لقي الرئيس ياسر عرفات استقبالاً شعبياً حاشداً لدى عودته الى غزة امس. اذ تجمّع الآلاف من المواطنين الفلسطينيين، على طول الطريق الممتدة من معبر رفح حتى المقر الرئيسي الفلسطيني في تظاهرة تأييد غير مسبوقة لما تعتبره الغالبية العظمى انتصاراً سياسياً حققه عرفات في مفاوضات واي بلانتيشن. وبدا عرفات مرتاحاً للنتيجة التي تم تحقيقها في المفاوضات المضنية التي استمرت تسعة ايام في واي بلانتيشن، منهياً بذلك معركة سياسية استمرت على مدى اكثر من عامين في شأن المرحلة الانتقالية مع واحدة من اشد الحكومات تطرفاً في تاريخ اسرائيل، كما بدا مرتاحاً للدعم العربي الذي تلقاه خلال الجولة الاولى التي قام بها في عدد من الدول العربية لاطلاع زعمائها على تفاصيل الاتفاق الذي جرى التوصل اليه وابعاده. ومن بين الدول التي زارها مصر والمملكة العربية السعودية والمغرب وتونس والجزائر. واعتبر عرفات في التصريحات التي ادلى بها لدى وصوله الى غزة ان اتفاق واشنطن الاخير خطوة على طريق اقامة الدولة الفسطينية وعاصمتها القدس. كما عبّر عن ثقته بأن الحكومة الاسرائيلية ستنفذ الاتفاق بشكل دقيق، مشيراً الى وجود ضمانات اميركية ودولية وعربية. وخاطب عرفات اخيراً الشعب الفلسطيني قائلاً: "سنستمر معاً وسوياً حتى نصلّي في القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة". ورأى وزير المال في السلطة الوطنية الفلسطينية محمد زهدي النشاشيبي الذي كان من بين حشد كبير ضم كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في استقبال عرفات، ان هذا الاستقبال الشعبي الكبير يعبّر عن التقدير العالي للجهد الذي بذله عرفات في مفاوضات واشنطن، لكنه عبّر عن شكوكه في ان يلتزم رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو تنفيذ ما وقّع، مشيراً الى ان تأجيل طرح رئيس الحكومة الاسرائيلية الاتفاق على حكومته، قد يكون محاولة للتهرب من تنفيذه. واضاف: "اعني ان تكون لديه الشجاعة لعرضه على حكومته". وعبّر منسق شؤون دائرة المفاوضات حسن عصفور الذي شارك في الوفد الفلسطيني الى مفاوضات واشنطن، عن امله في ألا يؤدي هذا التأخير في عرض الاتفاق على الحكومة الاسرائيلية من جانب نتانياهو، الى الاخلال بالجدول الزمني لتنفيذ الاتفاق. لكنه رأى ان وجود الاميركيين في صلب العملية الاجرائية لتطبيقه، هو ضمانة قوية لتنفيذه، مشيراً الى ان الاميركيين سيكونون في صورة عملية التنفيذ الميدانية وفي عمل اللجان. ويعرض الرئيس الفلسطيني بدوره الاتفاق على القيادة الفلسطينية خلال اجتماعها الموسع غداً الجمعة، اذ من المقرر ان تستمع القيادة الفلسطينية من عرفات والوفد الفلسطيني المفاوض الى شرح مفصل عن ابعاد الاتفاق والاجواء التي شهدتها المفاوضات للتوقيع عليه. ويرى المراقبون الآن انه بانهاء المعركة السياسية في شأن المرحلة الثانية من اعادة الانتشار، وما يسمى بتنظيف القضايا العالقة على الطاولة من المرحلة الانتقالية قد تكون الخطوة المقبلة هي الاعداد للمعركة الاكبر في شأن الحل النهائي. وفد كنسي الى ذلك أ ف ب افاد مصدر رسمي فلسطيني امس ان عرفات استقبل وفداً من الكنيسة اللاتينية في الاراضي المقدسة يتقدمه البطريرك ميشيل صباح. وقال المصدر ان "الوفد عرض مع الرئيس عرفات الاوضاع في مدينة القدس كما قدم له الدعم والتأييد للاتفاق الذي تم التوصل اليه في قمة واي بلانتيشن". واشار عرفات في تصريحات الى الصحافيين وتعليقاً على ما اعلنه الفاتيكان في وقت سابق من انه يريد ان يكون له دور في اي محادثات مستقبلية على وضع المدينة المقدسة الى انه "يسعد الفلسطينيين ويشرفهم ان يشارك الفاتيكان بلمساته المباركة بالنسبة الى مدينة القدس". ونفى عرفات ان يكون الشق الامني في اتفاق واي بلانتيشن موجها ضد المعارضة وقال: "نحن نؤمن بالتعددية السياسية ونحميها وندافع عنها". وذكرت المصادر الفلسطينية ان اسرائيل منعت عند حاجز ايريز عددا من اعضاء الوفد الكنسي من الدخول الى غزة وذلك بحجة انهم لا يملكون تصريحاً بذلك. وحضر اللقاء بين عرفات والوفد الكنسي عدد من الشخصيات الفلسطينية في القدس بينهم مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية فيصل الحسيني ووزير الدولة زياد ابو زياد.