أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    محافظ أبو عريش‬⁩ يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثالثة للعام ١٤٤٦ه    وزير المالية: نمو الناتج المحلي 64% و«غير النفطية» تقفز 154%    بلاك هات تنطلق في ملهم بمشاركة 59 رئيس قطاع أمن السيبراني    إسرائيل تقصف وسط بيروت لأول مرة    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من أمير دولة الكويت    رئيس «اتزان»: 16 جهة مشاركة في ملتقى "التنشئة التربوية بين الواقع والمأمول" في جازان    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    زيارة رسمية لتعزيز التعاون بين رئاسة الإفتاء وتعليم منطقة عسير    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة    نائب وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 21    الخريف يبحث تعزيز التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين مع تونس وطاجيكستان    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    العراق يشهد اجتماعًا ثلاثيًا حول أهمية الحفاظ على استقرار وتوازن أسواق البترول العالمية    يايسله يطلب تعاقدات شتوية في الأهلي    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الغرافة    تنفيذ 248 زيارة ميدانية على المباني تحت الإنشاء بالظهران    أمانة الشرقية : تطرح فرصة استثمارية لإنشاء مركز صحي لعلاج حالات التوحد والرعاية الفائقة    مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة يحصد 4 جوائز للتميز في الارتقاء بتجربة المريض من مؤتمر تجربة المريض وورشة عمل مجلس الضمان الصحي    «الإحصاء»: الرياض الأعلى استهلاكاً للطاقة الكهربائية للقطاع السكني بنسبة 28.1 %    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    سجن سعد الصغير 3 سنوات    حرفية سعودية    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    حكايات تُروى لإرث يبقى    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    ألوان الطيف    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    خسارة الهلال وانتعاش الدوري    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    القتال على عدة جبهات    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن علوي ل«الحياة»: الكل يتصدى لمحاولات إثارة الفتنة المذهبية بين إيران ودول الخليج والحرب ليست واردة وإغلاق هرمز مستحيل
نشر في الحياة يوم 09 - 10 - 2010

أكد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العُمانية، يوسف بن علوي بن عبدالله، أن إيران والولايات المتحدة تريدان التوصل الى صيغة تفاهم لمعالجة أزمة الملف النووي الإيراني، وترحبان بالدور العُماني ضمن سياسة الأبواب المفتوحة، وإبقاء قناة حوار بين الجانبين.
وفي حديث الى «الحياة» أجري في مسقط، استبعد بن علوي حرباً على إيران، معتبراً أن إغلاق مضيق هرمز مستحيل. ووصف محاولات لإثارة الفتنة المذهبية بين إيران ودول الخليج بأنها «كالفيروس الذي يهاجم الجسم، ونحن نعرف مَن وراءها، والكل يتصدى لها». وأعرب عن اعتقاده بأن هذه المحاولات «الخارجية» ستفشل.
ولفت الى أن خيارات السلام في الشرق الأوسط «لم تُستنفد بعد»، مشيراً الى أن كل الضغوط الدولية تستهدف إسرائيل الآن، بسبب الاستيطان.
وحضّ اللبنانيين على عدم تضييع نتائج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الأسد لبيروت، ووضع مصالح لبنان قبل مصلحة أي طرف.
وهنا نص الحديث:
خطاب السلطان قابوس بن سعيد في الرابع من الشهر الجاري شدد على «تغيّر الحياة في عُمان»، وعلى مسيرة النهضة. ما الجديد في الخطاب هذه السنة؟
- الجديد أن النهضة حققت أهدافها، وأن خطاب صاحب الجلالة يشير الى المرحلة المقبلة لاستمرار المسيرة في تحقيق أهداف إضافية، بخاصة أن الخطاب الذي يذكّر ببدء المسيرة في مدينة صلالة في ذلك الوقت، كان يخاطب جيلاً من العُمانيين بنيت على أكتافهم هذه المسيرة، والآن يخاطب جيلاً جديداً من العُمانيين الذين أتيحت لهم فرص واسعة بالتطور والعلم، ويتحدث الى الجيل الشاب الذي سيتحمل أعباء المسؤولية الجديدة لهذه المسيرة.
هل هناك في الظروف الحالية إقليمياً ودولياً، عوامل داخلية تعوق مسيرة النهضة في عُمان؟
- ليست هناك عوائق داخلية على الإطلاق، بل العكس، فكل ما في الخطط الإنمائية، الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية، هو ضمن الخطط المطبقة، وسينقل السلطنة الى آفاق أوسع. عادة، ما يسعى إليه صاحب الجلالة هو خطط ثابتة تعدّ للمستقبل برؤية واضحة، ونحن لا نذهب الى القفزات، بل الى التدرج مع التطور الإنمائي للإنسان.
ليست هناك أي عوائق بسبب ما ذكرتم من ظروف إقليمية ودولية، وبسبب النظرة الى المستقبل وتنظيم الإنفاق وتطوير الإمكانات ودعم الاقتصاد من مصادر النفط الى مصادر متعددة، لم تتأثر السلطنة على الإطلاق بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وكل المشروعات الضخمة والمتوسطة ما زالت قيد التنفيذ كما خُطِط لها.
هل توافق على أن أكبر تحدٍ في مسيرة التنمية وبناء الدولة العصرية، هو البطالة في صفوف الشباب؟
- نحن لا نستخدم كلمة بطالة، ونعتقد بأنها ليست الكلمة الصحيحة، وإنما نستخدم تعبير الباحثين عن العمل، وهذه ليست مشكلة حكراً على عُمان. هناك الآلاف من العُمانيين والوافدين الذين يدخلون سوق العمل، والحكومة تحرص على إيجاد الخطط وفتح آفاق لزيادة عدد المستثمرين من الشباب في قطاعات مختلفة، خصوصاً في قطاع الخدمات. لقد وضِعت خطط لاستيعاب أكبر عدد ممكن من خريجي الجامعات العُمانيين، كلٌ بحسب قدراته، والشركات الكبيرة التي تسجل في سوق الأوراق المالية أو شركات الاستثمار مثلاً تستوعب عدداً كبيراً من المستثمرين الصغار.
طبيعة المناسبة التي ألقى فيها السلطان قابوس بن سعيد خطابه، هل تفسر عدم تطرقه الى دور عُمان ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، الذي يُعتقد بأن وتيرة مسيرته ما زالت بطيئة أو ليست بالسرعة الكافية؟
- تقليدياً في عُمان، في مثل هذه المناسبات، يكون التركيز على الشارع العُماني، ونحن نعتز وإخواننا في مجلس التعاون بما نقوم به في شكل مشترك، وهناك جهود لدعم تكامل المجلس ضمن الخطط الإنمائية لكل الدول الأعضاء.
ما يمكن أن نتحدث به عن مجلس التعاون هو ما يصدر عن القمم الخليجية التي تُعقد سنوياً، ويكفي أن يعبّر القادة جميعاً عن آمال شعوبهم وطموحاتهم في ما يمكن أن يحققه مجلس التعاون ضمن الوتيرة الممكنة. إن ما يُبذَل في الإطار الجامعي من جهود مشتركة هو روافد للعمل الوطني في كل من الدول الأعضاء.
تولت عُمان وساطة أدت الى إطلاق الأميركية سارة شورد التي كانت معتقلة في إيران. هل هذه الوساطة ستُستكمل لإطلاق أميركيين آخرين معتقلين في إيران، مَن دفع الكفالة المالية التي أدت الى إطلاق شورد؟
- هذا الإطار كان مستمراً منذ زمن، ولولا أن هناك رغبة لدى الإدارة الإيرانية كي تبذل ما هو ممكن للبحث في ما تُتهم به من مواقف سلبية من قبل دول غربية، لما أمكن أن يتحقق هذا الشيء (إطلاق الأميركية). هناك أيضاً رغبة أميركية في ألا يكون كل الأبواب موصداً، على قاعدة أن الأبواب المفتوحة، أي الحوار والاتصالات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، قد تفيد وتنجز بعض الأشياء. هذا ما حصل وما نحن لا نتردد من حين الى آخر، في أن نكون فيه، وهو قائم على أهمية الحوار بين المتخاصمين، وإن لم يكن ممكناً في شكل مباشر، فبمثل هذه الوسائل التي تخفف الاحتقان، وتؤدي الى انفراج إيجابي في فهم كل طرف قضايا الطرف الآخر.
أما ما أُثير في الإعلام عن دفع فدية، فهذه ليست فدية، بل هناك إجراءات قضائية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتطلب مثل هذا الأمر الذي قد تجاوزناه وهو بسيط. نحن نستغرب لماذا تُترك كل الجوانب، وتثار هذه المسألة التي لا تساوي شيئاً ولا يمكن أن تكون الحدث الأساس، لا من الجانب الإيراني ولا من الجانب العُماني ولا الأميركي.
مَن دفع كفالة شورد؟
هل الجانب الأميركي هو الذي دفع الكفالة المالية؟
- لا نعوّل على هذا ولا نعتبره مسألة مهمة، حتى يمكن أن نقول إن هذه الأموال اقترِضت، أو هي تبرع. هذه المسألة اقل من ثانوية، والمهم ان هذا الإجراء أوجد حالة بسيطة من الرغبة بين الولايات المتحدة وإيران، لاستكشاف وسائل قد تساعد في تخفيف التوتر بينهما.
هذا الدور العُماني، هل يمكن أن يتطور ضمن سياسة النافذة المفتوحة الى قناة حوار ووساطة بين واشنطن وطهران، لتسوية أزمة الملف النووي؟
- لنا علاقات إيجابية تتصف بالثقة الكبيرة بين سلطنة عُمان وكل من الولايات المتحدة وإيران، والأكيد أن هذا الدور مرحب به وموثوق به من الطرفين. ندرك عمق المشكلة بين إيران والغرب عموماً، ونفهم أبعادها والصعوبات التي تكتنفها، وبعضها يصعب التغلب عليه لأنه يتعلق بسياسات استراتيجية.
عندما تكون هناك فرصة يمكن اغتنامها (للتوسط)، لا نتردد في ذلك إذا أبدى الطرفان رغبة في اغتنام هذه الفرصة، بالتالي هذا نوع من الحوار الذي لم يكن حدثاً منفصلاً، بل ضمن إطار تلك العلاقات. وعلى مدى سنين طويلة، ليست هذه المرة الأولى (لوساطة عُمانية) ولا الثانية ولا العاشرة، هذا بدأ منذ عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ومن ثم بوش الأب وبوش الابن ومنذ عهد الرئيس محمد خاتمي، حتى الرئيس محمود أحمدي نجاد.
في كل الاتصالات التي نحن مستمرون فيها، الرئيس نجاد إيجابي ونتحدث عن علاقات الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة في شكل خاص، لكن لكل أمرٍ ظروفه، وبمقدار ما نقول إن نجاد إيجابي في توجهاته ورغبته في الوصول الى حل، هو كما يقولون يكون فيه الكل رابحاً. هناك أيضاً رغبة مماثلة لدى الغرب، لكن الأمر يكمن في تسوية بعض القضايا التي تعقدت في الماضي، والتسوية ليست سهلة، لكن استمرار الحوار والاتصالات واستخدام كل الوسائل الممكنة لتخفيف التوتر وعدم دفع الأطراف الى المواجهة، هو ما نفعله، وسيقود الأطراف الى نوع من التفاهم. فكل الأطراف في هذه المسألة (الغرب وإيران) راغب في التوصل الى صيغة تفاهم ما زالت خارج المتناول.
وهل يمكن القول إن هناك تفويضاً غربياً لسلطنة عُمان للعب دور قناة الحوار مع إيران؟
- لا، ليس هناك تفويض في علم السياسة، التفويض هو للمحامين، ولن نسعى الى تفويض لنعود الى عالم الحماية والاستعمار. هذا الأمر ولّى زمنه، وأعتقد بأن الثقة والصدقية اللتين تعرف بهما سلطنة عُمان، تبرران هذه الرغبة (في وساطتنا). نحن مستعدون لكل ما من شأنه تخفيف التوتر في العلاقات الإقليمية والدولية.
نجاد والصفحة الجديدة
الرئيس أحمدي نجاد طلب من عُمان أن تتدخل أو تحاول لدى الجانب الأميركي، لإطلاق إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة.
- هذا الحوار نرحب به، والرئيس أحمدي نجاد كان إيجابياً في تأكيد رغبة إيران في فتح صفحة جديدة، لإيجاد حلول لكل القضايا التي ما زالت عالقة.
وندرك التعقيدات الداخلية في الولايات المتحدة، فالسلطات ليست كلها في يد الإدارة الأميركية، بل هي متعددة الأصناف والألوان بين الإدارة وأجهزتها وبين الكونغرس وما يُعرف باللوبي. كل هذه وسائل موجودة تعرقل في كثير من الأحيان ما هو صالح، ولا تمكّن الإدارة من أن تتخذ الإجراء الذي يخدم مصلحة الولايات المتحدة ومصلحة الشعب الأميركي. هذا لا ينطبق فقط على قضية العلاقات المتوترة بين أميركا وإيران، بل كذلك على كل الملفات التي تدخل أميركا طرفاً فيها، سواء في أميركا الجنوبية أو آسيا أو الشرق الأوسط. المدرسة الأميركية معروفة بين شد وجذب، ونأمل من الأجيال المقبلة من الأميركيين الذين يتولون السلطة، في الكونغرس والإدارات المتعددة، أن يفهموا أن هذا النوع من السياسات لا يفيد في شيء، وأن الأجدى حوار مبني على الاحترام المتبادل، والمصالح المشروعة المتبادلة مع دول العالم.
إيران لوّحت مرات بأنها قادرة على إغلاق مضيق هرمز، في حال تحولت الأزمة مع الغرب الى صدام. هل احتمالات المواجهة الأميركية – الإيرانية تزداد أم تتراجع؟
- لا يمكن إيران أن تخنق نفسها، تجارتها كلها تمر عبر مضيق هرمز. بعض المسؤولين في إيران ربما تحدث بهذه الطريقة فقط من باب التحذير أنه إذا أُغلِقت الأبواب على إيران، فستغلق على الآخرين هذا الباب (المضيق).
من الناحية العملية، يصعب إغلاق المضيق بعوائق مائية، وإذا حصل، لا سمح الله، أي شيء من التوتر العالي، ستتأثر كل نشاطات الاقتصاد والتجارة الدولية. لا أعتقد بأن إيران تريد لهذا أن يحدث، ولا نحن نريده ولا الشركاء التجاريين لدول منطقة الخليج، وهناك جهود متضافرة لمنعه.
هناك مراقبون يعتبرون أن مواقف بعض الدول العربية الخليجية تشجع إيران على أن تطرح نفسها حامية لأمن الخليج، وهناك من يستنتج أن إيران الثورة تلعب الآن دور الشرطي الذي لعبته في عهد الشاه...
- الأمن في الخليج ليس ملكاً لأحد. هو مرتبط مباشرة بمصالح العالم، وأنا لم أسمع من الجانب الإيراني أنه ينوي أو يخطط ليسيطر على وسائل الأمن في الخليج، أولاً لأن هذا مستحيل. لا يمكن أن يكون الأمن في يد طرف دون الآخرين، وأمن الخليج معناه أن يكون كل الأطراف في المنطقة على وفاق، وهذا لا يتطلب من عُمان أو أي دولة أن تمتلك أساطيل كي تكون موجودة في كل بقعة في مياه الخليج.
هذا ليس أمناً، الأمن الحقيقي أن يكون هناك توافق بين مصالح الجميع على تفادي أي اضطراب في هذه المياه الدولية المفيدة للتجارة الدولية. فالمنطقة مهمة للعالم ولاقتصاده بكل أبعاده. ولا أعتقد بأنهم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يدركون استحالة أن يكون الأمن تحت سلطة دولة واحدة. ما نفهمه ويدرسه جيراننا الإيرانيون هو أهمية وجود تعاون وعلاقات طبيعية بينهم وبين جيرانهم العرب، وحتى الآن لم نصل الى هذه المرحلة، لأسباب بينها مثلاً الحرب في أفغانستان والوضع في العراق، وبعض القضايا الصغيرة التي لم تُحل بين دول الخليج وبين جيرانها، وبين إيران ودول الخليج... هناك سلّة كبيرة من المشكلات ستحل في المستقبل، ولكن في هذه الفترة تظهر وطأة عامل الأمن بسبب وجود مثل هذه المشكلات.
ضمن سلّة الأزمات من الخليج مروراً بالشرق الأوسط، يطغى الحديث عن تمدد أو تفشي روح مذهبية في المنطقة. في الكويت قضية المسّ برموز دينية، في البحرين أعلِن إحباط مخطط تخريبي. السؤال المطروح: هل تمدد الروح المذهبية بات حتمياً؟
- لا أعتقد، إنما هذه بعض التأثيرات أو المشكلات الموجودة في المنطقة. أي ان مشكلة تُثار تتفرع منها مشكلة صغيرة، وهناك من يعتقد أن بإمكانه في مثل هذه الظروف الصعبة أن يوجِد لنفسه مكانة. دول المنطقة تدرك أن ليس من مصلحة الجميع السكوت عن هذه الأشياء، فالكل يتصدى لها، دول الخليج بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعي ذلك جيداً، وأن مَنْ هم وراء مثل هذه المسائل، عناصر خارجية تريد أن تزيد الفِرقة بين الدول المتجاورة في الخليج، وأن تخلق هذه الفتنة المذهبية. وإذا نظرنا الى ما حصل في الكويت، نجد وراءه شخصاً واحداً أتى من الغرب، وبالنسبة الى البحرين فالذين يديرون الأزمة وراءهم وسائل إعلام غربية ومركزهم بريطانيا، ولن يكون لهذا تأثير. الذين هم وراءه يقصدون إشاعة الفتنة بين دول المنطقة، إيران ودول الخليج، وبين إيران والعراق. هذه اللعبة مكشوفة وأصحابها معروفون، ولن تتمكن من شيء.
تقصد دوائر سياسية محددة في الغرب؟
- دوائر سياسية لها علاقة بأمور خارج هذه المنطقة، وباعتبار منطقة الخليج منطقة حيوية في الوطن العربي، تهاجم هذه الفيروسات الجسم السليم، ولن تقدر عليه.
هناك من يعتبر أن صعود إيران ومدّ نفوذها الإقليمي، مستفيدة من قدراتها النووية شكلا تربة خصبة لهذه المناخات المذهبية، ضمن مقولة «حماية» أو «وصاية» إيران على الشيعة في العالم والمنطقة العربية.
- هذه السموم تأتي من أطراف لها مصلحة في إثارة الفتن، هم ناس معروفون وفتنتهم ممتدة الى أكثر من ناحية في البلاد العربية. فالمذهب الشيعي والمذاهب الأخرى الإسلامية ليست أيديولوجيا جديدة.
هذه عقيدة، وهي ليست من اليوم، إنما هناك من يستغل ضعاف النفوس في المنطقة وخارجها لاختلاق هذه الأفكار. مثلاً ذلك الرجل الكويتي وأعتقد بأنه شيعي المذهب الذي تعرض للسيدة عائشة عليها السلام، فجاءت من إيران فتوى أصدرها سماحة المرشد (خامنئي) في الإطار الصحيح (تحريم التعرض لرموز السنّة). هؤلاء الناس ليست لهم صلة بالإسلام ولا بالمسلمين.
بالعودة الى أمن الخليج، تصرّ إيران على أنها قادرة ودول مجلس التعاون على حماية أمن المنطقة، من دون وجود الأساطيل الغربية والوجود العسكري الأميركي في مياه الخليج.
- ليس هناك أحد يرغب في أن يكلّف نفسه ما هو ليس في حاجة إليه. التوتر القائم الآن يصيب المشكلات الموجودة في أفغانستان والعراق، فهي نتاج ظروف ومناخات دولية، وبزوال هذه المشكلات سنرى الظروف مختلفة. ثم إن أمن الخليج ليس مسؤولية عسكرية بحتة لدولة كبيرة أو صغيرة، وينبغي أن يكون مبنياً على الفهم المشترك لمعناه، أي المصالح المتبادلة والمشروعة بين ضفتي الخليج. ومتى حصل ذلك، لن يتحدث أحد عن أمن الخليج، فبهذا يكون مستقراً. ما يحول دون ذلك حتى الآن هو الأحداث في العراق والأزمة مع إيران والأحداث المؤسفة في باكستان وغيرها من المشكلات، سواء كانت محيطة بنا مباشرة أو بعيدة بعض الشيء. وهناك أيضاً حجم المصالح الكبيرة في المنطقة للاقتصاد العالمي، وإذا تجاوزنا مسألة الوجود العسكري الغربي في الخليج، فلنسأل عن بحر العرب حيث تنتشر عشرات الأساطيل الغربية والعالمية لمواجهة القرصنة التي تعرّض التجارة العالمية للخطر، بالتالي أينما يهدد الخطر التجارة العالمية ومصالحها، سنجد مثل هذا الوجود (العسكري الغربي) الذي أعتقد بأنه يقلل الخسائر والمصاعب.
لسنا قلقين من هذا الوجود، حتى جيراننا الإيرانيون عندما نتحدث إليهم، يتفهمون، والموجودون هنا في مياه الخليج يفهمون أهمية عدم اقترابهم من المياه الإقليمية. إن تضخيم هذه المسألة يأتي في ظل عدم توافق الآراء، وعندما يتحقق التوافق، هذه الحال ستنتهي. نحن لا نريد أن نرى أصدقاءنا أو شركاءنا التجاريين قد أقحموا في خلافات تؤدي الى ما لا تحمد عقباه، وهذا ما نعمل لمنعه.
في ظل التوتر الأميركي – الإيراني أو الغربي – الإيراني المتزامن مع إشاعة أجواء مذهبية في المنطقة، ألا تخشى عُمان اختراقاً ما، أو تسللاً لهذا المناخ؟
- قلت إن مَن يثيرون هذه النعرات المذهبية ليسوا من المنطقة، بل يعملون في الخارج لأهداف سياسية في أماكن أخرى، ونحن نعرفهم. ولأكن أكثر وضوحاً أقول مثلاً كلما تعقدت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ظهرت تلك المحاولات، وحين تكون المفاوضات مستمرة، تتراجع النعرات.
السودان ينتقل سريعاً الى مرحلة التقسيم، هل يمكن النظام العربي أن يفعل شيئاً لمنعه، أم أن الاستفتاء شأن داخلي ودولي تحت سقف الضغوط الغربية؟
- السودانيون بملء إرادتهم اتفقوا على الاستفتاء ليقرر السودانيون في الجنوب هل يريدون الاستمرار في مسيرة الوحدة أم الانفصال، وهذه مسألة لن تُحسم بطريقة مثالية، لكن المسألة هي أن ينظر السودانيون الى ما هو في مصلحتهم، في ظل هذا الانفلات السياسي في كل بقاع الدنيا. إذا كان هدوء السودان رهناً بوجود دولة في جنوبه فليكن، فإذا كانت لديك مشكلة في أحد أطرافك ستؤثر في الجسم، يُبتر هذا الطرف.
حتى لو أدى الى التقسيم؟
- يدرك السودانيون استحالة استمرار الحرب في البلد الى ما لا نهاية، ثم ولو صارت هناك دولتان، ينبغي أن تكون بينهما من العلاقات والمصالح ما يجعلهما وكأنهما متحدتان. المصالح هي التي ينبغي أن تسوّي هذه القضية برضا الطرفين.
ألا يُخشى تكرار السيناريو ذاته في دول أخرى عربية، مثل الصومال أو حتى اليمن إذا استمر التأزم مع «الحراك» في جنوبه؟
- كل أمر مرهون بأهله، إذا انقسموا سيواجهون ما يخشونه، وإذا اتفقوا على ألا يعطوا فرصة لأحد، حالوا دون ذلك. الله سبحانه وتعالى لا يرسل الملائكة ليحرسوا الأرض، بل يرسل العقول النيّرة، العقلاء من الناس.
أين دور الجامعة العربية كمظلة جامعة، وأين دور النظام العربي؟
- لا ينبغي أن نتساءل عن النظام العربي، فأهل البلد إذا أرادوا أن يتفقوا فليتفقوا ويحافظوا على ما لديهم من قواعد وأسس، والنظام العربي لا يستطيع أن يفعل شيئاً إذا كانوا غير متفقين، سواء في السودان أو الصومال أو أي بلد.
حتى في لبنان؟
- في أي مكان، ينبغي أن يكون الأصل اتفاق أهل البلد لأنهم هم أهل المصلحة الأولى، ولا يفرض عليهم أحد أو لا يفرض طرف على طرف، ولا يُستخدم النظام العربي لفرض رأي طرف على آخر. ينبغي أن نشجع الجميع على أن تكون بينهم قاعدة من قواعد الوفاق ومصلحة الجميع هي في الاتحاد وليس الانفصال.
لبنان وأزمة المحكمة
ما يواجهه لبنان اليوم، أزمة المحكمة الدولية والقرار الظني المرتقب، اعتبِر مؤشراً الى بداية انهيار لاتفاق الدوحة، ألا تخشون تمدد «النموذج» العراقي الى لبنان؟
- لبنان يمثل لجميع العرب جوهرة ينبغي الحفاظ عليها، وآن الأوان لتكون في هذا البلد ثقافة غير تلك الموجودة. وقد وجدت بعض الأسس لثقافة جديدة في المنطقة وضمنها لبنان، أول هذه الأسس هو مؤتمر الطائف وما بذله المرحوم الملك فهد بن عبدالعزيز لمصلحة جميع اللبنانيين وليس لمصلحة طرف واحد، ثم حصل ما حصل والكل يعرف حقبة الحروب، وجاء اتفاق الدوحة وأخرج لبنان في تلك الظروف من محنته الى مسار جديد يضاف الى (اتفاق) الطائف. ثم بدأت مرحلة المحكمة وغيرها وجاء جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الأسد (الى بيروت)، ولبنان من الحالات النادرة في العالم التي ينبغي أن يتمسك بها اللبنانيون ولا يضيّعوها.
ما فعله خادم الحرمين الشريفين من أجل لبنان ينبع من محبته للبنان وإيمانه القوي بالأمن العربي، والمصالح العربية والوحدة العربية. وأن يذهب الى دمشق ويأتي هو والرئيس بشار الأسد (الى بيروت)، ينبغي التمسك بنتائجه، وألا يضيّعوه بسبب حالة هنا أو تصريح من هناك.
لكن هناك فريقاً لبنانياً يصرّ على إلغاء المحكمة...
- ينبغي ألا يصر أي فريق على شيء ضد مصلحة لبنان، مصلحة البلد أولاً وكل ما يقال عن المحكمة وشهود الزور والقرار الظني ومذكرات التوقيف، مسائل لا تزال في حكم الاجتهاد. ولماذا يسارع الناس الى الحكم على كل شيء قبل أن يصل الحكم (في المحكمة) الى موضع، حتى لو جاء حكم ما وفيه ضرر لأحد يمكن أن يتلافاه العقلانيون وأن يستعينوا بإخوانهم. يجب ألا يعطوا الناس أحكاماً مسبقة على أمور لم تصل الى نهاية، وإذا لم يتمسكوا بما عاونهم به إخوانهم، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين، فمن سيأتي مرة أخرى؟
فريق «حزب الله» والمعارضة سابقاً هو الذي يصرّ على...
- فريق يقول هذا الفريق وآخر يقول هذا الفريق، ولكن أليس لديهم عقلاء؟ هم ارتضوا أن يكون فخامة الرئيس ميشال سليمان، الفيصل والمرجع، ويجب الحفاظ دائماً على شعرة معاوية، وأن يبقي الجميع نوعاً من المودة (حيال الآخر)، فلا يتحدث لينفّس ما في القلوب، بل يترك بعض الأبواب مواربة.
هناك مخاوف عند لبنانيين من احتمال سيطرة «حزب الله» وحلفائه على مؤسسات الدولة استباقاً لصدور قرار ظني يتهم الحزب بالضلوع باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري؟
- أعتقد بأن في «حزب الله» عقلاء يدركون عواقب مثل هذا التحرك، وأفهم بعض التحفظات من هنا وهناك إثر التجربة المريرة التي مر بها لبنان وجميع الفرقاء، لكن هذه التحفظات سلبية. من مصلحة «حزب الله» وكل الأحزاب أن يكون لبنان مستقراً ومتعاوناً وعندكم البرلمان والحكومة والتقاليد المتعارف عليها، ولبنان يستوعب كل جديد. أنا لا أعتقد بأن أحداً في البلد يريد أن يعود «حزب الله» مجدداً الى استخدام السلاح، ولا أعتقد بأن الحزب يهوى استخدام السلاح، فلماذا هذا الوضع إلا إذا كانت هناك أيد تتلاعب (بالأمن) ويجب أن تُقطع.
المقصود أيدٍ خارجية؟
- خارجية طبعاً، قلتُ إنه كلما تعقدت المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، زادت نظرة الفتنة في البلاد العربية، وكلما خفّت التعقيدات خفّت هذه النظرة.
المسار الفلسطيني
الاستيطان الإسرائيلي أحبط سريعاً كما كان متوقعاً، المفاوضات مع الفلسطينيين. أي بديل إذاً في هذه المرحلة؟
- الله أعلم. إذا نشأ اتفاق على البحث عن بدائل فهي موجودة، لكن الدول العربية بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية ما زالت متمسكة بالسلام بوصفه خياراً استراتيجياً. وإذا لم تنجح، إحدى حالات هذا الخيار، يمكن التفكير في وسائل أخرى، في إطار المنظور ذاته، فخيارات السلام لم تُستنفد، بعد.
الدعم الدولي الذي حصلت عليه القضية الفلسطينية لم يكن متاحاً عندما اتفق العرب على أن السلام هو الخيار الاستراتيجي. أميركا الآن هي التي تلوم إسرائيل، وحتى اللجنة الرباعية الدولية التي انحازت إليها والاتحاد الأوروبي الذي كان منحازاً الى إسرائيل بدأ يغيّر، والضغط الآن كله مركز على إسرائيل. إن المستوطنات غير شرعية ومهما تمادت إسرائيل ليست لها حقوق شرعية (في الاستيطان).
علينا أن نجمع ما يمكن حشده من الدعم الدولي والضغط الدولي من أجل القضية العادلة، أي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة، القابلة للعيش ضمن حدود 1967.
هل تلقيتم أي ضمانات أميركية إزاء أمن الخليج، في حال اندلعت حرب مع إيران، أو قصفت إسرائيل منشآتها النووية؟
- الحرب غير واردة، والضمانات لم تأتِ ولم يطلبها أحد. الضمانات مثل الحماية، أي أن تطلب حماية ممن هو أكبر منك، فتمكِّنه من رقبتك. الحماية انتهت في عهد الاستعمار، وينبغي ألا نتحدث عن الضمانات فهي كلمة مرادفة للحماية، ونحن في عُمان لم نكن تحت الحماية في الماضي، ولن نقبل بحماية علينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.