عارض وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية السيد يوسف بن علوي بن عبدالله استقبال كبار المسؤولين العراقيين في العواصم الخليجية على رغم لقائه في الاممالمتحدة نائب رئيس الوزراء السيد طارق عزيز ووزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف للمرة الاولى منذ عام 1991. وقال في حديث الى "الحياة" ان "الامر لا يحتاج لمثل هذه الزيارات على نسق زيارة وزير الخارجية العراقي الى الدوحة بعد اسبوعين". وزاد بن علوي ان "الخطاب العراقي السياسي ما زال كما هو"، وان العراق "يستخدم سياسة تكتيكية" مع محادثاته الجارية مع الاممالمتحدة "لأن ليس للعراق خيار آخر غير التعاون مع الاممالمتحدة". ودافع وزير خارجية عمان عن حصول اللجنة الخاصة المكلفة ازالة الاسلحة العراقية المحظورة اونسكوم على معلومات استخبارية من اسرائيل، وقال: "الذي قرأناه في الصحف هو ان اسرائيل ساندت اللجنة في كثير من المعلومات للتعرف على برامج العراق العسكرية، وليس العكس". واعتبر بن علوي سعي الكونغرس الاميركي الى دعم المعارضة العراقية لاطاحة الرئيس صدام حسين "تدخلاً في الشؤون الداخلية" للعراق. وقال "نحن نعلم ان المعارضة العراقية ليست معارضة ذات معنى وليست لديها قوى، وان ما يقال ويتحدثون به يقع في اطار الدعاية السياسية". وشدد وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية على ان العلاقات مع ايران مميزة وودية و"علاقة تعاون وتفاهم" واستبعد حصول صدام عسكري بين ايرانوافغانستان "لان طالبان لا تشكل تهديداً حقيقياً" لايران. وهنا نص الحديث: اجتمعتم مع نائب رئيس الوزراء العراقي السيد طارق عزيز اولاً هل صحيح ما يتردد من ان عمان تقوم بمساعٍ حميدة للتمهيد لزيارة وزير الخارجية العراقي الى عدد من الدول الخليجية؟ - هذا ليس صحيحاً على الاطلاق، وليس لدينا اي برنامج من هذا النوع. ان هذا غير وارد في الوقت الحاضر. نحن لا نقوم بأي دور من هذا القبيل لان ذلك له حساسية سياسية وبالتالي لن يكون مفيداً، من وجهة نظرنا. نعرف ان وزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف سيتوجه الى الدوحة، اظن في غضون اسبوعين، هل ستستضيفونه ايضاً في عمان؟ - ايضاً، هذا شيء اسمعه للمرة الاولى. اشقاؤنا في دولة قطر لم يبلغونا بذلك. ونعتقد ان الامر لا يحتاج لمثل هذه الزيارات لاننا ندرك تماماً موقف الاممالمتحدة وقضية الخلاف بين اللجنة الخاصة لتدمير اسلحة الدمار الشامل بين العراق، ووجهة نظرنا معروفة في هذا الشأن، ونعتقد بأن ليس هناك ما يبرر مثل عقد مزيد من هذه اللقاءات حول هذه القضايا. كلامك مثير للحيرة لانك اجتمعت شخصياً بالسيد طارق عزيز ولكنك تتحفظ عن اللقاءات والزيارات، لا افهم ما القصد؟ - اذا كانت الزيارات من اجل الدعاية الاعلامية فهذا شيء نحن لا نقرّه، ولا يمكن لنا ان نعمل في هذا الاطار. الاخوة في العراق يعلمون ذلك جيداً، اما اذا كان الامر يتعلق بجوهر القضايا فان جوهر القضايا معروف ومحدد ومفهوم، والقضية ليست قضية بين العراق ودول الخليج بقدر ما هي قضية بين الاممالمتحدةوالعراق، واذا كان العراق يهدف الى حشد دعم دول الخليج لموقفه، فانا اعتقد بأن الاخوة في العراق يعرفون انه غير ممكن. فدول مجلس التعاون هي جزء من التحالف الدولي، وبالتالي فهي مع قرارات الاممالمتحدة، وبالتالي فهي تساند قرارات مجلس الامن. هل كان ذلك اول لقاء لك مع نائب رئيس الوزراء العراقي؟ ومتى كان آخر لقاء لك مع مسؤول عراقي في مستوى وزير خارجية او نائب رئيس الوزراء؟ - نحن دائما نلتقي مع وزير الخارجية على هامش اجتماعات الجامعة العربية او المؤتمر الاسلامي وعدم الانحياز وهنا في نيويورك، في الاممالمتحدة . طارق عزيز كما تعلمين لم يعد يساهم في مثل هذه المؤتمرات الدولية، وآخر لقاء لي معه كان سنة 1991 بعد غزوهم للكويت حينما طلب ان يأتي الى عمان ليشرح موقفه، وزار عمان، وفي ذلك الوقت نصحناهم بضرورة الانسحاب من الكويت قبل ان تبدأ الحرب، ولكنهم لم ينسحبوا، فوقع ما وقع. هل لمست لدى السيد طارق عزيز استعداداً للتعاون مع الامين العام للامم المتحدة السيد كوفي انان بما يؤدي الى تراجع العراق عن قرار 5 آب اغسطس الذي قضى بوقف التعاون مع اللجنة الخاصة، ام لمست رغبة في التصعيد؟ - لم نتحدث في كيفية عرضه لوجهة نظره مع الامين العام بالتفصيل ولكن ذكر ما هو معروف في تصريحاتهم الصحافية. اعتقد شخصياً ان العراق يرى ان هناك قضايا لا بد ان يحصل على مقابل لها، وفي اعتقادي انه يستخدم سياسة تكتيكية لان لليس للعراق خيار آخر غير التعاون مع الاممالمتحدة. ان اعضاء مجلس الامن ال 15 كذلك راغبون في ايجاد قاعدة من التعاون وانهاء هذا الامر، كما ان للعراق ايضاً اولوياته برفع الحظر عن الشعب العراقي. اتصور ان مزيداً من الحوار عبر الامين العام ربما يؤدي الى اتفاق حول اللجنة الخاصة لنشاطها في العراق. قلتم في منطقة الخليج في الماضي ان الخطاب السياسي العراقي المعهود والتقليدي، لا بد ان يتوقف قبل العودة الى التطبيع مع العراق. ما هو تقويمكم الآن للخطاب السياسي العراقي نحو جيرانه؟ وهل اتفقت مع السيد طارق عزيز اثناء لقائكما على اي اجراءات او خطوات ضرورية لترتيب البيت في المنطقة؟ - لم نتحدث في قضايا جوهرية وانما كان حديثاً في قاعة الوفود. العراقيون يشكون دائماً من مواقف الدول العربية، وبالتالي لم نبحث في تفاصيل معينة. الخطاب العراقي السياسي ما زال كما هو. هل تغير تقديركم لما يحدث، او وجهة نظركم نحو اللجنة الخاصة، بعدما توثّق، حتى على لسان سكوت ريتر، ان هناك علاقة استخبارية متبادلة بين اللجنة الخاصة التابعة للامم المتحدة واسرائيل؟ - ما نشرته الصحف وما ادلى به سكوت ريتر شيء لم يكن في حسبان كل الدول العربية بالنظر الى الحساسية الفائقة بين اسرائيل والدول العربية. ولكن من المعلوم ان اللجنة الخاصة تتعامل مع العديد من الدول الاخرى، منها دول عربية. اعتقد ان هذا امر لا ينبغي لنا ان نحمله على محمل الحساسية النفسية من الجانب العربي لانه يجب ان يكون الهدف للعرب رفع الحظر عن الشعب العراقي. ويتطلب ذلك انتهاء اللجنة الخاصة من برامج التفتيش وتقديم تقارير الى مجلس الامن لاستكمال اعمالها. اذا صح ان هناك "تبادل معلومات" فانه مع دولة لها غاياتها في اطار الموازين؟ - هذا صحيح، لكن اللجنة لجنة دولية ولا تدخل في اطار الخلافات او المواجهات او العداوات بين الدول المختلفة، فهي لجنة دولية تسعى الى ان تحصل على كل المعلومات. ما قرأناه في الصحف ان الاستخبارات الاسرائيلية ساعدت اللجنة وساندتها في كثير من المعلومات للتعرف على برامج العراق العسكرية، وليس العكس. في الكونغرس الآن مشروع قرار لدعم المعارضة العراقية من اجل اطاحة الرئيس صدام حسين هل تدعمون مثل هذا التوجه او هل تجدونه في غير محله؟ - هذا بدون شك تدخل في الشؤون الداخلية لبلد مستقل آخر. وهذا من الاشياء التي لا تتفق مع المبادئ الدولية. ولكن في عالم اليوم نرى مثل هذه الاشياء تحصل، نحن مثلاً في البلاد العربية عانينا من ان احزاباً تحكم في بلدان معينة تتدخل في شؤون دول اخرى. ماذا تقولون انتم كطرف خليجي صديق للولايات المتحدة وهذه منطقتكم في نهاية الامر؟ هل تقولون لهم خففوا من مثل هذه التوجهات على نسق دعم المعارضة واعلان العزم على اطاحة صدام حسين؟ ام تشجعونهم على ذلك؟ - لكل دولة سياساتها تنفذها لتكون في صالحها. معروف ان الولاياتالمتحدة لديها سياسة عدائية تجاه العراق. ان الولاياتالمتحدة، حماية لمصالحها كما تقول ومصالح اصدقائها، تقف موقفاً صلباً وموقفاً قوياً من العراق. أسأل عن موقفكم انتم. - موقفنا يتلخص في اننا نساعد قرارات مجلس الامن ونساند قرارات الاممالمتحدة. اما في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، سواء ان كانت عدائية او علاقات ودية فنحن لسنا طرفاً فيها. هل توافق عمان على العمل على اطاحة صدام حسين ام هل تودون التوجه نحو التعايش مع العراق بنظامه اذا لبى جميع قرارات مجلس الامن؟ - اننا نعارض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، هذا اولاً، ثانياً لدينا علاقات ديبلوماسية مع العراق، فالعراق لديه سفارة في عمان وعمان لديها سفارة في بغداد، والعلاقات بيننا وبينهم علاقات ربطت بين الشعبين قبل ان تربط بين الحكومات. الخلافات بين الولاياتالمتحدةوالعراق ليست جديدة. وقرار الكونغرس ليس بالجديد. لقد سبق للكونغرس ان طالب، بمثل هذه الاشياء ونحن نعلم ان المعارضة العراقية ليست معارضة ذات معنى وليست لديها قوة وان ما يقال ويتحدثون فيه يقع في اطار الدعاية السياسية. هل يطلب اليكم الاميركيون اي موقف معين نحو العراق في هذا المنعطف؟ وما هو تقديرك للسياسة الاميركية نحو العراق. اذ ان هناك كلاماً عن انقسام داخل الادارة الاميركية، جزء يريد احتواء التصعيد، وجزء يريد فعلاً التصعيد نظراً للحالة الشخصية للرئيس الاميركي، ماذا لديكم؟ - الله اعلم. نحن متفقون على مسألتين: الاولى انه لا بد للعراق ان يلتزم بقرارات مجلس الامن بحذافيرها. والثانية ان العراق يجب عليه ان يتعاون تعاوناً كاملاً شاملاً مع اللجنة الخاصة. كيف تصف الآن العلاقة العمانية - الايرانية في هذا المنعطف؟ - علاقة جيدة وودية وعلاقة تعاون وتفاهم. انها علاقة دائماً نرى فيها مزية الرسوخ على مدى اكثر من 30 سنة. فقد كانت علاقتنا دائماً علاقات ود وتعاون ومساعدة. ونحن ما زلنا نتذكر جيداً الدعم الايراني لنا في محاربة الشيوعيين في بداية السبعينات في الوقت الذي كان بعض الدول العربية يقف مع النظام الشيوعي الذي كان قائماً في اليمن الجنوبي. والحمد لله نحن انتصرنا على ذلك النظام. لذلك، هناك من العناصر الموضوعية التي تربط بين عمان وبين ايران، وعلى هذه العناصر الموضوعية بنيت علاقات قوية وعلاقات تفاهم. نحن نتفهم وجهة نظرنا في علاقات السياسية الخارجية والامور السياسة والمعتقدات الاخرى وبالتالي استطعنا ان نبني سياسة ودية بيننا. هل هناك دور لعمان في محاولة جمع الصفوف وتقريب العلاقات ما بين ايران ودول عربية سيما الدول الخليجية ومصر. هل تقومون بأية وساطات؟ - ليس هناك وساطة محددة، ولا اعتقد ان هناك حاجة لوساطة محددة ان العلاقات بين ايران وجيرانها، فيها كثير من المصالح المشتركة وفيها كثير من العناصر الايجابية. وكذلك الحال بين مصر وايران، فقد تطورت العلاقات في الفترة الاخيرة تطوراً جيداً، ما زال لكل طرف وجهة نظر معينة في بعض الموضوعات ولكن هذه يمكن التغلب عليها بالاتصالات الثنائية بين البلدين. وبالتالي موقفنا وسياستنا في هذا الاطار سياسة داعمة لكل توجه يصل بين بلدين مسلمين، دول الخليج وايران، وايران وجمهورية مصر العربية. تحيط الازمة الآن بين ايران وطالبان في افغانستان مخاوف من ان تلفت الامور وتقع مواجهة عسكرية. المساعي تبذل للاحتواء هل انتم جزء من هذه المساعي؟ وما هو تقديرك لتطور الامور في موضوع افغانستان؟ - نحن نتمنى لهذه الجهود ان تتوج بالنجاح وبالتوفيق لأن افغانستان بلد مسلم وشعبها شعب مسلم وقد عانت الكثير منذ عشرين سنة أو أكثر، ولم يبق شيء في هذه البلد غير مدمر، وبالتالي فإن ظهور حركة طالبان وسيطرتها على افغانستان نتمنى أن يكون مرد ذلك الى اصلاح الحال في افغانستان. ان أي حكومة يمكن أن تتولى المسؤولية في افغانستان يتطلب منها أن تكون قادرة وقابلة أن تقبل مبادئ العلاقات الدولية وأن تتعاون مع المجتمع الدولي وفق المبادئ والنظم وعلاقات حسن الجوار وما الى ذلك. إذا قبلت طالبان بهذا ودللت على التزامها بالفعل، اعتقد ان المجتمع الدولي برمته شرقه وغربه، يريد الاستقرار لافغانستان. ماذا عن احتمال الصدام العسكري؟ - أنا لا اعتقد ان صداماً عسكرياً وارد لأن طالبان لا تشكل تهديداً حقيقياً لايران. ان طالبان مجموعات من الميليشيات المختلفة. لكن ايران تتحرك في مناورات عسكرية على الحدود مع افغانستان. - لكل توجهاته، ولكن لا اعتقد ان الخلافات أو احتجاز طالبان عدداً من الايرانيين في افغانستان يمكن أن تؤدي الى نشوب حرب بالطريقة التي يصورها الاعلام. اعتقد ان القيادة الايرانية لديها من الحكمة ومن المزايا القيادية التي تجعلها تقدر الأمر تقديراً جيداً. كل ما هناك هو أنه إذا التزمت طالبان وشكلت حكومة ذات قاعدة عريضة وفق ما اتفقوا عليه في اجتماع الستة " اثنين، هم والدول المجاورة لايرانوافغانستان وكذلك الولاياتالمتحدة وروسيا الاتحادية، اذا قبلت بذلك وتم على أساس مساعدة من الأممالمتحدة، فيمكن لطالبان أن تكون حكومة وتكون هذه الحكومة عضواً في المجتمع الدولي وأن تتهيأ افغانستان لمرحلة الإعمار. منذ أقل من عشرين سنة كانت الدول الخليجية كلها على شراكة مع العراق في صد الثورة الاسلامية الآتية من ايران. اليوم العراق معزول فيما التقارب قائم مع ايران. أي غد ترى؟ أي ايران؟ أي عراق في المرحلة المقبلة؟ وأي عرب في موازين القوى في المنطقة علماً أن تركيا بخير في علاقتها مع اسرائيل، واسرائيل بخير نتيجة علاقاتها مع الولاياتالمتحدة، وايران تسعى ان تكون بخير، بينما العرب ما زالوا يبحثون عن أنفسهم. - ان الدول التي ذكرتيها لها الكثير من التجارب التي أعطتها حنكة سياسية في أن تتجنب كل المشاكل التي حصلت خلال السنوات العشرين الماضية. على سبيل المثال نرى ان هناك اتصالات بين ايرانوالعراق اللذين كانا قبل ذلك في حرب مدمرة. وكل من العراقوايران يتحدثان بتفاؤل عن مستقبل علاقات الجوار بينهما نحن لم نكن مع النظريات التي كانت تتخوف من الثورة الايرانية، ولم نكن طرفاً في أي تحالف ضد ايران. ولا اعتقد ان أياً من دول الخليج تحالفت مع العراق ضد ايران. في ذلك الوقت كان العراق في حالة حرب مع ايران وكان العراق هو الطرف الضعيف في هذه الحرب. وبعض الدول العربية رأى من الواجب الوطني والواجب القومي أن يقدم دعماً للعراق حتى لا يسقط العراق. العراق اختار بنفسه الوضع الذي هو فيه والعراق هو الذي سيختار لنفسه الوضع الذي سيكون فيه في المستقبل. كيف يمكن الجمع بين العلاقة الأمنية التي تحاول ايران صياغتها مع الدول الخليجية وبين احتجاجها على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة؟ - أي دولة لا تكون لديها علاقات طبيعية مع دولة أخرى تعترض على تصرفاتها في المناطق التي تكون قريبة منها. فاعتراض ايران على الوجود العسكري الغربي والأميركي بالذات أمر طبيعي. نحن لا نرى في هذا شيئاً غير طبيعي. انه أمر طبيعي لأنه لا توجد علاقات طبيعية بين ايرانوالولاياتالمتحدة، بل على العكس، هناك شيء من عدم الثقة. ولكني اعتقد ان هذه لن تدوم. فعالم اليوم هو عالم المصالح والسياسة تتغير بتغير المصالح. الرئيس الايراني سيد محمد خاتمي دعا في خطابه امام الجمعية العامة الى بناء تعاون امني، بين الدول الخليجية وايران، كيف يمكن ذلك في ضوء العلاقة الامنية بين الدول العربية الخليجية والولاياتالمتحدة؟ - انا اعتقد ان المطلوب هو الاتفاق على قضايا تتعلق باستقرار العلاقات بين طرفين، وليس كما تعتقدين، بتعاون امني بمعنى انه قيام احلاف او تكتل ضد اي طرف آخر. بطبيعة الحال ان عدم الاستقرار والعلاقات السياسية تؤثر على التوجهات العامة. ورأينا في الفترة الاخيرة ان هناك تقارباً نحو تثبيت استقرار العلاقات السياسية والاقتصادية بين دول مجلس التعاون وإيران. وهذا الامر دعمته كل الدول الخليجية وتسعى لتثبيته. كذلك ان وجهة نظر القيادة الايرانية هي ان الظروف الآن مناسبة ومواتية لتثبيت حالة العلاقات بين دول مجلس التعاون وإيران على اساس من حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون الايجابي المفيد وتنظيم المصالح المشتركة وإيجاد قاعدة من الثقة بين الطرفين. اتُهمت ايران بأنها دعمت ما يسمى بأطراف ارهابية في اكثر من دولة عربية. هل تحتج على هذا الاتهام؟ وهل ترى ان هنالك علاقة غير مقبولة بين ايران والسودان في الاطار ذاته الذي يقع تحت ما يزعم انه دعم الارهاب؟ - شيء طبيعي ان تكون كل دولة تتبنى مبادئ ثورية موضع شك من قبل الدول الاخرى. وأعتقد ان ما يقال في هذا او عدم رضا او عدم موافقة اطراف دولية معينة تجاه البلدين المذكورين يأتي في هذا الاطار. ولكن لا بد ان نعرف ان ايران، مثلها مثل اي ثورة في العالم، تأخذ منحنيات وتطورات خلال مسيرتها، وليس من المستغرب ان تنحو الثورة الايرانية منحى معاداة انظمة رأسمالية. وأنظمة تعمل في هذا الاطار. ولكن الثورة الايرانية مضى عليها الآن اكثر من 20 سنة، وأعتقد انها قد استقرت. وكلنا رحبنا بالتوجهات الجديدة لسياسة الحكومة الايرانية برئاسة الرئيس خاتمي. وأعتقد انها سياسات حقيقية وليست سياسات فقط لمجرد انها اطلقها الرئيس خاتمي، وانما سياسات بنيت من منطلقات رغبة الشعب الايراني والقيادة الايرانية في ان ايران لا بد ان تلعب دوراً عالمياً، وينبغي لها ان تكون هناك علاقات وجسور بين الثقافات والحوار بين الثقافات. وأعتقد ان هذا هو الطريق الصحيح. هل تعتقد ان الولاياتالمتحدة اخطأت بضرب السودان وأخطأت الهدف وإذا اخطأت فهل عليها الاعتذار والتعويض؟ - دائماً الناس تقول ان الخطأ هو الطريق الى الصواب. الولاياتالمتحدة بنت قرارها على معلومات لديها. وأعتقد ان اي دولة تهدد مصالحها ولديها من الامكانات ما يمكن ان تدافع بها عن مصالحها، لا بد ان تدافع عن مصالحها بالطريقة التي تمليها الظروف في تلك اللحظات. على كل حال، رب ضارة نافعة، وأعتقد ان هناك توجهاً الى ان هذه القضية تحل في الاطار الثنائي بين السودان والولاياتالمتحدة. ماذا يحدث؟ - هم لهم الخيار في ذلك. وأتصور انها ليست قضية من القضايا المعقدة في هذا الشأن وكل الذي نسعى اليه هو ان يقوم حوار بين الاطراف المتخالفة او المتعارضة او المتباينة. ماذا تتوقعون على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي من المفاوضات في الاسبوعين المقبلين. - يبدو ان هناك توجهاً نحو كسر الجمود بمعنى ان الجانب الاسرائيلي تيقن الآن ان الجمود ليس من مصلحته. نأمل باستجابة اسرائيل للمطالب التي هي ليست فقط فلسطينية ولكن مطالب العالم كله، بأن تلتزم بما وافقت عليه الحكومة السابقة. ولكن هناك ايضاً ظروف حقيقية لا بد للانسان ان يتعامل معها. وبالتالي فان الترتيبات التي جاءت حول المبادرة الاميركية والانسحاب من مساحة 13 في المئة من الضفة الغربية ثم اعادة جدولة المرحلة الانتقالية هي في الاتجاه الصحيح. ونحن نأمل بأن يؤدي هذا الى خلق علاجات روحية جديدة في العلاقات في اطار العملية السلمية. وطال الزمن ام قصر اسرائيل، لا بد ان تنسحب من الأراضي العربية. هل توافقون مع سورية ان تركيا فعلاً تشكل مصدر خطر على الأمن العربي بتقوية علاقتها العسكرية مع اسرائيل؟ - على كل حال، كما يقول المثل، صديق عدوك عدوك فاسرائيل وسورية ما زالتا في حالة حرب، وبالتالي اذا ظهرت صداقة بين تركيا وبين اسرائيل، فبالتأكيد نحن ننظر اليها من هذا المنظور الى ان تتغير الظروف. تركيا بكل تأكيد دولة كبيرة مهمة ودولة جارة للمنطقة العربية، ولا يتوقع العرب منها ان تأخذ موقفاً عدائياً تجاه اي دولة من الدول العربية. تركيا عندها مشاكل. من واجب العرب ان يتفهموا مشاكل تركيا وأن يتعاونوا في اخراج تركيا من هذه المشاكل. هذه هي الروحية التي نرى انها يجب ان تكون في العلاقات بين الدول العربية ودول الجوار.