على مدى قرنين وبطل شكسبير، هملت، يطلق مخيلات المثقفين الروس وعواطفهم. واليوم تعبّر روسيا، في زمنها الصعب هذا، عن محبتها لأمير الدانمرك الذي يشبهها. فهناك الآن في موسكو ثلاثة انتاجات مختلفة للتراجيديا الشكسبيرية، اثنان منها لمخرجين عالميين. ولئن لم يغب هملت عن الخشبة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، الا انها المرة الاولى التي تبلغ فيها العروض هذا العدد. الظاهرة هذه تجد تفسيرها في ان هملت هو، بالنسبة الى روسيا، اكثر من مسرحية. فالانتلجنسيا رأت فيه دائماً مرآة لها وأداة لمعرفة ذاتها. ومنذ مطالع القرن التاسع عشر ماهى المثقفون أنفسهم مع هملت الضحية وفيلسوف الارادة الضعيفة. فكمثال من جهة، وبطل ضعيف البطولة والقرار من جهة أخرى، بدا الأمير الشكسبيري لا يعني صاحبه، بقدر ما يعني "الروسيا" الممزقة والمرتبكة في علاقتها بنفسها وبالغرب. وومن المعروف ان ستالين كثيراً ما كره واحتقر وخاف أمير الدانمرك، بحيث مُنعت المسرحية طوال سنوات سيطرته الثلاثين. وكان المخرج السوفياتي الكبير فسيفولود مايرخولد الذي حاول فاشلا تقديم هملت على الخشبة، بترجمة بوريس باسترناك وموسيقى شوستاكوفيتش وتصميم بيكاسو، قد عُذّب وقُتل بأمر من ستالين، كما اغتيلت زوجته.