لا يستطيع المرء أن يزور سويسرا من دون أن تكون أماكن بيع الساعات السويسرية جزءاً من جولته للتعرف إلى معالم الشخصية السويسرية التي تعتبر رمزاً للانضباط والدقة والتقيد بالمواعيد. وتعود صناعة الساعات إلى قرون عدة، وهي نشأت في مناطق الفلاحين والمزارعين المجاورين لفرنسا، ممن لم يكونوا يجدون شيئاً يقومون به خلال فصل الشتاء مع توقف الأنشطة الزراعية. وتنتشر هذه الصناعة في شكل خاص في منطقة القوس الجوراسي، لا سيما القاطع السويسري المواجه للأراضي الفرنسية، وهي منطقة جبلية تمتد بطول 150 كيلومتراً وتشمل أربعة كانتونات هي جنيف وال"فوو" ونوشاتل وجورا. كما تنتشر، بدرجة أقل، في كانتوني بيرن وسولوتورن الألمانيين. وتعتبر صناعة الساعات رابع مصدر للعملات الصعبة في لائحة الصادرات السويسرية بعد الصناعات التعدينية وتصنيع الآلات، وبعد الصناعة الكيماوية، وصناعة السياحة والسفر. واستطاعت صناعة الساعات أن تضمن على مدى الأعوام الماضية نمواً ملحوظاً إذ سجلت ارتفاعاً قدره 185 في المئة بين عامي 1986 و1997 لترتفع صادراتها من 3،4 بليون فرنك سويسري إلى 3،8 بليون فرنك 35،6 بليون دولار مع العلم أن سويسرا تحتل المرتبة الأولى في العالم في مجال تصنيع الساعات الفخمة. ويعرض كل الماركات الهامة للساعات في جنيف التي لم تكن تعرف قبلاً صناعة ساعات، بل كانت فيها صناعة ثانوية تعتمد على شراء ما يسميه الحرفيون "الحركة" أي الأقسام الميكانيكية التي كانت تتم التوصية عليها في مصانع الساعات في الكانتونات الأخرى ومن ثم يتم تلبيسها في محلات جنيف ووضع العلبة المعدنية والغطاء الزجاجي لها وإضافة السوار الجلدي للمعصم لساعات اليد، أو السلسلة المعدنية لساعات الجيب. وولدت هذه الصناعة في القرى وفي بيوت الفلاحين الذين كانت أناملهم الخشنة وأكفهم الضخمة تصنع الأجزاء الميكانيكية الدقيقة والرهيفة. ويقوم أبرز الماركات السويسرية العريقة في وادي "دو جو" حيث استقرت سبع عائلات في البداية ما لبثت أن تشعبت إلى عشرات العائلات التي امتهنت تصنيع هذه الآلات الصغيرة وأقامت ماركات مشهورة، منها الكثير الذي لا يزال مشهوراً ونشطاً إلى يومنا هذا، وبينها "نوفال إيمانيا" و"فريديريك بيكيه" و"دوبوا ديبران" و"إيفال جو" وهي أربع مؤسسات لا تزال إلى اليوم تتخصص في تصنيع "الحركة" وحدها، أي الأجزاء الميكانيكية. وفي الوادي نحو 15 ماركة ساعات راقية ومشهورة منها "بريغيه" التي يعتبر مؤسسها، الذي تحمل اسمه، أحد أهم صانعي الساعات الذين عرفهم العالم، إذ استطاع تصميم وتصنيع ساعات واختراع أجزاء لم يكن أحد قادراً على تخيلها. وهناك أيضاً ماركات مثل "روبرجيه" التي تملكها عائلة من الصاغة المغربيين الذين دخلوا مجال تصنيع الساعات السويسرية الفاخرة، وماركة "أوديمارس - بيغيه" التي تعتبر أكبر مؤسسة في الوادي ويعمل لديها 700 عامل، وماركة "جايغر لوكولتر". وهناك أيضاً مؤسسات صغيرة مثل "دانيال روث" و"جيرال جنتا" التي اشترتها شركة سنغافورية. ويبلغ عدد العاملين في صناعة الساعات في الوادي 3500 عامل منهم 1700 من "الحدوديين" وهو تعبير يطلق في سويسرا على العمال الفرنسيين والايطاليين والألمان الذين يسكنون في مناطق حدودية مجاورة للأراضي السويسرية وينتقلون للعمل في الكونفيدرالية حيث فرص التوظيف أفضل وأجزى عائد. ويشكل قوس الجورا المحاذي للحدود الفرنسية نقطة استقطاب للعاملين في صناعة الساعات، بينما تجذب الصناعة الكيماوية والصيدلانية في منطقة شافوزون العمال الألمان، في حين تستقطب الصناعات الخفيفة والمتوسطة والمرافق السياحية في كانتون تيسينو العمال من المناطق الإيطالية المجاورة. وقال جوزيه تياش المدير في مؤسسة "بلانبان"، التي زارتها "الحياة" في قرية براسوس في وادي دو جو والتي تعتبر أقدم ماركة مسجلة لصناعة الساعات في العالم، إن فضل صناعة الساعات على الوادي كبير "إذ لولاها لما كان هناك عمل في الوادي". وتأسست هذه الماركة عام 1735 على يد يوان بلانبان. وحملت على غرار أغلب الماركات السويسرية اسم مؤسسها. ويمكن الاطلاع على جدران مركزها في قرية براسوس على شهادات تخرج مالكيها وبينها شهادة تخص إميل بلانبان الذي تخرج عام 1866 من مدرسة تصنيع الساعات في سانت إينيار في منطقة الجورا. تقدم إلى الوراء وأدى إدخال الكوارتز إلى صناعة الساعات في السبعينات إلى توجيه ضربة مدوية لصناعة الساعات السويسرية التي رأت حصتها من السوق الدولية تتقلص بعد ذيوع الطرازات الرخيصة والسهلة التطوير القادمة من آسيا. وبين عامي 1975 و1985 تراجع عدد العاملين في هذا القطاع في سويسرا من 90 ألفاً إلى 33 ألفاً، أي تسجيل خسارة تناهز 60 ألف وظيفة في مدى عشر سنوات. وأدت هذه الكارثة إلى "انقراض" أعداد كبيرة من الماركات المشهورة التي وجدت نفسها عاجزة عن الاستمرار ومواجهة المنافسة الكبيرة التي تعرضت لها أمام غزو "جحافل" الساعات الآسيوية والأميركية. اشتروا الساعات ...وأحبوها ولا يحب تياش الكوارتز قدر كرهه لتزوير الساعات السويسرية الفخمة. والسبب هو أن "الكوارتز لا يدخل في أي فئة من فئات الساعات الراقية". ولا يقتصر موقف هذا الخبير الذي يتحدث عن الساعات بشغف وإعجاب، على النفور من الكوارتز: المادة الجلمودية، بل يمتد أيضاً لإبداء الاستياء من سلوك بعض المشترين. وقال: "الأغنياء الجدد، لا سيما في آسيا، لا يظهرون التقدير نفسه الذي يبديه الأوروبيون للأشياء التي نصنعها بدقة وتستغرق وقتاً طويلاً لتكتمل، ذلك أن الأوروبيين الذين يشترون ساعة فخمة يحافظون عليها بحب مدى الحياة، لكن المشترين في البلدان الآسيوية لا يبدون القدر نفسه من الاحترام للمنتج وللساعات الفخمة، على رغم أنهم من كبار المشترين". وأضاف معلقاً على سلوك المشترين العرب: "الزبائن العرب الذين يأتون إلى جنيف يصطحبون زوجاتهم ونسائهم ويشترون كميات كبيرة من الساعات الفخمة. هؤلاء يمتلكون الكثير من الأموال وهم بالتالي يخزنون أعداداً كبيرة من الساعات ونحن نقول لهم: شكراً لأننا نعيش بفضلهم، لكن هذا لا يمنع أننا نفضل لو كانوا يظهرون تقديراً أكبر لساعاتنا". وتابع يقول لتبرير وجهة نظره: "تخيل عاملاً لدى بوغاتي أو رولز رويس وهو يشاهد زبوناً يقود سيارته المصنوعة يدوياً ليسير بها في الحقول ويجهدها في تسلق الجبال والدروب الوعرة والموحلة. الأمر سيثير حتماً استياء هذا العامل الذي صنع السيارة وقضى وقتاً طويلاً في إنجازها. والشيء نفسه يحدث لدى صانع الساعات الذي يقضي سنة من عمره منكباً على قطعة صغيرة من العمل الفني، وهذا يفسر الصعوبة التي نلقاها أحياناً في التخلي عن الساعة، بعد انهائها، لأننا نراها باتت جزءاً من حياتنا". وطقوس التصنيع والشراء كثيرة ولها علاقة بشغف محبي الساعات الفخمة الذين ينفقون أموالاً طائلة على التفرد بقطعة فنية نادرة وربطها بقصة ذات طابع شخصي تزيد طابع التفرد هذا. وتبرر هذه الظاهرة "حرص الكثيرين من المشترين، ممن يقصدون محلات البيع في جنيف، على القدوم إلى الشركات المصنّعة للتعرف إلى الفني الذي صنعها وإقامة نوع من الرابطة الشخصية مع الساعة منذ بدء تصنيعها، وحتى لا تشكل عملية شرائها أي نوع من القطيعة في تاريخ الساعة". الأسعار نار لكن أسعار الساعات الفخمة مشكلة بحد ذاتها. قال تياش: "السعر عادة يبدأ بثلاثة آلاف فرنك ثم يرتفع بعد ذلك. وأغلى ساعة نصنعها ثمنها 800 ألف فرنك 616 ألف دولار وهي ساعة معقدة للغاية اسمها ساعة 1735. وننوي تصنيع 30 ساعة فقط من هذا الطراز الذي يحمل تاريخ إنشاء مؤسستنا. وحتى الآن صنعنا عشر ساعات وهذه الساعة تحتاج إلى تفرغ متخصص لمدة سنة كاملة". أغلى ساعة في العالم صنعتها "باتيك فيليب" عام 1989 بمناسبة عيدها الخامس والعشرين. تزن هذه الساعة، التي أطلق عليها جزافاً ساعة جيب، أكثر من كلغ، وهي تحمل 36 وظيفة مختلفة وسعرها 5،4 مليون فرنك نحو 5،3 مليون دولار. وصنعت منها خمسة نماذج فقط للبيع، بينما صنعت نسخة سادسة احتفظت بها الشركة في متحفها الخاص. ويعتبر تصميم الساعات جزءاً من تميزها ومن تفردها ومن قدرتها على الاستمرار في وجه المنافسة. ولجأ الصانعون السويسريون إلى زيادة عدد الوظائف الخاصة بكل ساعة في مسعى هدفه تأكيد تميز الساعات الفخمة وامتلاكها جانباً فنياً وهندسياً يبرر غلاء أسعارها وأثمانها الباهظة التي تجعلها حكراً على النخبة والطبقة الموسرة، وتقصرها على جامعي التحف. إلا أن هذا التوجه عنى مضاعفة الجهود التي يتعين بذلها. وتضم ساعة "1735"، على سبيل المثال، 740 قطعة ويحتاج تجهيز قطعها وتصميمها شهراً من الزمن، وتقطيع الأجزاء الدقيقة وصقلها وترتيبها شهرين آخرين. أما تركيب بقية الأجزاء وقيام فني متخصص بتشغيلها فيحتاج إلى تسعة شهور إضافية لتصبح الساعة جاهزة. ولا يستغرق كل الساعات هذه الفترة من الزمن إذ أن بعضها يحتاج من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع، والأمر برمته متعلق بنوعية وطبيعة الوظائف والدقة المطلوبة. وشاهدت "الحياة" عبر المجهر أجزاء مسننة لمحور الدقائق، في ساعة "1735"، الذي يضم أربع أذرع على كل منها 14 سناً معدنية. وهي كلها صغيرة ودقيقة وتحتاج إلى تكبيرها 40 مرة على الأقل لرؤيتها بالعين المجردة. وينطبق الأمر نفسه على النوابض التي يتم تصنيعها بدقة متناهية. ويتم تركيب نابضين مرنين تقل سماكة الواحد منهما عن سماكة الشعرة التي تبلغ أربعة أعشار الملليمتر، وتتعسر رؤية هذين النابضين أو تحريكهما من دون اللجوء إلى استخدام المجهر، مما يصعب عملية تركيبهما. وقطعت صناعة الساعات السويسرية شوطاً طويلاً منذ أزمة الكوارتز. قال تياش: "تراجع الاهتمام بالكوارتز لأن تطور تصنيع ساعات الكوارتز كان سريعاً إلى حد أنه لم يعد مجدياً للمستهلكين تصليح الساعة التي صنعت قبل عامين أو ثلاثة أعوام، كما أن استبدال البطارية بقي مشكلة بحد ذاته. ولم يستطع اليابانيون منافستنا في مجال الساعة الميكانيكية مما سمح لنا بالاستفادة من عمليات إعادة الهيكلة الجذرية التي شهدتها المؤسسات مع إعادة دراسة سوق المنتجات الميكانيكية، وطرح فئات أخرى من الأسعار الشعبية لساعات لا يتجاوز ثمنها 100 فرنك أو العمل على تطوير سوق الساعات الفخمة". هذ التحول أدى إلى تغير في طبيعة الطلب نفسه مع إضافة مزيد من الوظائف الجديدة إلى الساعات الميكانيكية. قال تياش: "برز اهتمام جديد وصار كل الشركات يصنع ساعات ذات وظائف متعددة وفي الوقت ذاته جعلت الساعة الميكانيكية والأوتوماتيكية أكثر سهولة في الاستخدام". ويختلف زبائن الساعات الميكانيكية التي تحتاج إلى إعادة تعبئة زنبركها أو نابضها عن الساعات الأوتوماتيكية التي تؤدي حركة الساعد واليد إلى ملء الزنبرك بطريقة تلقائية. ويقبل الرجال على الطرازين معاً بينما تفضل النساء الساعات الأوتوماتيكية نظراً إلى أنها لا تستغرق أي وقت للاهتمام بها. وقال تياش بابتسامة: "تجربة النساء مع الساعات الميكانيكية ليست سهلة. أهديت زوجتي ساعة ثمنها في السوق 22 ألف فرنك. فرحت بها في البداية لكنها فوجئت، عندما حاولت ارتداءها بعدما نزعتها من معصمها ثلاثة أيام، أن عقاربها متوقفة فسألتني عن السبب فقلت لها إن عليها أن تملأ الزنبرك يومياً، فاكتفت بأن أعادتها إلي قائلة: لا شكراً. بوسعك الاحتفاظ بهديتك". طبيب أم ساعاتي لكن ماذا عن عالم الحرفيين الذين يعملون في تصنيع هذه الآلات الدقيقة؟ أولاً، هناك عملية تأهيل خبير ساعات وهذه تحتاج إلى دخول مدرسة لمدة أربع سنوات من دون راتب. وإذا رغب الخريج في التخصص في دبلوم "فني باني ساعات" فعليه قضاء عامين إضافيين في المدرسة "وهو ما يعادل الوقت الذي يستغرقه طالب الطب للتخرج". أما في حال رغب الساعاتي في تعلم كيفية بناء نماذج عدة مختلفة من الساعات فإن عليه أن يقضي 25 عاماً في هذه المهنة ليكون قادراً على انتاج أي ساعة تطلب منه "ومثل هذا الخبير نادر للغاية لأنه ليست هناك مؤسسات كثيرة تجعل العاملين لديها يتنقلون بين أقسام انتاج لماركات ساعاتها المختلفة". وتتحمل شركات عدة كلفة تأهيل العاملين لديها إذ يتم إدخال الطالب إلى المدرسة ضمن عقد يتيح تغطية أكلاف دراسته شرط العمل لديها بعد التخرج لمدة عامين. أو يتم أحياناً إدخال الطلاب في دورات تأهيلية بحيث يعمل الفني بنصف راتب في المعمل مع إتاحة الوقت لديه لمتابعة دروسه في فترات محددة من الأسبوع. وتقع أبرز أربع مدارس لتخريج صانعي الساعات في القوس الجوراسي الأولى في جنيف والثانية في لي شو دو فان والثالثة في وادي دو جو والرابعة في سولوتورن ألمانية. وتراوح رواتب صانعي الساعات بين 5،5 ألف فرنك وستة آلاف والعمر يدخل في الاعتبار. وقال تياش: "رواتبنا عالية وإذا قارناها برواتب بقية القطاعات الصناعية لوجدناها أعلى بمعدل ألف إلى 5،1 ألف فرنك، وهي تبقى من أعلى الرواتب الصناعية في أوروبا". إلا أن الأمر لا ينطبق على "الحدوديين" وهم عمال يقيمون في منطقة فقيرة وفيها بطالة عالية وتقع في الجورا الفرنسي من فالوت إلى موري إلى بورتالييه. وينال "الحدودي" راتباً يبلغ ثلاثة آلاف فرنك سويسري نحو 12 ألف فرنك فرنسي مما يشكل دخلاً مهماً له في فرنسا. أما المحترفون من الحدوديين فينالون رواتب مماثلة لرواتب الحرفيين السويسريين. ويشكل الحدوديون منافساً قوياً لزملائهم في سويسرا نظراً إلى كونهم يرضون برواتب منخفضة وزهيدة تدفع برواتب السويسريين إلى الانخفاض بدورها. وتم حل هذه المشكلة عام 1965 حينما قررت النقابات المحلية التصدي لپ"ظاهرة استغلال اليد العاملة الأجنبية" ما سمح منذ نحو عشر سنوات بالاتفاق على إقرار الراتب الحالي وقدره ثلاثة آلاف فرنك للعامل الحدودي إذا لم يكن صاحب تأهيل كافٍ. "وهناك طلاب فرنسيون يدرسون في مدارس سويسرية وثمة شركات سويسرية تدفع كلفة الدراسة لفرنسيين تقوم بتوظيفهم بعد ذلك. ويسمح البند 41 في صناعة الساعات بتأهيل العمال الفرنسيين لمدة ثلاث سنوات في مدارس تقدم لهم دراسة نظرية ثم يتدربون بعد ذلك في المعمل إلى جانب دراستهم ويدفع للعامل نصف راتب". وتضم صناعة الساعات في سويسرا 33 ألف عامل يعملون فيها في شكل مباشر أو غير مباشر وهم جميعاً من السويسريين، وهذا لا يشمل الحدوديين الذين يعتبرون يداً عاملة متحولة ومؤقتة "لأنهم أول من يطرد في حال حدوث عمليات تسريح". أنا وأنت والزمن إلا أن كسب جولة لا يعني الانتصار في الحرب، إذ ماذا عن الروبوت. ألا يشكل تهديداً لصناعتكم في العقود المقبلة؟ أجاب تياش: "لا، لأنه لن يكون بوسع أي آلة في العالم أن تحل محل صانع الساعات باستثناء عملية تصنيع ساعات الاستهلاك الجماهيري مثل ساعات الكوارتز التي يمكن تصنيع كميات كبيرة منها. أما تصنيع ساعات بالغة الدقة مثل ساعاتنا فهو أمر يحتاج إلى آلات مكلفة وباهظة مما يؤدى إلي بيع الساعات بأسعار مرتفعة للمحافظة على هامش الربح. المسألة برمتها لا تخص انتاج الساعات بل قدرة الانسان على تحدي الآلة". وشرح تياش أن "تصنيع وتركيب بعض محاور الحركة في الساعة قد يتطلب حفر ثقوب ونقاط ارتكاز لا تتجاوز أجزاء بسيطة من المئة من الملليمتر، ولو مورس أي ضغط خاطئ فستتغير طبيعة المادة المعدنية مما يؤثر في دقة الساعة ودقة عقاربها وهذا يتطلب حذاقة لا يستطيع توفيرها سوى الانسان". لكنه لا يستبعد أن يحمل الزمن المقبل تطوراً في أسلوب عمل الآلة وكلفتها لكن "الوقت لا يزال بعيداً"، مشيراً إلى أن أخلاط الصلب المستخدمة لم تتغير كثيراً منذ 150 سنة وحتى اليوم. وتوقع أن تنتج المؤسسة التي يعمل فيها ثمانية آلاف ساعة للسنة الجارية. وتتبع "بلانبان" وتعني الخبز الأبيض مجموعة "سواتش"، التي يملكها رجل الأعمال اللبناني الأصل نيكولا حايك، والتي بلغ حجم أعمالها السنة الماضية بليوني فرنك نحو 5،1 بليون دولار. وقامت المجموعة بعمليات تملك في قطاع الساعات خلال السنوات الماضية شملت، إضافة إلى "سواتش"، كلاً من "أوميغا" و"رادو" و"سرتينا" ولونجين" و"فريديريك بيكيه" و"تيسو" و"بلانبان": آخر الماركات المنضمة إلى المجموعة الدولية، التي صارت لديها تشكيلة واسعة من الساعات العادية والمتوسطة والغالية والفخمة. الصورة لساعة 1735