تراجعت اسعار خام القياس "برنت" في بورصة النفط الدولية في لندن الى اقل من 13 دولاراً للبرميل تسليم كانون الاول ديسمبر المقبل. وسجل السعر 12.78 دولار في فترة التداول الصباحية. في الوقت نفسه جدد وزير النفط والثروة المعدنية السعودي دعوته السابقة الى "تنسيق الجهود بين الدول الرئيسية المنتجة للنفط داخل اوبك وخارجها لتثبيت الاسعار في السوق وتجنيبها التقلبات ولاعادة التوازن الى السوق". وأكد النعيمي ان تحديد سعر نفطي عادل "للمنتجين والمستهلكين" ووضع "الية" للحفاظ عليه سيكون أحد القضايا الرئيسية التي تواجه أسواق النفط الدولية. وحذر النعيمي، في خطاب القاه امس في المؤتمر الدولي السادس للطاقة المنعقد في كيب تاون جنوب افريقيا وتشارك فيه 50 دولة منتجة ومستهلكة من اجراءات تميزية ضد النفط عبر فرض مزيد من الضرائب على المشتقات النفطية، او عبر الدعم المستمر للفحم "لأن ذلك سيؤدي في النهاية الى سوق غير مستقرة". وقال: "ان مثل هذا الوضع ليس من مصلحة المنتجين ولا المستهلكين، وانه ينعكس سلباً على مسيرة الحفاظ على البيئة". وتناول النعيمي في خطابه العوامل التي يمكن ان تؤثر على السوق النفطية "وقد تشكل تحديات للاعبين في السوق" وقال: "ان الازمة الاخيرة في السوق المالية التي خفضت قيمة عدد من السلع، منها النفط، كان لها تأثير عميق واصبح النمو الاقتصادي غير مؤكد وبدأ عدد من الدول يعاني جداً من ذلك". واضاف: "ان الازمة المالية الآسيوية، التي بدأت منتصف 1997 كان لها مفعول عدوى على باقي دول العالم، ولم تكن لدى السوق النفطية مناعة ازاءها". وتابع: "مثلما تدخلت المصارف المركزية والمنظمات المالية الدولية لتجنب تفاقم الازمة، اخيراً تدخل بعض دول اوبك ودول من خارجها لخفض الانتاج النفطي مما اوقف التدهور في الاسعار وادى الى استعادة ما يشبه الاستقرار". ثلاثة عوامل ورأى النعيمي ان هناك "ثلاثة عوامل من شأنها ان ترسم المستقبل المحتمل هي العرض والطلب وطبيعة السوق النفطية، ويؤثر كل منها على الآخر، وهي مرتبطة الى حدّ بعيد بصحة الاقتصاد الدولي". وقال الوزير السعودي: "ان هناك ارتباطاً دائماً بين النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة والنفط والمؤكد… ان هذا الاتجاه سيستمر في العقد المقبل". واضاف: "في العقد الماضي كانت الدول النامية تمثل 70 في المئة من الزيادة على الطلب العالمي للنفط". وعبّر عن قناعته بأن الازمة الاقتصادية في تلك الدول ستكون قصيرة المدى وانها ستستعيد نموها، وعندها سيكون هناك طلب قوي على النفط على المدى الطويل. وعن الدول الصناعية قال النعيمي: "ان الوضع مختلف لكنه ملحوظ". وأشار الى انه على رغم ان زيادة الطلب على النفط في الاعوام العشرين الماضية كانت متواضعة لا يزال حجم استهلاك هذه الدول الدول الصناعية ضخماً، ويمثل 63 في المئة من مجمل الاستهلاك الدولي مما يجعل خياراتها وسياساتها بالنسبة للطاقة اساسية، لمستقبل الطلب على النفط. وقال النعيمي: "اعتبرنا ان الدول النامية والصناعية مستمرة في زيادة نموها الاقتصادي وطلبها على النفط ونتوقع ان تكون السوق النفطية الدولية منتعشة في السنوات العشر المقبلة". وعن العرض قال النعيمي: "ان الاحتياط النفطي الدولي تضاعف منذ 1975، وساهمت بذلك اكتشافات جديدة، من حقول كان الانتاج منها يعتبر باهظ التكاليف على صعيد التطوير لكنها طُوِرت بفضل تحديث التقنيات والحوافز الاقتصادية". واشار الى ان حصة الاحتياط في الدول المنتجة التقليدية في الشرق الاوسط وفي اميركا اللاتينية لا تزال مرتفعة، اذ انها تمثل 70 في المئة، وعلى رغم ان هناك 80 دولة منتجة… لا تزال دول اوبك ودول قليلة من خارجها تؤمن 85 في المئة من اجمالي صادرات النفط الدولية. ورأى النعيمي ان لهذا الوضع نتائج على الهيكلية المستقبلية للسوق النفطية، وعلى مستقبل العرض والطلب، وقال: "على رغم دخول منتجين جدد… فإن الجزء الاكبر من الطلب على النفط الدولي سيكون من الدول التي لديها احتياطات اكبر مما سيؤثر بشكل ملحوظ على زيادة القدرات الانتاجية في المستقبل وعلى ادارة العرض الدولي من النفط". وشدد النعيمي على انه "اذا بقي سعر النفط في مستويات معقولة، اي كافية لتشجيع نمو الطلب والحفاظ على مداخيل مناسبة للمنتجين، سينتعش الاقتصاد الدولي اما اذ انخفضت الاسعار بشكل كبير ومفاجئ فان النتائج ستكون خطيرة بالنسبة للجميع وسينخفض الانتاج على المدى الطويل نتيجة النقص في تمويل الاستثمارات". وقال الوزير السعودي: "اصبح واضحاً الآن انه لا يمكن لمنظمة اوبك وحدها تأمين استقرار السوق من دون تعاون المنتجين الاخرين ووعي المستهلكين، ولا يزال دور اوبك اساسي لاستقرار السوق وهناك امكانية لوسائل اخرى تكمل جهودها". وذكر النعيمي ان هذا يتطلب تنبه السوق وتنسيق جهود اللاعبين كافة لتأمين شفافية السوق واستقرارها ومصداقيتها. ووصف اقتراحه القاضي بتنسيق الجهود بين الدول المنتجة الاساسية، بأنه "اطار غير رسمي لتأمين الاستقرار". لقاءات وعلمت "الحياة" ان الوزير النعيمي أجرى لقاءات مختلفة مع وزراء الدول المشاركة، والتقى اضافة الى وزراء دول مجلس التعاون الخليجي مع وزيري النفط والطاقة في المكسيك وفنزويللا ووزير النفط الايراني. وقال مصدر في "اوبك" ان "من غير المتوقع ان يصدر اي قرار في شأن الانتاج" لأن المؤتمر للحوار فقط بين الدول المنتجة والمستهلكة وتخللته مشاورات بين دول "اوبك" واخرى من خارجها تناولت تطورات العرض والطلب. وقال مندوبون في المحادثات ان الدعوات الصادرة عن اقلية بين المنتجين لاتخاذ مزيد من الخطوات السريعة لانقاذ الاسعار المتهاوية لقيت اذانًا صماء. وقال وزير النفط المكسيكي لويس تيليز "ينبغي مواصلة التعاون للوصول الى اسعار معقولة واعتقد ان افضل استراتيجية يمكن ان نتبعها جميعا في اوقات عدم الاستقرار وانخفاض الطلب هي مواصلة جهود التعاون ودعمها". وذكر مندوب الى المؤتمر ان وزير النفط الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح غادر مبكراً جولة محادثات عقدها وزراء "اوبك" واستمرت نحو ساعتين ونصف الساعة في جناح رئيس "اوبك" وزير النفط الاماراتي عبيد بن سيف الناصري وشاهد صحافيون وزير النفط الكويتي وهو يغادر مكان الاجتماع قبل باقي الوزراء. ويؤيد الشيخ سعود زيادة القيود على الانتاج في محاولة لانعاش اسعار النفط المتدنية.