عبرت القاهرة عن انزعاج شديد من أريتريا بعد تلقيها تقارير افادت ان الرئيس اساياس افورقي ابلغ قادة منطقة القرن الافريقي ان "المصريين ورطوا اريتريا مع السودان ووضعونا في المواجهة ثم انسحبوا وان "صناع القرار السياسي في مصر يحاولون استعادة الفرصة التي ضاعت منهم في القرن الافريقي بزعزعة الاستقرار وعدم الاعتراف بأن اريتريا تحررت". وتواصلت الازمة المكتومة بين مصر وأريتريا بسبب انتقادات الاخيرة للتوجهات السياسية المصرية والانجازات التي حققتها، خصوصا على صعيد تحسن العلاقات مع السودان ورعاية مصالحة بين الفصائل الصومالية اسفرت الشهر الماضي عن "إعلان القاهرة". وتفاعلت هذه الازمة اخيراً بسبب بيان اريتري حاول التقليل من نجاح مصر في الملف الصومالي، واعتبر ان اعلان القاهرة "أخل بالتوازنات الحساسة لمصلحة طرف على حساب طرف آخر"، وان جهود القاهرة "تؤدي الى المزيد من العداء داخل الصومال". وتسعى الديبلوماسية المصرية الى عدم التصعيد من جانبها حيال اريتريا. وبعث وزير الخارجية السيد عمرو موسى برسالة الى نظيره الاريتري اطلعه فيها على هذه الجهود وشرح اعلان القاهرة "وطلب من اريتريا دعم تنفيذه والتعاون لانهاء ازمة الصومال"، وذلك ضمن رسائل بعث بها موسى الى نظرائه في دول "السلطة الحكومية للتنمية" ايغاد. واكتنف الغموض زيارة الرئيس الاريتري اساياس افورقي للقاهرة التي تأجلت الى "اجل غير مسمى" بعد تأجيلها مرتين من ايلول سبتمبر الى تشرين الثاني نوفمبر الماضيين لأسباب صحية حسبما كانت اعلنت اسمرا وقتها. واعتبر مراقبون في العاصمة المصرية إلغاء الزيارة احد تجليات هذه الازمة الناجمة ايضاً عن امتعاض اريتريا من تحسن العلاقات المصرية - السودانية وما تعتبره اريتريا ايضا سحباً للبساط في مسألة الوساطة بين الفرقاء السودانيين، خصوصاً بعد زيارة رئيس "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق للقاهرة اخيراً واستجابته طلبها وقف العمل العسكري الذي ينطلق من اريتريا لاتاحة الفرصة لجهود الوساطة المصرية. وأضاف المراقبون اسباباً اخرى للأزمة تتعلق بإبداء اريتريا عدم ارتياح مما تعتبره "دوراً غير محايد لمصر في النزاع مع اليمن في شأن السيادة على ارخبيل حنيش، ودعم اليمن بخبرات سياسية وقانونية ووثائق"، اضافة الى عودة شخصيات اريترية معارضة اخيرا الى مصر للعلاج كانت غادرتها عام 1992. وكان زار القاهرة قبل فترة للعلاج مسؤول العلاقات الخارجية في "جبهة التحرير الاريترية - التنظيم الموحد" سابقاً السيد محمد عثمان خير عضو "الجبهة الوطنية الديموقراطية" التي تأسست في العاصمة الالمانية بون العام قبل الماضي. وليست هذه الازمة الأولى بين اسمرا والقاهرة، اذ سبقتها ازمات تم احتواؤها في حينه كان معظمها بسبب تصريحات افورقي التي تراكمت بين دفتي ملف خاص لدى الجهات المعنية في مصر ابرز اوراقه تلك التي تتضمن اتهام افورقي مصر بأنها "عملت ضد استقلال اريتريا وتتخذ مواقف غير مسؤولة في منطقة جنوبالبحر الاحمر"، ووصفها بأنها "دولة تبحث عن دور اقليمي بينما لا تأكل سوى 30 في المئة فقط من انتاجها والباقي معونات اميركية". كما ذكرت اوساط ديبلوماسية ان افورقي قال خلال اجتماع مع السفراء الاجانب في اسمرا عام 1994 ان "السياسة المصرية سبب كل الكوارث في المنطقة"، ولاحظت ان هذه العبارة صوغ آخر لعبارة "مصر قادت المنطقة في الماضي الى الهاوية" التي كان رددها رئيس وزراء اسرائيل السابق شمعون بيريز خلال المؤتمر الاقتصادي الاول في الدار البيضاء في العام نفسه.