في الوقت، المبكر، الذي كان فيه نقاد السينما لا يكتبون إلا عن الأفلام ومخرجيها وتياراتها ونظريات السينما بشكل عام، كان كمال رمزي يفكر بالممثلين ويكتب عنهم. في ذلك الحين كانت دراسة مثل "عماد حمدي... الفارس المهزوم" تعتبر هرطقة في عالم النقد. ولكن شيئاً فشيئاً عرف الناقد كيف يفرض الممثل وفنه كجزء من الكتابة - الجادة - عن السينما، ولم يعد كمال رمزي الوحيد الذي يكرس جزءاً من وقته وكثيراً من حبر كتاباته، لأولئك الذين هم، بعد كل شيء، الوحيدون الذين يشاهدهم الجمهور على الشاشة. الآن، في الكتاب الجديد الذي أصدره كمال رمزي بعنوان "نجوم السينما، الجوهر والأقنعة" تشغل دراسته الشهيرة عن "عماد حمدي" مكانة أساسية، لكنها تشكل جزءاً من دراسات عديدة تملأ صفحات الكتاب وتُقرأ بشغف وبساطة، كما تقرأ رواية طيبة. ومع هذا يقول كمال رمزي أشياء كثيرة من خلال "نجومه"، يقول ما لا يقل عن جزء أساسي من تاريخ السينما المصرية نفسه. صحيح أن معظم دراسات الكتاب الواقع في نحو 284 ص. من القطع الكبير، كتب في مناسبات ولغايات متفرقة، غير أن تجاورها هنا على صفحات هذا الكتاب يعطيها نكهة العمل الموحد المتجانس. فمن أحمد مظهر الفارس الى يوسف وهبي الذي عاش ألف عام مروراً بأسماء تشكل جزءاً من عالم أحلامنا مثل أنور وجدي واسماعيل ياسين وسامية جمال ورشدي أباظة وفاتن حمامة وفريد شوقي، يقدم كمال رمزي صورة جانبية، غير مسبوقة الى حد كبير - من قبل النقد الجاد على أية حال - لعالم السينما المصرية. ومن خلال هؤلاء الممثلين/ النجوم يحكي لنا مؤلف الكتاب، ليس فقط عن الأسلوب الذي تطور به فن التمثيل، بل أيضاً - وخصوصاً - عن الأسلوب الذي تطور به المجتمع المصري ككل. وحسبنا مثلا، أن نقرأ دراسته عن لبنى عبدالعزيز، وكيف مثلت، "في فترة النهوض الكبير وسنوات الآمال المفرعة" أدواراً كشفت عن "تحرر الفتاة المصرية من براثن الجهل، وتهيأت للدخول في مجالات العمل المختلفة، مشاركة للرجل"، في أفلام مثل "الوسادة الخالية" و"هذا هو الحب". وحسبنا أن نقارن أداء لبنى كما يصفه كمال رمزي بأداء ليلى مراد "القريبة الرحيمة الرقيقة، المفعمة بالعواطف" في زمن كان "الاهتمام ينصب فيه على النجوم"، حسبنا أن نقارن بين الفنانتين وعالميهما، حتى ندرك ذلك التبدل الأساسي الذي يرى كمال رمزي انه طرأ على السينما، وتحديداً من خلال علاقة المتفرج بكبار نجومها. كتاب كمال رمزي رحلة ممتعة في عالم أضواء وأحلام ورؤى اجتماعية، عرفت السينما كيف تعبر عنها. ورحلة ممتعة. كذلك في مسار التاريخ السري لتطور المتفرج العربي ووعيه. ومن هنا يقرأ الكتاب للفائدة والمتعة معاً، ويفتح، الى هذا، عالماً جديداً في التعاطي مع السينما. "نجوم السينما المصرية، الجوهر والأقنعة" تأليف كمال رمزي 284 ص. من القطع الكبير منشورات "المجلس الأعلى للثقافة" - القاهرة - 199