رأى الرئيس الايراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني ان ما يجري في المنطقة من تطورات تتعلق بالمسألة الفلسطينية ومكانة اسرائيل ودورها تشير الى ان العالم الاسلامي امام "فاجعة" هي "الأخطر" منذ قرون. وأعرب عن "اليقين" بأن "دولة" إسرائيل "ستمحى وتُقصى ... لأن المنطقة لا يمكنها ان تتحمل إسرائيل جزءاً منها"، وانتقد مسيرة التسوية وشكك في امكان ان تحقق سلاماً "حقيقياً". وأعلن استعداد الجمهورية الاسلامية الايرانية لأن تكون "رأس حربة" مشروع "عملي" لتحرير القدس وان "تتحمل تبعات" قرارها "شرط ان لا يطعننا العرب من الخلف". كذلك انتقد رئيس البرلمان علي أكبر ناطق نوري السلطة الوطنية الفلسطينية، ووصف قيام سلطة "الحكم الذاتي" بأنه "خيانة"، واتهمها بأنها باتت "الذراع الامنية" لاسرائيل مهمتها "قمع" الفلسطينيين. وبث التلفزيون الرسمي مشاهد لتظاهرات "مليونية" في مختلف المدن الايرانية الرئيسية بمناسبة "يوم القدس العالمي" الذي كان مؤسس الجمهورية الاسلامية آيه الله الخميني قرر ان يُقام في كل آخر يوم جمعة من شهر رمضان. ودعا اركان القيادة الايرانية الشعب للحضور "بكثافة" في الشوارع هذا العام. كما لعب التلفزيون دوراً تعبوياً ملفتاً طوال الاسبوع الماضي. لكن التظاهرة الاكثر اهمية وبروزاً هي التي شهدتها العاصمة طهران امس، اذ شارك فيها اكثر من مليون شخص، انطلقوا من ست مناطق وتوجهوا جميعاً صوب جامعة طهران وسط العاصمة، حيث اقيمت صلاة الجمعة المركزية التي أمها رفسنجاني. وشارك الرئيس سيد محمد خاتمي في المسيرة، لكنه لم يحضر الصلاة في الصفوف الامامية التي خُصصت لأركان الحكم والمسؤولين والعسكريين وبعض السفراء العرب. واتخذ له مكاناً بين الناس في شارع القدس المحاذي لجامعة طهران. ونصبت مئات الخيم على طول الشوارع المؤدية الى الجامعة التي جابها المتظاهرون لبيع كتب واشرطة اناشيد فلسطينية وثورية. وأقيمت معارض صور ووزعت على المتظاهرين صور ولافتات كتبت عليها شعارات مؤيدة ل "كفاح" الشعب الفلسطيني و"تحرير فلسطين" و"القدس" وتطالب ب "الموت لإسرائيل" و"الموت لاميركا". ولاحظت "الحياة" انه تم احراق العلم الاسرائيلي ولم تلاحظ احراقاً للعلم الاميركي، كما لم يذكر الاعلام الايراني انه تم احراق اعلام اميركية، علماً بأن خاتمي كان أكد أخيراً معارضته لإحراق العلم الاميركي لأنه يمثل "رمزاً وطنياً" لشعب الولاياتالمتحدة. وقبل ان يلقي رفسنجاني خطبة الجمعة، تحدث ناطق نوري بحماس شديد، وحمل بعنف على اسرائيل والقوى "الاستعمارية والاستكبارية" التي كانت وراء انشاء هذا "الكيان اللاشرعي" وسمى بريطانيا واميركا. واعتبر ان "مشروع التسوية في الشرق الأوسط خيانة للعالم الاسلامي" معرباً عن "الاسف لما يشهده العالم الاسلامي من اختلاف وفرقة وتشرذم في الموقف من فلسطين". لكن اللافت كان انتقاده الشديد لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية، ووصف انشاءها بأنه "خيانة اخرى للفلسطينيين". وتابع بأن "الصهاينة يقمعون الشعب الفلسطيني بواسطة هذه السلطة". وفي خطبة طويلة، استعرض رفسنجاني المسيرة التاريخية للقضية الفلسطينية ليخلص الى ان الشعب الفلسطيني "لحق به ظلم تاريخي لا سابق له بطرد شعب كامل من ارضه واغتصابها من جانب حفنة من الصهاينة". وأشار الى التطورات التي شهدتها المنطقة خلال الحقبة الاخيرة، خصوصاً عملية التسوية، واعتبرها "وليداً لاتفاق كامب ديفيد غير المبارك". وأشار الى الدور التاريخي الذي لعبته ايران سواء لمصلحة اسرائيل في عهد الشاه محمد رضا بهلوي أو ضدها في "عهد الثورة الاسلامية". وقال: "ان سقوط الشاه حرم اسرائيل من اقوى حامٍ لها في المنطقة، ولكن ما حصل ان قوى الاستعمار شحنت الاجواء زوراً وتضليلاً حتى بات العرب يعتبرون ان الاولوية هي لمواجهة ايران، وغفلوا عن اولوية مواجهة اسرائيل ودُفع العراق ليشن حرباً ضد القوة التي تقدمت كدعم للقضية الفلسطينية، اي الجمهورية الاسلامية، والمشكلة ان السيناريو ذاته يتكرر الآن، اذ عندما اعلنت ايران معارضتها لما يسمى بعملية السلام، رفع المستكبرون شعار وجوب ضرب ايران وفرض حظر اقتصادي عليها، والمرارة ان افكار وآراء اخواننا العرب وفي العالم الاسلامي استسلمت لهذا المكر والخداع".