كنت أول من أطلق على الاسفاف الذي وصل اليه التنافس التلفزيوني الفضائي العربي عبارة "سيطرة عقلية الكباريه". وهذا بالفعل ما حصل وما تفاقم خطره حتى تشكلت قناعة بأن هناك خطة مدبرة لتحويل هذه الوسيلة الاعلامية المهمة الى "حصان طروادة" يقضي على الأخلاق ويهدم المجتمعات ويجر الأجيال الى حافة الضياع والانحراف والعنف. فما نشهده حالياً من مهازل ومساخر لا يخطر على بال لدرجة ان كثيرين من الناس حسموا قرارهم بالامتناع عن المشاهدة أو الاتجاه الى أقنية أخرى تنشر العلم والثقافة والترفيه البريء حتى لا تتحول بيوتهم الى كباريهات ليلية! وهذه ليست دعوة للتزمت أو للانغلاق بل مجرد تأكيد بأن الحرية مسؤولية وأمانة في اعناقنا كإعلاميين ولا يجوز تحويلها الى تخريب واثارة فتن وتنافس على المحرمات وتخريب اللغة العربية ونشر الثقافة الهابطة عبر المسابقات التي تحولت عن أهدافها من أداة تثقيف وتقديم معلومات الى ورقة يانصيب ومقامرة وأسئلة تافهة عن الممثلة الفلانية أو الراقصة العلانية. وفي بعض الأحيان تحولت المذيعة الى راقصة والراقصة الى مقدمة برامج والمنافق الى نجم خطير والفاسق الى واعظ! وقد كتبنا مراراً عن هذا الانحراف ومن لا يصدق ليتنقل عبر "الريموت كونترول" ويحكم على ما يشاهده من تفاهات وإسفاف. هل تصدقون ان احدى القنوات تبث اغنية يقول مطلعها: ما بدي صوم وصلي بدي أعبد سماكي عالجنة ما بدي روح عاجهنم أنا وياكي! هذا والله ما حصل، وناقل الكفر ليس بكافر، والى جهنم وبئس المصير لهكذا اعلام وغناء وطرب. اما البث المباشر فقد تحول الى تنهدات وغزل مكشوف وآهات وكلام بذيء! فهل تصدق عزيز القارئ، ان مشاهداً اتصل بمذيعة برنامج تافه، صاحبة خلفية ثقافية، وقال لها بالحرف الواحد: لي طلب عندك: فردت عليه بدلع ظاهر: بتأمر. فقال ابرمي!! دوري! فدارت! واهبطي… هبطت! واستخدم هنا كلمة أخف وطأة!… فضحك المشاهد وقال لها: خلاص فشيت خلقي! ومذيعة أخرى ساذجة سألت مشاهداً قال انه من حمص: لماذا ينكت الناس على الحماصنة؟ وهل صحيح ما يقال عنهم! ورد الحمصي الذكي منتقماً: بتعرفي ليش الحمصي يأخذ معه جهاز التلفزيون الى التواليت؟ فردت: لا ما بعرف! فأجاب بخبث: لأن المذيعة فيه بتپ…! مثلك! واقفل السماعة واحمر وجه المذيعة خجلاً ولم تعرف بماذا تجيب بعد ان كال لها المشاهد الصاع صاعين. هذه عينات بسيطة من المهازل اليومية ومن السخافات التي تلبس لبوس "رموز الثقافة العربية" والتي تنفق آلاف الدولارات على أسئلة مثل من غنى اغنية "الحب بلدي" أو من قلد فلانٌ من الفنانين: عبدالفتاح القصري أم اسماعيل ياسين أو علي بيه مظهر! ولتحيا الثقافة… وليسقط الاعلام المسؤول والهادف، ومعه الفضيلة والقيم والأخلاق في عصر التطبيع مع الأعداء: هذا هو شعار الرواد الجدد. ومعه شعارات أخرى: مثل ما إلك الا هيفا… وبتخسر اذا ما بتلعب… واذا بتحبونا شوفونا… ومن مال الله شاهدونا فنحن الأفضل بعد ان انتصرنا على "العصر الحجري"!
خلجة عاهدت نفسي ان أكون لك وحدك أهديك الورد والعطر وأحقق لك الأحلام عاهدت نفسي وعاهدتك ان أحميك بصدري وأمنحك كتفي لأبعد عنك الآلام والهموم. عاهدت نفسي أن أحبك الى الأبد.