صعّد المسؤولون الأتراك امس لهجتهم للضغط على سورية في المفاوضات الامنية التي بدأت بين كبار مسؤولي الأمن في البلدين، وذلك على الجانب التركي من الحدود المشتركة، وسط تعتيم على سير الاجتماع، الاول بين الجانبين منذ بدء الازمة. ووجه الرئيس سليمان ديميريل من الاسكندرون التحذير "الاخير" لدمشق، مشدداً على ضرورة "وقفها اي دعم" لحزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله اوجلان الذي اكد امس انه غير موجود في سورية، في حين اتهم وزير الدفاع التركي عصمت سيزغين بارسال ضباط للقتال في صفوف الحزب. وأكد ان انقرة "ستفعل ما هو ضروري" اذا لم تسو المشكلة بالوسائل الديبلوماسية. وحرص المسؤولون السوريون على "تغليب لغة العقل" على رغم انتقادهم "الافتراءات" و"الاستفزازات" التركية. وحذر ديميريل سورية ضمناً من اي مطالبة بلواء الاسكندرون. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الرئيس التركي قوله في كلمة القاها في سمندغ قرب الحدود مع سورية: "ليست لدينا اطماع في اراضي الآخرين والذي يطمع بأراضينا سيصطدم رأسه بالحائط". معروف ان فرنسا ضمت لواء الاسكندرون الى تركيا عشية الحرب العالمية الثانية. واضاف ديميريل: "لا اقول ذلك في اطار التهديد لكن الذين حاولوا في الماضي استخدام القوة مع تركيا ندموا". وجدد اتهامه سورية بدعم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وقال: "ارسلوا عصابات من القتلة الى تركيا، قتلت خمسة آلاف شخص بريء بينهم رضع. هذه العصابات قتلت ايضاً خمسة آلاف جندي وشرطي وزعيمها مدعوم من دمشق ويقيم فيها. نفد صبرنا ويجب عدم اعتبار موقفنا السلمي علامة ضعف. فلتطرد السلطات السورية هؤلاء المجرمين من أراضيها". وذكر ان 282 مدنياً وعسكرياً قتلوا في محافظة هاتاي على ايدي مقاتلي حزب العمال. تفاصيل اخرى في الصفحة 6 ودعا الرئيس التركي سورية في وقت سابق امس الى "وقف اي دعم" للحزب، مشيراً الى ان الأمر يتعلق بتحذير تركي "اخير" الى سورية كي "توقف كل دعم" لمقاتلي اوجلان. وقال في كلمة القاها ايضاً في هاتاي: "كل ما نريده ان توقف سورية دعمها للارهابيين، وان تغلق معسكراتهم ولا تمنح اللجوء لقائدهم" عبدالله اوجلان. وزاد: "نريد حلا سلمياً لكن هذا لا يعني اننا ضعفاء. الدولة التركية قوية بما يكفي كي تقضي على مثل هذه المشكلة. نحن نحاول اقناع سورية للمرة الاخيرة ونأمل بألا تشهد منطقتنا مزيداً من الصعوبات بعدما عرفت مشاكل كثيرة". وحض ديميريل الدول العربية على عدم الوقوف الى جانب سورية، وقال ان "آلاف الضحايا المسلمين قتلوا بأيدي الارهابيين، وإذا كانت الدول العربية تقول نحن متضامنون مع سورية، فهذا يعني انها متضامنة مع الذين يساعدون الارهابيين في ذبح المسلمين". في الوقت ذاته اتهم وزير الدفاع التركي سورية بارسال ضباط للقتال الى جانب عناصر حزب العمال. وقال للتلفزيون التركي: "لاحظنا وجود بعض ضباط الجيش السوري بين ارهابيي حزب العمال الكردستاني الذين قتلوا خلال المواجهات الاخيرة مع الجيش" التركي. واعتبر ان "هذا مثال اخير على الطريقة التي تساعد بها سورية الارهابيين الانفصاليين". واستدرك محذراً: "اذا لم نتوصل الى تسوية لهذه المشكلة مع سورية بالطرق الديبلوماسية سنفعل ما هو ضروري". وكانت مصادر ديبلوماسية غربية أكدت ل "الحياة" في دمشق أن "نجاح" المحادثات الأمنية سيؤدي إلى عقد لقاء ثلاثي يضم وزراء الخارجية السورية فاروق الشرع والتركي اسماعيل جيم والمصري عمرو موسى. وأكد وزير الدفاع السوري العماد أول مصطفى طلاس ليل الأحد أن بلاده "حريصة على معالجة ما هو قائم مع البلد الجار تركيا، عبر الأقنية الديبلوماسية"، داعياً الى "تغليب لغة العقل والمنطق والاحتكام إلى القانون الدولي"، لأن "المستفيد الوحيد من أي صدام مسلح هو إسرائيل". وأشار الأمين القطري المساعد لحزب "البعث" الحاكم السيد سليمان قداح إلى أن "الافتراءات التركية ضد سورية ترجع إلى أزمات داخلية تركية وتصب في خدمة الاطماع الإسرائيلية". وأكد وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم عقد الاجتماع الأمني مع سورية امس وقال ان ممثلين عن الطرفين سيلتقيان مجدداً اليوم، فيما افادت شبكة "ان. تي. في" ان الجانب السوري قدم لائحة بأعضاء حزب العمال الذين اعتقلوا في سورية بهدف "تأكيد ان دمشق تشن بالفعل حملة ضد الحزب في الأراضي السورية". وأضافت ان الوفد السوري برئاسة اللواء حسن بدير حسن دعا مسؤولين أتراكاً الى زيارة سورية لاستجواب الموقوفين من حزب العمال. وأكدت القاهرة أمس بدء اجتماعات المسؤولين الأمنيين الأتراك والسوريين وعبّر وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى عن أمله بأن تفتح الباب أمام تفاهم وحوار بين الدولتين الجارتين. وقال إن الاجتماعات الأمنية بين البلدين تعد محور المبادرة المصرية للحؤول دون نزاع عسكري بين سورية وتركيا، وترك الباب مفتوحاً امام استضافة مصر اجتماعات مقبلة، مشيراً إلى أن "الأمر متروك للبلدين". إلى ذلك، أوضح أوجلان في بيان نشرته وكاله أنباء "ديم" القريبة إلى حزب العمال مقرها المانيا أنه توجه إلى سورية "من فترة إلى أخرى لزيارة الشعب الكردي لكن هذه التنقلات مستقلة عن الحكومة السورية". وتابع في البيان الذي تلقته وكالة "فرانس برس" في أنقرة: "لست في سورية الآن، بل في كردستان أواصل عملي". ولم يوضح هل يعني ب "كردستان" جنوب شرقي تركيا أو شمال العراق أو غرب إيران.