يربط بعض المؤرخين بدء استخدام لقب «الفنانة الشاملة» بدخول الراقصات الشرقيات الى مجال التمثيل السينمائي. وبما أن العادات العربية لطالما وضعت الراقصة في خانة المتهمة أخلاقياً، تفتق ذهن بعضهم عن لقب «الفنانة الشاملة» في محاولة لرفع شأن الراقصة التي ارتقت درجة ودخلت عالم التمثيل الأفضل نسبياً. ومع مرور الوقت، تحول هذا اللقب إلى ترجمة سريعة للراقصة التي تمثل وأحياناً تغني (بصرف النظر عن صلاحية صوتها للغناء)، أو الممثلة التي اكتشفت في نفسها فجأة موهبة الرقص وربما أيضاً الغناء. وفي عصر الفضائيات، ومع تزايد الأعداد وتنوع القنوات، تنوعت أشكال المذيعين والمذيعات، ولم يعد المذيع أو المذيعة هو ذلك الوجه الصارم ذو الملامح الجامدة إنما أصبح أشبه بالنجم السينمائي. وهكذا خرج من عباءة السيناريو المكتوب مسبقاً، وأضحى المجال مفتوحاً أمامه ليلعب دوراً يختاره، فقد يكون «نصير الفقراء» أو «حبيب المظلومين» أو «رجل الحكومة» أو «صديق المرأة» أو «صوت المعتصمين» أو ما شابه. وبات على كل مذيع أن يختار المجال الذي يرى نفسه متألقاً فيه أكثر من زملائه. وعلى صعيد آخر، هناك من زملائهم من الجنس اللطيف من وجدت في الظهور على الشاشة الصغيرة طريقاً آخر نحو النجومية. فمنهن من كانت تحلم بخوض مجال السينما، لكن الظروف لم تسمح لها. وبما أن جميع الطرق غالباً تؤدي إلى روما، فإن الفضائيات بدت لهن إحدى الطرق المؤدية إلى الغاية. وكم من مذيعة، لا سيما في مجالات المنوعات والنشرات الفنية وبرامج استضافة النجوم والنجمات، وجدت ضالتها المنشودة من بوابة القنوات التلفزيونية. لكن الغريب أن الظاهرة تطاول أحياناً مذيعات ومذيعين ممن يقدمون برامج جادة تتناول قضايا السياسة والاقتصاد وأحوال الشعوب، وغيرها من القضايا التي تقف على طرف نقيض من عالم الفن، لا سيما في مجال الأفلام والمسرحيات التافهة. ويحرص أولئك على الاحتفاظ بعملهم الأصلي كمقدمي برامج ومذيعين ومحاورين جنباً إلى جنب مع جس نبض عالم الفن، ربما لعدم قناعة بمستقبله أو بالأحرى بمستقبلهم فيه. لكن سؤالاً مهماً يطرح نفسه، هل يصلح لقب «الفنان الشامل» للمذيعين كذلك؟ وهل يحتفظ المذيع الذي يخلع عباءة التحدث باسم الفقراء ليرتدي عباءة البطل «الحبوب» أو زير النساء بالشعبية نفسها بين جموع المشاهدين الذين اعتبروه نصيراً لهم؟ وهل تحتفظ المذيعة التي دأبت على انتقاد تجاهل المسؤولين لمطالب سكان المناطق النائية في الحصول على مياه شرب نظيفة وتيار كهربائي مستمر بقاعدتها العريضة من المشاهدة بعد ارتدائها بذلة الرقص في الفيلم الجديد الذي تقوم فيه بدور راقصة لعوب؟