قال نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام أمس بعد لقائه ووزير الخارجية السيد فاروق الشرع مع الرئيس جاك شيراك ووزير خارجيته هوبير فيدرين انه "اذا أراد الاسرائيليون الانسحاب فعلاً من لبنان فمن يربطهم ويعيقهم ويمنعهم" و"اعتبر ان الأحلاف التركية - الاسرائيلية تزيد الانقسام وعدم الاستقرار في المنطقة". وعلم ان فيدرين سيبلغ الرئيس حافظ الأسد لدى زيارته دمشق نية فرنسا لعب دور في سياق الترتيبات الأمنية بعد تحقيق السلام على المسارين السوري واللبناني. واستقبل شيراك في قصر الاليزيه على مدى أكثر من ساعة ونصف ساعة الوفد السوري الذي تأتي زيارته قبل خمسة أيام من جولة فيدرين التي تشمل كلا من لبنان والأردن وسورية ابتداء من 11 كانون الثاني يناير الجاري. وجاءت زيارة خدام والشرع تلبية لرغبة سورية أعربت عنها دمشق قبل عشرة أيام وفق معلومات "الحياة"، الأمر الذي تعتبره اوساط مطلعة بأنه تعبير عن رغبة سورية في تقديم طلب ما الى فرنسا متعلق بزيارة فيدرين الى دمشق، وقال خدام بعد اللقاء "تناولنا مجمل أوضاع المنطقة بما فيها جمود العملية السلمية، وموقف الحكومة الاسرائيلية الذي أدّى الى تعطيل هذه العملية، وقد نوقش الوضع من جوانب مختلفة وكانت وجهات النظر متفقة في شأن كل المواضيع ذات الاهتمام المشترك سواء ما تعلق منها بالمنطقة أو العلاقات الثنائية". وسئل هل تعرضت المحادثات للعلاقات بين تركيا واسرائيل والمناورات المشتركة فأجاب "طبعاً تعرضنا لهذه المناورات والعلاقات التركية - الاسرائيلية وأوضحنا مخاطرها ليس على دول المنطقة فحسب وانما على الأمن والسلم الدوليين ايضاً. لأنها تُدخل المنطقة في موضوع الأحلاف وسوف تزيد الانقسام وعدم الاستقرار، ولن يكون أحد رابحاً من مثل هذه الأحلاف". وتعليقاً على قبول اسرائيل القرار 425، قال خدام: "لقد صرح وزير الدفاع اسحق موردخاي بأنه يقبل القرار 425 وبعد أقل من ساعة صرح مكتب رئيس الوزراء بأن اسرائيل لا تنسحب من دون شروطها. وحين تنسحب اسرائيل من دون قيد أو شرط من الأراضي اللبنانية فهذا الأمر سيكون موضع ترحيب ليس من العرب وحدهم بل من كل العالم. واذا أرادت اسرائيل المناورة والوصول الى حلول منفردة فهي تعلم ان مثل هذه المناورات لن يكتب له النجاح. ولو أراد الاسرائيليون فعلاً الانسحاب من لبنان فمن يربطهم ويعيقهم ويمنعهم". من جانبها قالت كاترين كولونا الناطقة الرسمية باسم الرئيس الفرنسي ان مسيرة السلام في الشرق الأوسط استحوذت على الجزء الأكبر من المحادثات. وأوضحت ان خدام حمل رسالة شفهية من الرئيس السوري تطلب دوراً أكبر لفرنسا وأوروبا في مسيرة السلام يكمل الدور الأميركي لكي يكون أكثر فاعلية في مسار السلام. وقالت ان خدام أعرب عن أسفه لتعطيل عملية السلام ما أحدث وضعاً خطراً في المنطقة من شأنه ان يثير عدم الاستقرار مشيراً الى ان سورية هي في جانب "مؤيدي السلام". وتابعت كولونا ان نائب الرئيس السوري "ذكر بأنه حصل تقدم في عملية السلام قبل خمس سنوات لكن الأمور تغيرت مع قدوم الحكومة الاسرائيلية الحالية التي حمّلها مسؤولية التعطيل الحالي، ولذلك دعا خدام الى مشاركة أوروبية أكبر في عملية السلام". وأضافت كولونا ان الجانب الثاني من رسالة الأسد الى شيراك يركز على العلاقات الثنائية التي وصفها بالجيدة والتي تمنى استمرارها وتطويرها، فكان جواب شيراك ان فرنسا مستمرة في سياستها العربية والمتوسطية مؤكداً ان فرنسا تقيم علاقات جيدة جداً مع سورية حتى لو حصلت مصاعب في السابق، فهي تواصل سياستها هذه لأنها تريد السلام في المنطقة. وأعرب شيراك عن "أمله بأن يصبح المتوسط أرض سلام واستقرار وهو يشجع كل ما يصب في هذا الاطار لأن السلام هو جوهر التحرك الفرنسي في المنطقة وان باريس مستعدة للمساعدة اذا رغبت الأطراف بذلك". وقالت كولونا ان شيراك "كرر تمسك فرنسا بسيادة الأراضي اللبنانية واستقلالها". وعلمت "الحياة" من مصادر فرنسية مطلعة ان شيراك أبلغ نائب الرئيس السوري خدام، خلال لقائهما أمس في باريس انه سيحمل وزير الخارجية الفرنسي رسالة الى الرئيس السوري مفادها ان فرنسا عازمة على القيام بدور على صعيد الترتيبات الأمنية بعد تحقيق السلام، في جنوبلبنان وفي الجولان. وذكرت هذه المصادر ان شيراك حرص على طمأنة خدام والشرع الى تطابق الموقف بينه وبين الحكومة الفرنسية الاشتراكية في ما يتعلق بمسيرة السلام، مؤكداً ثقته التامة بوزير خارجيته فيدرين. وأشارت الى ان شيراك دعا فيدرين تكراراً خلال اللقاء مع خدام والشرع، الى الادلاء برأيه في المواضيع التي بحث فيها، فأجاب وزير الخارجية الفرنسي انه "يؤيد بشكل كامل كل ما يطرحه الرئيس الفرنسي". وقالت ان هذا الموقف أوجد طمأنينة لدى الجانب السوري الذي يحتفظ بذكريات غير مريحة بالنسبة الى العلاقة التي كانت قائمة بينه وبين الرئيس الراحل فرانسوا ميتران الاشتراكي ما جعله يتخوف من التعايش الحالي بين شيراك اليميني والحكومة الفرنسية الاشتراكية.