بدأت تركيا امس مناورات مشتركة في البحر الابيض المتوسط مع قوات بحرية اميركية واسرائيلية، وأخرى منفردة في بحر إيجة تشارك فيها القوة الأساسية في بحريتها ما أثار احتجاجات اليونان. في غضون ذلك تصل إحدى غواصاتها الى ميناء أبو ظبي اليوم في زيارة ودية للامارات. وصعدت سورية حملتها على الدول الثلاث والاردن الذي يشارك في المناورات بصفة مراقب. وتشترك في المناورات، التي سميت "عروس البحر الموثوق بها". وهدفها المعلن التدريب على عمليات بحث وانقاذ، سفينة حربية حديثة وفرقاطات من طراز "ميكو - 200" من تركيا ومدمرة وطائرة هليكوبتر من الولاياتالمتحدة وسفينتا دورية وطائرة من اسرائيل. ومن المقرر ان تنتهي المناورات الجمعة المقبل. وهذه المرة الأولى التي تجري فيها مناورات بحرية تضم تركيا المسلمة والدولة اليهودية وتأتي تتويجاً لتعاون عسكري يتطور في اضطراد بينهما. وفي الاسبوع الماضي فقط حصلت اسرائيل على عقد جديد من انقرة قيمته 75 مليون دولار لتحديث 48 طائرة حربية تركية من طراز "إف - 5" إضافة الى عقد قيمته 640 مليون دولار يجري تنفيذه حاليا ويشمل تحديث عدد مماثل من طائرات تركية من طراز "اف - 4". الى ذلك يتعاون البلدان في مجالات صناعية اخرى ذات طابع عسكري وتنوي تركيا شراء صواريخ اسرائيلية جو - ارض من طراز "بوباي" ويدرس خبراؤهما حاليا امكان انتاج مشترك لصواريخ بعيدة المدى من طراز "آرو" لمواجهة اي تهديد صاروخي محتمل من ايران وسورية والعراق. وصعدت سورية أمس انتقاداتها للمناورات البحرية الثلاثية، خصوصاً مشاركة الأردن فيها و"رعاية" واشنطن "التحالف الشرير" بين تركيا واسرائيل الذي "يفجر بؤر الصراع" و"يقضي على كل أمل باحلال السلام" في الشرق الأوسط، وأكدت ان "التهديدات والضغوط" التي تستهدفها المناورات والتحالف "لن يرهبا سورية حاضراً أو مستقبلاً". وقال وزير الاعلام السيد محمد سلمان ان "مفهوم السيادة لا يبرر" للأردن أو أي دولة عربية المشاركة في هذه المناورات "لأن أي انفراد لدولة اسلامية أو عربية بمواقفها لن يبقي حاجة لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي". وبعدما وصفها بأنها "استعراض للقوة وعودة الى اجواء الحرب الباردة وبمثابة ضغط على سورية" أكد الدكتور سلمان في تصريحات صحافية أمس ان "التهديدات والضغوط لم ترهب سورية في السابق ولن ترهبها حاضراً أو مستقبلاً ولن تنال من مواقفها الثابتة في عملية السلام القائمة على العدل والشمول وعدم التفريط بأي ذرة من التراب". وانتقدت وسائل الاعلام الرسمية "رعاية" الادارة الأميركية للتعاون بين أنقرة وتل أبيب ومشاركتها في المناورات. وكتبت صحيفة "تشرين" في افتتاحيتها: "من البديهي ان من يسعى الى احلال السلام لا يشجع مظاهر الحرب، وفي طليعتها تشكيل الأحلاف العسكرية، لذلك فإن الموقف الأميركي الراعي للحلف العدواني، يتسم بالغرابة". وتابعت الصحيفة ان هذا التحالف "لن يفجر كل عوامل الصراع" بين دول المنطقة فحسب، بل انه "سيقضي على كل أمل باحلال السلام" في الشرق الأوسط و"سيبدد كل اجواء السلام ويستبدلها بطبول الحرب والعدوان". عمّان وفي عمان ضمت أحزاب وقوى المعارضة الأردنية أمس صوتها الى سورية ومصر وايران والعراق لادانة مشاركة المملكة في المناورات البحرية التي تجريها قوات أميركية وتركية واسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط. وقال النائب أحمد عويدي العبادي ان مشاركة الأردن في المناورات التي بدأت أمس "تمثل انتكاسة لسياسة الأردن لجهة تحسين العلاقات مع الدول العربية والاسلامية وتناقضاً مع السياسات المعلنة للحكومة". وقال العبادي ان المشاركة الأردنية "تشكل تهديداً واضحاً للأمن القومي العربي والاسلامي". وقال ناطق باسم جماعة الاخوان المسلمين "ان مشاركة الأردن في حلف تركي - اسرائيلي لن يخدم مصلحة الأردن الوطنية، ويمثل تهديداً للأمة العربية. وقال: "ان هذا التحالف يذكرنا بالتحالف المشؤوم في الخمسينات بين تركيا وبعض الدول العربية". ويذكر ان العميد حسين خصاونة، قائد القوات البحرية الأردنية غادر عمّان أول من أمس لحضور المناورات بصفته مراقباً. وقالت الحكومة الأردنية في سياق دفاعها عن المشاركة في المناورات ان المسألة "قرار سيادي يخص المملكة وحدها". وزاد وزير الاعلام بالوكالة السيد ناصر اللوزي ان الأردن وافق على المشاركة في المناورات بصفة مراقب استناداً الى ما يراه الأردن متوافقاً مع مصالحه الاستراتيجية الاقليمية. الى ذلك فشل نواب المعارضة في البرلمان في اثارة الموضوع للمناقشة بعد رفض رئيس مجلس النواب السيد سعد هايل السرور ادراج الموضوع في جدول الأعمال تحت بند "ما يستجد من أعمال". واحتد النقاش بين السرور والنائب المعارض نزيه عمارين الذي اعتبر قضية المشاركة الأردنية في المناورات "لا تحتمل التأجيل، وتمس الأردن وسيادته"، مشدداً على انها "مرفوضة وخطيرة". وقال مصدر رسمي أردني لپ"الحياة" ان هذه المناورات ليست موجهة ضد أي طرف في المنطقة وانها تستهدف تطوير القدرات العسكرية للدول المشاركة أسوة بالتمارين التي تجريها مختلف القوات العسكرية لدول المنطقة. وأضاف انه "لا يجد مبرراً منطقياً للانتقادات السورية والمصرية"، مشيراً الى ان تركيا "دولة صديقة للأردن، كما ان المملكة ترتبط بمعاهدة سلام مع اسرائيل كما هو الحال بالنسبة الى مصر". وأشار الى ان سورية ايضاً اتخذت قراراً استراتيجياً بإبرام سلام مع اسرائيل. ويرى مراقبون ان الأردن يعتبر علاقاته المتنامية مع تركيا بمثابة محاولة لايجاد توازن اقليمي في ضوء التحالف الاستراتيجي بين سورية وايران في اطار التنافس على الدور الاقليمي في المنطقة.