اتضحت الاستراتيجية الاقتصادية لحكومة يفغيني بريماكوف التي ناقشت امس الخميس برنامجاً شاملاً نص على فرض قيود شديدة على تداول العملات الاجنبية وسيطرة الدولة على عدد من المصارف الاهلية وتدخلها في تنظيم اسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية. وتفضي الاجراءات الجديدة، اذا تمت الموافقة عليها العودة تدرجاً الى الاقتصاد الموجه وتدخل الدولة في النشاط المصرفي ما يعني التخلي جزئياً عن اقتصاد السوق. وأعد البرنامج فريق من كبار العلماء باشراف النائب الأول لرئيس الوزراء يوري ماسليوكوف وهو احد اقطاب الحزب الشيوعي. وأشارت مقدمة البرنامج الى ان الهدف يتمثل في تحقيق استقرار الروبل وتنظيم تداول العملات وتعزيز الرقابة على عمليات التصدير والاستيراد. وبموجب البرنامج سيُمنع بيع العملات الصعبة الى المواطنين وستحتكر الدولة ادخال هذه العملات الى روسيا وحصرها في البنك المركزي، ويحظر على كل مواطن اخراج سيولة نقدية تزيد على 500 دولار. وستُشكل لجنة تنسيقية عليا يُشرف عليها رئيس الدولة مباشرة تضم جميع المؤسسات المالية الحكومية ولها حق اتخاذ "اجراءات صارمة" لمراقبة تداول العملات والقروض التي تمنحها الدولة. وعلى هذا الأساس تم اقتراح حصر عدد المصارف الاهلية وفرض حد ادنى لرأس مال كل منها بنحو خمسة ملايين اكيو كان مليوناً واحداً. ومقابل القروض التي تمنحها الدولة للمصارف سيودع جزء من سيولتها لدى البنك المركزي. كما ينص البرنامج على ان تساهم الدولة في ملكية المصارف الاهلية وأدائها. وأشار عدد من الخبراء الى ان هذه الاجراءات الصارمة تستهدف اغراضاً عدة في مقدمها دفع المواطنين الى "التخلص" من الدولارات التي كانت الوسيلة الأساسية للادخار ويقدر حجمها بنحو 25 بليون دولار. وسيضع البرنامج حداً لاستخدام قروض الدولة كوسيلة للمضاربة بالعملات الصعبة او الضغط على الروبل. وعلى رغم ان البرنامج لم ينص صراحة على تثبيت سعر لصرف الروبل الا انه الزم المصدرين بيع 75 في المئة من عائداتهم بسعر يحدده البنك المركزي. وحض البرنامج على فرض "تنظيم حكومي" لأسعار المواد الأساسية والخدمات البلدية والمواصلات، لجعلها موازية لامكانات المواطنين وللحد من العواقب السلبية للتضخم. وبهدف "تحريك" القطاع الصناعي اقترح البرنامج جدولة ديون المؤسسات الانتاجية وخفض ضريبة القيمة المضافة من 23 الى 15 في المئة وتحديد ضريبة الربح بنحو 30 في المئة بعد ان كانت تصل الى 60 في المئة. ولم تتخذ الحكومة امس قراراً نهائياً في شأن البرنامج الذي سيقتضي تطبيقه صدور عدد من اللوائح الاشتراعية وبالتالي الحصول على موافقة البرلمان. وأكد بريماكوف امس ان حكومته "يجب ان تبدأ العمل سريعاً لمواجهة المشاكل الاقتصادية والمالية التي طالت قطاعات واسعة من المواطنين". وبدأ امس "اسبوع التحركات الاحتجاجية" الذي سيصل الذروة في السابع من الشهر الجاري في اطار خطة وضعتها النقابات وأحزاب اليسار للضغط على السلطة. وأعلن بريماكوف امس ان الحكومة بدأت تنفيذ التزاماتها وسددت ما في ذمتها من مستحقات الى منتسبي القوات المسلحة وطلاب الجامعات ووعد بسداد المبالغ الباقية. الا ان برنامج الحكومة نص على جدولة الديون الأساسية لمدة تصل الى عشر سنوات على ان تدفع تعويضات عن التضخم الذي يُتوقع ان يبلغ آخر السنة الجارية بين 250 و290 في المئة.