ينتخب البرلمان المغربي الثلثاء رئيس الغرفة الأولى في البرلمان على ان يتم اختيار رئيس الغرفة الثانية في اليوم التالي الأربعاء. ورجحت المصادر ان يكون الاعلان الرسمي عن موعد انتخاب رئيسي الغرفتين وكذلك أعضاء مكاتب البرلمان ولجانه المختصة مؤشراً الى احتمال توصل الكتل النيابية والأحزاب السياسية الى صيغ توافقية تفسح في المجال أمام العاهل المغربي الملك الحسن الثاني لبدء اتصالاته من اجل تشكيل الحكومة المقبلة. وكان العاهل المغربي دعا خلال افتتاحه البرلمان في السادس والعشرين من كانون الأول ديسمبر الماضي النواب الجدد الى العمل بدءاً من الأسبوع الماضي لانتخاب رئيسي وأعضاء المكاتب لكن الأحزاب الممثلة في الغرفتين، أرجأت موعد الانتخاب الى حين اكتمال المشاورات الخاصة بتشكيل الغرف النيابية والتشاور في شأن الترشيح والتصويت على رئيسي الغرفتين. وكانت مصادر مغربية تحدثت عن ضغوط مارستها الكتل النيابية من اجل تأمين حصولها على وضع مريح في تشكيل مكاتب المجلسين. لكن الواضح ان الأحزاب والكتل السياسية كانت في حاجة الى مزيد من التفكير والتشاور خصوصاً ان عملية الانتخابات مرتبطة في شكل وثيق بالتشكيلة الحكومية المرتقبة. ويفترض ان ينتمي رئيس الغرفة الأولى الى الغالبية التي ستشكل هذه الحكومة، وما دام التركيز يتجه نحو حكومة ائتلافية تضم الاتحاد الاشتراكي وأحزاباً من الوسط وأخرى صغيرة فإن الأرجح ان تسند رئاسة الغرفة الأولى الى حزب التجمع الوطني للأحرار ممثلاً للوسط في حين تُسند رئاسة الحكومة للاتحاد الاشتراكي. وضمن هذا التوجه، لا يُستبعد ان تسند رئاسة الغرفة الثانية الى أحد أحزاب الوفاق وعلى رأسها الاتحاد الدستوري. وترى الأوساط ان تردد الأحزاب السياسية خصوصاً داخل الكتلة المعارضة، مرتبط نوعاً ما بالغموض الذي يكتنف احتمال مشاركة حزب الاستقلال المعارض في الحكومة المقبلة بعد ان كان عبر عن معارضته لنتائج الانتخابات الاشتراعية التي لم تمنحه سوى 32 مقعداً في البرلمان في مقابل 57 لحليفه في الكتلة الديموقراطية الاتحاد الاشتراكي. ومن شأن انتخاب رئيسي مجلس الغرفة الأولى والثانية ان يُظهر التوجه العام الذي ستكون عليه الحكومة المرتقبة. وكان العاهل المغربي أعلن انه سيختار الشخصية التي يُعهد اليها بتشكيل الحكومة "في نطاق تحكيم ضميره" لتطلب ثقة البرلمان، وهو ما يشير الى التوجه نحو تشكيل حكومة "أقلية" تحظى بدعم الغالبية النيابية. وتتجه التكهنات حتى الآن الى ان رئاسة الحكومة المقبلة ستُسند الى الاشتراكي مع تشكيل تحالفات مع أحزاب الوسط وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار. الا ان سيناريوهات اخرى تبقى واردة خصوصاً اذا ما توفق بعض قياديي الاتحاد الاشتراكي في تغليب الكفة لمصلحة مساندة مواقف حزب الاستقلال في حال معارضته الدخول في الحكومة المقبلة، خصوصاً في ضوء مواقفه السابقة التي عبر فيها عن معارضة تزكيته أي حكومة تنبثق من البرلمان الحالي. بيد ان بعض المصادر رأى ان افساح الحزب في المشاورات مع حلفائه في المعارضة في نطاق "الكتلة الديموقراطية"، تشير الى احتمال تغيير تعاطيه في التعامل مع الوضع الراهن ومتطلبات الفترة التي تجتازها البلاد. وكان الملك الحسن الثاني أكد ضرورة تلاحم كل القوى لمواجهة التحديات التي تواجهها البلاد، في اشارة الى الاعداد للاستفتاء في الصحراء المغربية والمقرر في الأول من كانون الأول ديسمبر المقبل بحسب اتفاقات هيوستن بين المغرب وجبهة "بوليساريو"