كثف الرئيس الأميركي بيل كلينتون أمس جهود ادارته لدفع كل من الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو للتوصل الى اتفاق حول المرحلة الانتقالية يؤمن بدء المفاوضات حول المرحلة النهائية. ولليوم الرابع على التوالي صب المفاوضون كل اهتمامهم لتحقيق التقدم المطلوب بأسرع وقت ممكن خصوصاً أن السباق مع الزمن بات حاداً. وطرح الأميركيون أفكارهم التوفيقية خصوصاً في المجال الأمني من الصفقة المتكاملة وسط تسرب معلومات عن اتفاق أميركي - فلسطيني حول مذكرة تفاهم تتعلق بالقضايا الأمنية المرتبطة بالمرحلة الثانية من اعادة انتشار القوات الاسرائيلية من الضفة الغربية وبالمرحلة الثالثة التي يصر الرئيس عرفات ووفده على ادخالها في أي تفاهم جديد يصدر عن القمة. وتوجه أمس الرئيس كلينتون ومعه نائبه آل غور الى منتجع "واي ريفر" بعدما كان أمضى معظم السبت في محادثات مع الرئيس عرفات ونتانياهو. واكتمل الوفد الاسرائيلي بانضمام وزير الدفاع اسحق موردخاي ووزير الخارجية الجديد ارييل شارون. وبدا واضحاً رغم التعتيم الإعلامي شبه الكامل على ما يجري وراء أسوار المنتجع ان الادارة الأميركية والرئيس كلينتون شخصياً يعلقان أهمية قصوى على التوصل الى اتفاق، اذا لم يكن في الساعات المقبلة ففي الأيام المقبلة، بدليل حجم الوفد الأميركي وفعاليته. فإلى الرئيس ونائبه يضم الوفد وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي صموئيل بيرغر ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت الذي يلعب دوراً أساسياً وحاسماً في التنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي - وكل اعضاء فريق عملية السلام الأميركي وفي مقدمهم السفير دنيس روس ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط مارتن انديك وغيرهم. والملاحظ ايضاً ان الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي ممثلان على أعلى المستويات. وكانت وكالة "فرانس برس" نقلت عن مصادر فلسطينية مطلعة ان المسؤولين الأمنيين الفلسطينيين والأميركيين توصلوا في اجتماع امتد الى ساعة متقدمة ليل السبت - الأحد الى تفاهم على الموضوع الأمني. وقالت انه تم خلال الاجتماع الذي شارك فيه مدير "سي. اي. اي" جورج تينيت التوصل الى تفاهم على كل القضايا التي يفترض ان تتضمنها الورقة الأمنية في الاتفاق المزمع التوصل اليه. وأوضحت ان الفلسطينيين علقوا يوم السبت اجتماعاتهم الأمنية مع الاسرائيليين وأصروا على أن تقتصر لقاءاتهم على الجانب الأميركي بسبب طرح الاسرائيليين قضايا تجعل من الصعب التوصل الى تفاهم أمني. وقالت ان الهدف الاسرائيلي من طرح هذه القضايا المعقدة هو عدم التوصل الى تفاهم أمني، لأن ذلك سيؤدي الى سحب ورقة الأمن من يد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو خلال المفاوضات والتركيز فيها على القضايا الشائكة العالقة الأخرى، وبالأخص المرحلة الثالثة من الانسحاب الاسرائيلي واطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. وذكرت انه في ضوء التفاهم الذي تم التوصل اليه بين الأميركيين والفلسطينيين، سيعقد الجانب الأميركي لقاءات مع المسؤولين الأمنيين الاسرائيليين للتوصل الى تفاهم مماثل، مضيفة انه في حال نجح الأميركيون في مهمتهم فإن ذلك سيفتح الطريق أمام عقد لقاء أمني ثلاثي يتم خلاله اغلاق الملف الأمني بالكامل. لكن مصدراً فلسطينياً أبلغ "الحياة" انه من المبكر الآن التحدث عن أي تفاهمات، ورفض تأكيد أو نفي التوصل الى هذا التفاهم مع الاميركيين، مؤكداً ان كل القضايا لا تزال مطروحة على طاولة المفاوضات خصوصاً مع بدء الرئيس كلينتون ظهر امس جولات جديدة من الاجتماعات مع عرفات ونتانياهو. والجدير بالذكر ان كلينتون كان اجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المصري حسني مبارك لإطلاعه على تطورات المفاوضات راجع ص4. وكان المسؤولون الاميركيون لا يزالون يأملون بأن يتم بت كل المسائل مع نهاية أمس الأحد على ان يقام اليوم الاثنين في البيت الأبيض احتفال بالاتفاق الذي توصلت الأطراف الثلاثة اليه. لكن المصادر ذكرت ايضاً ان الادارة مستعدة لاعطاء الجانبين كل الوقت الكافي للتوصل الى الانجاز المطلوب حتى ولو استغرق ذلك أياماً عدة. والمعروف ان الرئيس كلينتون سيتوجه الثلثاء الى كاليفورنيا ويعود الى واشنطن مساء الأربعاء، وان الاحتفال يمكن ان يقام الخميس المقبل في حال عدم التوصل الى نتائج ايجابية امس الاحد. ووصف الناطق باسم وزارة الخارجية جيمس روبن أجواء المفاوضات بأنها كانت "بناءة وبراغماتية". وحذر الصحافيين من الاشاعات التي يجري تسريبها، مشيراً الى ان معظمها غير صحيح. في حين نفى مسؤول رفض الكشف عن اسمه ما بثته إذاعة الجيش الاسرائيلي من ان الرئيس كلينتون هدد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية اذا لم يتم التوصل الى اتفاق خلال القمة الحالية، ورغم محاولة روبن اعطاء انطباع ان المفاوضات كانت سلسة فقد تسربت معلومات بأنها لم تخل من اصطدامات ومشادات كلامية بين عرفات ونتانياهو.