اعتبرت مصادر حزبية دعوة «حزب الأصالة والمعاصرة» الذي يترأسه الوزير السابق القريب من القصر الملكي فؤاد عالي الهمة، رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي إلى المثول أمام البرلمان لعرض نتائج النصف الأول لولايته، مشروعاً ل «تحريك المشهد السياسي» الذي يشهد تساؤلات عن مستقبل التحالفات الحزبية القائمة. ولفتت إلى توقيت الدعوة التي جاءت قبل بضعة أيام من انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، معتبرة أنها تهدف إلى زيادة الضغط على أحزاب الائتلاف الحكومي في وقت دقيق «لمعاودة خلط الأوراق» قبل أقل من سنتين على الانتخابات التشريعية. وقال نواب في «الأصالة والمعاصرة» الذي حصل على غالبية مريحة في انتخابات بلديات السنة الماضية إنهم سيواصلون «المعارضة البناءة» لحكومة الفاسي، ما يرجح أحد احتمالين: أما استمرار الائتلاف الحكومي في أداء مهمته إلى نهاية الولاية الراهنة للبرلمان، أو البحث في اقتراح تشكيل حكومة وحدة للتعاطي وتطورات ملف الصحراء وإقرار «النظام الجهوي الموسع» الذي يمنح صلاحيات واسعة للإدارة والمنتخبين المحليين. وأشارت المصادر إلى أن طلب «اللجنة الاستشارية للخيار الجهوي» إرجاء تقديم خلاصات عملها إلى نهاية السنة الجارية يفسح في المجال أمام استمرار المشاورات مع القوى السياسية لإقرار قوانين تحظى بإجماع الكتل النيابية كافة في المعارضة والموالاة. ولاحظت المصادر أن طلب «الأصالة والمعاصرة» يأتي قبل أقل من أسبوع على انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب الذي كان يشغله الرئيس السابق ل «تجمع الأحرار» مصطفى المنصوري قبل عزله من قيادة الحزب، ما يعني ممارسة قدر أكبر من الضغط على أحزاب الائتلاف الحكومي، خصوصاً أن أوساطاً حزبية ترجح انتخاب زعيم «الاتحاد الاشتراكي» وزير العدل السابق عبدالواحد الراضي في المنصب الذي لا يزال موضع خلاف، مع رغبة «تجمع الأحرار» في استمرار تولي رئاسة المجلس بمرشح جديد. وعادت إلى الأذهان تجربة انتخاب الأمين العام ل «الأصالة والمعاصرة» محمد الشيخ بيدالله رئيساً لمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، باعتباره أول رئيس للمجلس من خارج الائتلاف الحكومي، في وقت كان الائتلاف يريد إسناد المنصب إلى قيادي في «تجمع الأحرار». وسبق ل «الاتحاد الاشتراكي» أن دعا إلى حوار شامل مع الأحزاب كافة لوضع تصورات لإصلاحات سياسية، وأبدى رغبته في الانفتاح على «الأصالة والمعاصرة»، على رغم المؤاخذات المتبادلة بين الحزبين، وذهب أبعد من ذلك نحو البحث في خطة تنسيق شامل مع الفاعليات الحزبية، وضمنها «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، ما يعني أن تلك الدعوة ليست بعيدة من هاجس معاودة ترتيب الخريطة الحزبية. ويقول قياديون في أكثر من حزب في الموالاة والمعارضة إن هاجس إقامة «أقطاب سياسية» كبرى بات يسيطر على العمل الحزبي، خصوصاً في ضوء الإقرار باستحالة حيازة أي حزب أو تكتل سياسي الغالبية في أي استحقاقات مقبلة. وشرعت أحزاب في الانفتاح على بعضها ضمن خطة تميل إلى توزيع المشهد السياسي بين تيارين كبيرين، أحدهما في الحكومة والآخر في المعارضة، على أن يتولى تيار ثالث بمرجعية «وسطية» ترجيح كفة هذا التكتل أو ذاك. ويقر منتمون إلى «الكتلة الديموقراطية» التي تضم أحزاب «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» و «التقدم والاشتراكية»، بأن متغيرات عدة طاولت معطيات تأسيس الكتلة التي باتت في أمس الحاجة إلى التجديد والانفتاح على الآخرين، فيما آلت تجربة سابقة لتشكيل تكتل يميني أطلق عليه «الوفاق الوطني» إلى لا شيء، خصوصاً مع انتقال أحزاب الكتلة إلى الحكم، ما يعني أن هناك اتجاهاً لتجديد التحالفات، على أساس ان تسبق موعد انتخابات 2012 ولا تليها.