دعا مساعد رئيس الجمهورية الايرانية للتنمية والشؤون الاجتماعية عبدالله نوري الى "وجوب مساءلة" مرشد الجمهورية الاسلامية اذا ارتكب "خطأ" أو تسبب في "مشكلة". وشدد على أن المرشد ليس معصوماً عن الخطأ، وعلى أن مصالح النظام والبلاد "فوق كل اعتبار". وطالب بعزل "أهل التملق والنفاق"، مؤكداً ان الشعب يرفض "الديكتاتورية" تحت أي يافطة وبأي صورة، ورأى ان "لا حكم لشخص أو جماعة بعيداً عن الشعب". ولم يتأخر ردّ من لا يتفقون مع هذه الرؤية الجريئة التي عبّر عنها نوري. وبدا آية الله مصباح يزدي، وهو أحد الوجوه البارزة المحسوبة على التيار المحافظ وكأنه يرد بصورة مباشرة على كلام نوري، اذ قال في كلمة القاها قبل خطبة الجمعة أمس "ان الشرعية الالهية لولي الفقيه المرشد وليس لرئيس الجمهورية أو الشعب". وشدد على أن "واجب الجميع طاعة ولي الفقيه"، ولفت الى أن أي "شيء أو قرار لا يؤيده ولي الفقيه فإنه يصبح كالطاغوت"، مشدداً على أن الدستور يوجب "مصادقة" المرشد على انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب كي يصبح الانتخاب "شرعياً" من الناحية الدينية. وانطلاقاً من هذه الخلاصة الحاسمة ليزدي والتيار العريض والمتنفذ في الحكم الذي يحمل القناعة ذاتها، يبدو نوري الذي نجح المحافظون في عزله من منصب وزير الداخلية بحجب الثقة عنه في البرلمان قبل مدة، وكأنه "يلعب بالنار" عشية انتخابات "مجلس خبراء القيادة" المقررة في الثالث والعشرين من هذا الشهر. ويتمتع هذا المجلس بصلاحية انتخاب المرشد ومراقبته وعزله. وحرص نوري في كلمة ألقاها في احدى جامعات العاصمة على أن يركز مضمون خطابه على بند "المراقبة" من صلاحيات "الخبراء". وذكّر بالتعديلات الدستورية التي أجريت في 1989 والتي منحت المرشد صلاحيات واسعة وزادت من صلاحيات رئيس الجمهورية "للحؤول دون أي ديكتاتورية". ودعا الى "وجوب ان نبتعد عن المدح والتعظيم في غير محله وندرك الحقائق"، متسائلاً: "لماذا ينبغي أن نتصور أن الأمور تُدار بالتمجيد واعلان الولاء والتأييد فقط؟". والمعاني التي تضمنها خطاب نوري يمكن أن تشمل جميع المسؤولين في أعلى هرم الحكم والنظام، لكنه بدا واضحاً أنه يعني بالدرجة الرئيسية المرشد، اذ حصر كلامه في هذه النقطة، داعياً الى عدم "التسبب في غرور أي مسؤول"، ومنتقداً "الذين يتصورون أنه يمكن تسليم مقاليد الحكم لشخص أو مجموعة بعيداً عن الشعب". وكغيره من رجال الدين والمسؤولين السياسيين في النظام من كل التيارات، حرص نوري على أن يحصن نفسه وموقفه بما يُنسب الى مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله الخميني "الذي قال نحن لا نستطيع ان نفرض على الناس شيئاً، والله ورسوله لم يمنحانا الحق في ذلك". ولم يجد نوري الذي يبدو أنه ما زال منفعلاً ومتألماً من قرار عزله من وزارة الداخلية حرجاً في التمادي في تحديد مفردات ما يعنيه بشكل مباشر قائلاً: "البعض يتساءل هل القائد المرشد يخطئ"، وأجاب نوري "مبادئنا تقول ان الائمة المعصومين فقط لا يخطئون". وتابع: "يجب ان لا نصور القائد وكأنه وجه لا أحد يستطيع أن يحدثه"، وجزم بأن "المجال مفتوح في النظام الاسلامي أمام النقد والنصيحة من دون اهانة أو هتك للحرمات". وانتقل نوري الى ما يبدو أنه أراد ان يخلص اليه بالتحديد، وهو ضرورة ان "يراقب مجلس الخبراء القائد ... وعندما تحدث مشكلة تجب مساءلة القائد واستدعاؤه ليمثل أمام مجلس الخبراء عند الضرورة لتوضيح أي غموض، وهذه حركة متحضرة تعزز موقع القيادة". ويذكر ان نوري ترشح لانتخابات مجلس الخبراء المقبلة، لكن يظهر أنه كغيره من رجال الدين المحسوبين على التيار المؤيد للحكومة، أبعد مبكراً عن المنافسة من قبل "مجلس أمناء الدستور".