حرب العصابات».. ورقة «حزب الله» الأخيرة    «صرخات مؤلمة».. تكشف مقتل الطفلة سارة    فريد الأطرش .. موسيقار الأزمان    «إندبندنت»: النساء بريئات من العقم.. الرجال السبب!    السياسة الخارجية تغير آراء الناخبين في الانتخابات الأمريكية    سينر وألكاراز يواصلان تألقهما وينتقلان إلى نهائي "The six Kings Slam"    5 مواجهات في انطلاقة دوري الدرجة الأولى للكرة الطائرة    لصوص الأراضي.. القانون أمامكم    الدفاع المدني ينبه من استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة    «تحجّم».. بحذر!    اللثة.. «داعمة الأسنان» كيف نحميها؟    استيقظ يااا مانشيني    المساقي عليها تضحك العثّري    الحل في لبنان.. يبدأ من لبنان    إيطاليا: مقتل السنوار يدشّن «مرحلة جديدة»    التسويق الوردي!    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً عن هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية    تركي بن طلال.. العاشق المحترف    الابتعاث للدراسة الأكاديمية للباراسيكولوجي    مفهوم القوة عند الغرب    أبسط الخدمات    «وقاء نجران» يشارك في مهرجان مزاد الإبل بأعمال الفحص والتقصي    عبدالرحمن يحصد ذهبية الاسكواش بالألعاب السعودية    ذاكرة الهلال لن تنساني    الأمير فيصل بن سلمان يدشّن الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى    إنفاذًا لتوجيهات القيادة: تمديد فترة تخفيض سداد المخالفات المرورية    العلاقات العربيّة / الصينيّة: نحو مجتمعٍ ذي مصيرٍ مُشترَك    الحضور السعودي «أوروبياً» .. لردم هوة العثرات العالمية    الدولار يدخل معركة الرئاسة الأمريكية    «وثيقة الإيمان في عالَم متغير».. إعلان عالمي يؤكد مركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها    قمة الشباب والنصر تشعل عودة دوري روشن بعد فترة التوقف    الهلال ينهي تحضيراته لمواجهة الفيحاء وتأكد غياب بونو    وزير الإعلام يفتتح أكاديمية "واس" للتدريب الإخباري بالرياض    «اسبقيه بخطوة»... معرض للكشف المبكر ومكافحة سرطان الثدي    «المواصفات السعودية» : تبني المنشآت الصناعية لمعايير الجودة يعزز قدراتها التنافسية والإنتاجية    محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    الأمير فيصل بن بندر يطلع على إنجازات جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض    وزير الثقافة يشهد توقيع هيئتي المتاحف والتراث أربعة برامج تنفيذية في الصين    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق فعاليات توعوية بمناسبة "اليوم العالمي للإبصار"    الشؤون الإسلامية في جازان تنظم جولة دعوية في بيان مفهوم الأمن الفكري والحديث عن نعمة الأمن    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    السعودية تترأس اجتماعات الدورة ال 35 لمجلس الوزراء العرب لشؤون البيئة    اليوم..ظهور القمر العملاق في سماء السعودية    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة لمساعدة الشعب اللبناني    36 ألف جولات رقابية على جوامع ومساجد منطقة المدينة المنورة    نباح من على منابر الشيطان    السعودية إنسانية تتجلى    أمير المدينة يناقش مع البنيان الموضوعات المرتبطة بقطاع التعليم بالمنطقة    أمير القصيم يرأس اجتماع "الإسكان".. ويستقبل مجلس الربيعية    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة الأحلاف من جديد في الشرق الأوسط ... متى وأين ؟
نشر في الحياة يوم 06 - 10 - 1998

كانت قيادة حزب العمال الاسرائيلي قادرة على المراوغة والتكتيك السياسي فجاءت صيانة مصالح اسرائيل وزعامتها تحت شعار نظام شرق اوسطي جديد، كما بشر بذلك شمعون بيريز في كتاب "الشرق الأوسط الجديد"، مقابل التنازل عن فتات المائدة للسلطة الفلسطينية. اما اليمين المتطرف الحاكم حالياً في اسرائيل فهو غير قادر بحكم ايديولوجيته على هذا اللون من التعامل السياسي. ومن الغريب ان تحاول السياسة العربية، وفي مقدمها السياسة الفلسطينية المدركة جيداً طبيعة النظام القائم حالياً في اسرائيل، حصر الأمر في خداع رئيس الحكومة الاسرائيلية ومناوراته. انه في حقيقة الامر وفيّ لمبادئ حزبه "يكود"، وللايديولوجية الحالمة ليس ببناء اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات فقط، بل باسرائيل العظمى القائدة لمنطقة الشرق الأوسط.
محاولة ترجمة الاساطير التاريخية الى عالم الفعل يعني التنظير لسياسة التوسّع، والاستعداد لها سياسياً واستراتيجياً، وهو ما شرع في تحقيقه نتانياهو.
ووجد انصار هذه الايديولوجية التوسعية حليفاً استراتيجياً في المؤسسة العسكرية الحاكمة في تركيا، ولا ننسى هنا ان تركيا حاولت في الماضي اكثر من مرة ان تؤدي دوراً رئيسياً في نظام اقليمي شرقي اوسطي منذ بداية سياسة الاحلاف في الخمسينات، فنفضت الغبار عن الملف القديم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفقدان دورها كحارس امين ضمن الحلف الاطلسي، خصوصاً بعد ان اغلقت اوروبا الباب في وجهها، وتنكّرت لوفائها طوال مرحلة الحرب الباردة. وقد ساعدت عوامل متعددة تركيا على الانخراط في حلف اقليمي شرق اوسطي ذي طابع امني عسكري بالدرجة الأولى، من ابرزها: الوضع العربي المتردي، وانهيار اسس الحد الادنى من التضامن العربي غداة كارثة الغزو العراقي للكويت، فقدان العراق دوره السياسي والاقتصادي بعد حربين مدمرتين، بروز دور ايران في منطقة الشرق الأوسط من جهة وتأثيرها في ما يجري من احداث في جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية من جهة اخرى.
واضح ان الهدف الأساسي من اتفاق التعاون العسكري الذي وقعته اسرائيل بمباركة اميركية مع تركيا سنة 1996 هو تطويق المنطقة العربية، وخلق حال عربية اكثر تفككاً وتشرذماً، والضغط على اي نظام في المنطقة يحاول ان يقف في وجه الاطماع التوسعية للايديولوجية الصهيونية التي تعمل قوى اليمين الاسرائيلي على تنفيذها.
يستغرب بعض المحللين السياسيين الموقف التركي بالذات قائلين: كيف تنكر نظام انقرة الى ابسط قواعد سياسة الجوار مع دول تربطها بها اليوم مصالح حيوية. وتنسى روابط الماضي على اساس ان دورها قد ولّى في عصر العولمة، ولم تبق سوى المصالح الآنية للنظم القائمة؟
لا شك ان القيادة السياسية العسكرية في انقرة وازنت بين مصالحها مع الدول العربية وبين مصلحة ارتباطها الأمني الاستراتيجي مع اسرائيل، فرجّحت الكفة الثانية لأسباب، منها: تحقيق حلم الالتحاق بالاتحاد الأوروبي عبر البوابة الاميركية الاسرائيلية، كسب اللوبي الصهيوني الاميركي عبر تل أبيب لو بلغ الصراع في جزيرة قبرص حد الانفجار العسكري، التعاون بين تركيا واسرائيل على لعب ورقة المياه مع بعض البلدان العربية في مقابل النفط، التصدي للدور الاقليمي الايراني بعد انهيار الاوضاع في العراق، وليس اخيراً انهاء دور سورية اقليمياً والضغط عليها لقبول الشروط الاسرائيلية في الجولان وجنوب لبنان، وإيقاف اي نوع من انواع الدعم لحزب العمال الكردستاني.
وتفطّن واضعو السيناريو الجديد الى اهمية جرّ اطراف عربية الى الحلف الجديد كي يوهموا الرأي العام العربي بأنه ليس موجهاً ضد مصالح الأمة العربية، كالأردن في مرحلة اولى، وربما السلطة الفلسطينية، وإلا فما هو تفسير هرولتها الى انقرة من اجل التدخل لانقاذ عملية السلام، فهل اصبح تأثير تركيا في حكومة ليكود أقوى من تأثير اميركا الراعي الوحيد لعملية السلام؟ انه من الغريب ان يحاول القادة الأتراك، ومن استطاعوا جرّهم من القادة العرب الى حلفهم الجديد، الايهام بأن الاتفاق الامني العسكري الاسرائيلي التركي فالأردني ليس موجهاً ضد الدول العربية، فضد من هو اذن؟ هل وجد في التاريخ قديماً او حديثاً اتفاق عسكري استراتيجي بين دولتين او اكثر ليس موجهاً ضد قوة اخرى مجاورة عادة؟ وما هي دول الجوار لاسرائيل وتركيا اذ لم تكن الدول العربية بالدرجة الأولى؟ ان اهداف الاحلاف الامنية تضبط بدقة، وتضبط كذلك مراحل التنفيذ والأسلوب، ولا شك ان الوثائق السرية للاتفاق تحدد ذلك بكل وضوح.
وبدأت تبرز في الآفاق ملامح حلف مضاد: دمشق - بغداد - طهران فرضته التطورات الاخيرة في المنطقة، لكن حظ بروز هذا الحلف الى عالم الفعل والممارسة ضعيف، اذ التناقضات بين الأنظمة الثلاثة عميقة، فالريبة بين قيادة النظامين البعثيين قوية، والخلاف الايديولوجي بين النظامين الايراني والعراقي اعمق من ان تتوارى امام المصالح الاستراتيجية الآنية فضلاً عما خلّفته الحرب المدمرة بين البلدين من مرارة وجراح.
على صعيد آخر، تشير التقارير السياسية الى انه على رغم الضغوط المتنوعة، حافظت القاهرة على مواقفها السياسية المستقلة، لا سيما في ما يتعلق بالشؤون العربية، وذهبت الرياض الى ابعد من ذلك فدعمت علاقاتها مع طهران. ومما يلفت النظر ان يتزامن ذلك مع بداية التبشير لتحالف خطير، ذلك انه ذو طابع ديني مذهبي، يسعى المخططون له لابراز قوة اصولية سنية تمتد الى باكستان ثم الى افغانستان بقيادة حركة طالبان في مواجهة قوة اصولية شيعية تمثل ايران نواتها. والأمر المزعج في هذه المخططات انها توضع خارج المنطقة، وتهدف اولاً وقبل كل شيء الى خدمة المصالح الاسرائيلية.
الوضع العربي المتأزم والواقعية السياسية في عصر العولمة قد تجعلنا نلتمس عذراً لتنازل هذا النظام العربي او ذاك، نتيجة ضغوط خارجية، بما يتناقض مع مصالح العرب حاضراً ومستقبلاً، ولكن، شرط الا يتجاوز هذا التنازل حدود الحد الادنى. والانخراط في الحلف الامني العسكري - الاسرائيلي - التركي يعتبر تجاوزاً واضحاً لهذه الحدود.
* كاتب تونسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.