اجرى الرئيس بيل كلينتون امس محادثات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تميزت بالصراحة لا بل بالمواجهة، خصوصاً وان الجانب الاسرائيلي حضر الى العاصمة الاميركية مسلحاً بدعم من غلاة اليهود الاميركيين وأعداء الرئيس كلينتون السياسيين الداخليين سواء زعماء الحزب الجمهوري في الكونغرس واليمين الديني المحافظ. وأعلن الرئيس كلينتون لدى بدء الاجتماعات انه يعتزم اجراء محادثات "صريحة ومفصلة وحسنة النية وسنبذل كل جهدنا لتحقيق بعض التقدم واعتقد ان لدينا فرصة جيدة". ورفض كلينتون استعمال كلمة "الضغوط" على نتانياهو لاقناعه بتغيير موقفه وقال: "سأتحدث معه بشأن مفهومنا لعملية السلام. ولا أريد ان استعمل هذه الكلمة لأن على اسرائيل اتخاذ قراراتها بشأن امنها". وامتنع الرئيس الاميركي ايضاً عن لوم اي طرف علناً او تحديد المسؤولية في شأن من يخالف الاتفاقات المعقودة "كون ذلك غير مفيد، وعلينا ان نتحدث عما في استطاعة كل جانب القيام به لتحريك عملية السلام. وهذا هو المهم". وسئل الرئيس كلينتون عن رأيه في تصريحات الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات التي تكهن فيها بامكانية استئناف الانتفاضة وتعليقه على رد نتانياهو الذي قال فيه ان ذلك ليس الطريق للتفاوض، فأجاب انه يوافق على كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي. لكنه اوضح انه اذا كان عرفات يدلي بملاحظاته على اساس "ان فشل العملية ليس امراً جيداً، فهذا يمكن تفهمه. ولكنني اعتقد ان المطلوب التشجيع". غير ان عرفات نفى امس في باريس حيث التقى الرئيس جاك شيراك ورئيس الوزراء ليونيل جوسبان ووزير الخارجية هوبير فيدرين ان يكون هدد بانتفاضة جديدة اذا لم يتم تحريك عملية السلام. وأشار كلينتون الى انه عمل طويلاً من اجل الاجتماعين هذا الأسبوع مع نتانياهو وعرفات "ويجب ان نكون ايجابيين، ونحن لا نرغب في خفض الثقة". ولاحظ كلينتون ان اسرائيل ترغب في السلام وان من مصلحة الفلسطينيين والسيد عرفات العمل لحل المشكلة وقد وجدت انه اذا "استمر المرء في بذل الجهود بنية طيبة فسننجح على الأغلب". وبدوره اكد نتانياهو انه اتخذ "قراراً باختيار السلام... والأمن، وأنا متأكد انني استطيع الحصول على الدعم الكافي في الحكومة وداخل التحالف لأي شيء يدفع عملية السلام الى امام ويحافظ على حدود لاسرائيل تكون آمنة ويمكن الدفاع عنها". ورد نتانياهو على اسئلة الصحافيين بالعبرية وطلب الرئيس كلينتون منه ترجمة لها. فلخصها له ومنها "سؤال: هل انت خائف من الضغط الاميركي، فقلت كلا". وجرى اجتماع كلينتون - نتانياهو في المكتب البيضاوي واستمر اكثر من ساعة. وشارك فيه عن الجانب الاميركي كل من وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ونائب الرئيس آل غور ومستشاره لشؤون الأمن القومي صموئيل بيرغر. وأكدت مصادر مطلعة ان الرئيس كلينتون طرح على نتانياهو تصور واشنطن لكيفية اعادة تحريك العملية مقترحاً نسبة مئوية للمناطق التي ستنسحب منها القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية. وأجرت اولبرايت محادثات مع نتانياهو قبل اجتماع البيت الأبيض وبعده في وزارة الخارجية. وأقام نائب الرئيس آل غور مأدبة غداء على شرف رئيس الوزراء الاسرائيلي. وكانت اولبرايت ذكرت في تصريحات لها ان على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني اتخاذ قرارات صعبة "وسنرى ما اذا كانا مستعدين للقيام بذلك. فإذا كانوا فسيحصل انجاز وإذا لم يكونوا مستعدين فسيستمر حال الجمود في عملية السلام وفي ذلك خسارة كبيرة للشعبين الاسرائيلي والفلسطيني". وتشكل المحادثات الأميركية - الإسرائيلية التي أعلنت واشنطن أنها مخصصة في معظمها للبحث في المسار الفلسطيني جزءاً من جهود الإدارة لدفع عملية السلام إلى أمام باجتماع آخر يعقده الرئيس كلينتون الخميس المقبل مع الرئيس الفلسطيني. وسبق لقاء البيت الأبيض في العاشرة من صباح أمس جهد إسرائيلي واضح لاعطاء نتانياهو القدرة على "مقاومتها". ما يعتبره ضغطاً من جانب الإدارة عليه ليقدم اقتراحات بخصوص إعادة الانتشار تكون مقبولة لدى الجانب الفلسطيني. وبالفعل ومنذ وصول نتانياهو إلى واشنطن الثلثاء الماضي بدأت ظواهر "حملة مضادة" إسرائيلية ذات شقين، احدهما اعلامي من خلال مقالات معلقين واعلانات مدفوعة الاجر تدعو الرئيس كلينتون إلى عدم الضغط على نتانياهو، والشق الآخر سياسي من خلال اجتماعات عقدها مع رئيس مجلس النواب نيوت غينغريتش وزعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ترنيت لوت ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جيسي هيلمز ورئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب النائب بنيامين غليمان وغيرهم. كما اجتمع مع اصوليين أميركيين من أقصى اليمين في مقدمهم مؤسس ما يسمى ب "الغالبية الاخلاقية" جيري فالويل وبات روبرتسون. ووصف فالويل نتانياهو بأنه "رونالد ريغان إسرائيل"، في حين نشر احد التحالفات اليهودية المحافظة اعلاناً في صحيفة "واشنطن تايمز" اخذ نصف صفحة ظهر فيه رسم كاريكاتوري للرئيس عرفات وكلينتون يعتمران الكوفية وكتب: "في منزله في البيت الأبيض. واثنان من نوع واحد ياسر وبيل". ونسبت "واشنطن بوست" إلى وزير التجارة الإسرائيلي ناتان شارانسكي قوله إنه يتوقع ان تكون المحادثات "صعبة وصريحة" وان من الطبيعي أن يسعى نتانياهو إلى جمع حلفائه في الكونغرس. ونسب إلى مسؤول إسرائيلي آخر قوله إن نتانياهو يريد ان يظهر للرئيس كلينتون "إذا اردت مواجهة معي فعليك ان تدفع الثمن أيضاً، إذ لا توجد مواجهة مجانية، ولديّ ذخيرتي في الولاياتالمتحدة، الأمر يعود إليكم في النهاية". واعتبر المسؤولون في البيت الأبيض تصرفات نتانياهو يوم الثلثاء خرقاً للبروتوكول.