أعلنت الاذاعة الجزائرية أمس ان الرئيس اليمين زروال وافق أمس على استقالة وزير العدل السيد محمد آدمي، بعد اسبوع من نشر صحيفة "الوطن" اتهامات وجهها اليه قُضاة لم يذكروا اسماءهم. وكان رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى رفع الاربعاء هذه الاستقالة، بعد موافقته عليها، الى رئيس الجمهورية. وفسّر آدمي 48 عاماً استقالته برغبته في "التجرد من واجب التحفظ" الذي يمليه عليه منصبه في الوزارة، استعداداً لرفع دعاوى أمام القضاء في حق الجهات التي نشرت مزاعم عن حياته الشخصية عندما كان مدعياً عاماً في سيدي بلعباس غرب الجزائر. وأفادت وزارة العدل ان رئيس الجمهورية اسند وزارة العدل بالنيابة الى السيد أحمد نوي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الاصلاح الاداري والتوظيف. والوزير الجديد من مواليد 1948 في سور الغزلان، متزوج وله ثلاثة أطفال. وهو يحمل شهادة عليا في الرياضيات العامة والفيزياء، و"ليسانس" في علوم الاقتصاد. عمل مستشاراً لدى المحكمة العليا، ثم مديراً للدراسات في رئاسة الدولة، ثم كاتب دولة للشؤون الادارية والمحلية في وزارة الداخلية. وتتوقع مصادر جزائرية حصول تعديل حكومي قبل الانتخابات الرئاسية. وكان ا ف ب، رويترز الناطق باسم الحكومة وزير الاتصال الإعلام السيد حبيب شوقي حمراوي اعلن الاربعاء الماضي ان وزير العدل يستعد لرفع دعوى "بصفة شخصية على الاقوال المنشورة التي تمس حياته الخاصة". وحذر ايضاً من ان السلطات لن تبقى "سلبية" امام "هذا النوع من الحملات المغرضة التي تهدف اساساً الى تلويث شرف القضاء والجهاز القضائي ومؤسسات واجهزة الدولة الاخرى". وربطت الصحف المستقلة والخاصة بين هذا التحذير وبين موقف المطابع الحكومية التي انذرتها في اليوم نفسه بضرورة تسديد ديونها المستحقة في غضون 48 ساعة والا اوقفت طبعها. وتم تنفيذ هذا التهديد مما دفع بالعديد من الصحف الى وقف صدورها لمدة "غير محدودة" الى حين الحصول على ضمانات لحرية الصحافة. وشجبت الصحف الذريعة التجارية التي احتجت بها المطابع، معتبرة ان السبب الحقيقي "سياسي" ومرتبط بالمعلومات التي كشفتها والمتعلقة بالوزير المستشار لدى رئاسة الجمهورية محمد بتشين ووزير العدل. وقد اتهمت وثيقة نشرتها "الوطن" وزير العدل بانه أمر في حزيران يونيو 1997 بنقل 32 سجيناً توفوا اختناقا اثناء الرحلة. واكد المرصد الوطني لحقوق الانسان حكومي هذا النبأ. كذلك اتهمت الوثيقة الوزير ب "سوء استخدام السلطة والانتهاك المتكرر للقوانين والتدخل في صلاحيات القضاة القانونية" والاساءة الى صدقية القضاء والدولة و"انتهاك الاعلان العالمي لحقوق الانسان". وتناولت الوثيقة ايضاً معلومات عن حياته الخاصة خصوصاً عندما كان مدعيا عاما في سيدي بلعباس. ونقلت "الوطن" وثلاث صحف يومية اخرى الاسبوع الماضي مزاعم مسؤول امني سابق يتهم محمد بتشين أقرب مساعدي زروال بالفساد وممارسة التعذيب. ورد بتشين في مقابلة مطولة مع صحيفتين نشرتها وكالة الانباء الجزائرية، قائلاً ان ليس هناك أي دليل على صحة هذه المزاعم وانها جزء من مؤامرة لتشويه صورته قبل انتخابات الرئاسة المقرر ان تجرى ببداية العام المقبل. إضراب الصحف في غضون ذلك، غابت صحيفتا "لوتانتيك" و"لا نوفيل ريبوبليك" أمس الاحد عن اكشاك بيع الصحف على غرار سبع صحف اخرى قررت تعليق صدورها احتجاجا على انتهاكات حرية الصحافة في الجزائر. ونشر الصحافيون العاملون في "لوتانتيك" التي تملكها عائلة الوزير المستشار محمد بتشين، مذكرة في صحيفة "لو جون انديباندان" دانوا فيها "موقف السلطات الثابت باستخدام السلاح التجاري بغية خنق اي شكل من اشكال حرية التعبير". ووصف هؤلاء الصحافيون الحجة التجارية التي تسلحت بها شركات الطباعة الحكومية لتعليق اصدار بعض الصحف المستقلة والخاصة، بانها "خادعة". واقترحت صحيفة "الاصيل" وهي النسخة العربية لصحيفة "لوتانتيك" أمس "ان يبت القضاء في كل النزاعات مهما كان نوعها". واعتبرت هذه الصحيفة ان "الحكومة عبر الشركات القابضة التي تسيطر على رأسمال شركات الطباعة تكون طورا حازمة وتارة متساهلة حيال الناشرين الامر الذي يعطي الانطباع بان هذه العلاقة لا ترتكز على قواعد ثابتة ودائمة بل على اعتبارات سياسية". واعتبرت صحيفة "دومان لالجيريه" القريبة من بتشين ان عدم صدور بعض الصحف "ليست ضربة توجه الى حرية التعبير والديموقراطية فحسب بل انها انتهاك فاضح لدولة القانون". وكانت شركات الطباعة التي تشرف عليها الحكومة امهلت اربع صحف هي "الوطن" و"لو ماتان" و"لا تريبون" و"لو سوار دالجيري"، 48 ساعة لتسديد ديونها والا تم تعليق اصدارها. واعتبرت الصحف الاربع فضلا عن "ليبرتيه" و"الخبر" و"العالم السياسي" ان الانذار له دوافع سياسية مرتبطة بما كشفته الصحف عن بتشين وآدمي. مجزرة في قسنطينة وعلى الصعيد الأمني، افاد بيان صادر عن الاجهزة الامنية امس ان "مجموعة ارهابيين" قتلت الليلة قبل الماضية ب "طريقة جبانة" تسعة اشخاص في حما بوزيان قرب قسنطينة شرق. ولم يعط البيان اي تفاصيل اخرى بشأن هذه المجزرة التي وقعت في شرق الجزائر وهي منطقة لم تتعرض حتى الان لاعمال العنف التي تتركز منذ اشهر في الغرب. وكانت صحيفتا "لوماتان" و"لا نوفيل ريبوبليك" افادتا الاسبوع الماضي ان قوات الأمن رصدت نحو 60 عضواً من "الجماعة الاسلامية المسلحة" في سلسلة جبال بابور وهم يخططون لتصعيد اعمال العنف في الشرق. وتمر سلسلة جبال بابور في قسنطينة وجيجل وسطيف وهي اكثر الولايات ازدحاما بالسكان. وجاءت مذبحة قسنطينة بعد يوم من هجوم على قرية ويد حمامة عين الدفلى على بعد 110 كيلومترات جنوب غربي العاصمة. وذبح المهاجمون 4 شبان.