سجّل رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان عبر مداخلته التلفزيونية الأربعاء الماضي رقماً قياسياً من حيث عدد المشاهدين والذي بلغ 12.5 مليون شخص. وما عدا ذلك، فإن مداخلة جوسبان الاشتراكي لم تسفر عن اي نتيجة على صعيد تنفيس احتقان العاطلين عن العمل الذين واصلوا تحركهم، باعتبار ان كلام رئيس الحكومة لم يتضمن ما يمكن ان ينعكس بصورة فورية على اوضاعهم. لذا فإن اقتحام المقرات مستمر في المدن الفرنسية وكذلك في باريس، حيث اختار العاطلون عن العمل احتلال المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي، في تعبير مباشر عن رفضهم للكلام الذي سمعوه من جوسبان. ورفع العاطلون عن العمل على مدخل المقر لافتة كتب عليها "نريد كل شيء وسنأخذ ما تبقى"، رداً على ما قاله جوسبان حول تعذّر رفع الحد الادنى للتقديمات الاجتماعية بقيمة 1500 فرنك فرنسي شهرياً، لأنها بذلك تصبح شديدة التقارب مع الحد الادنى الذي يتقاضاه العاملون. وتخلل احتلال مقر الحزب مشادة بين عضو مجلس الشيوخ هنري فيبير الاشتراكي والمحتلين، فانتقد فيبير بحدة اقتحامهم للمقر معتبراً انه من الامور غير الجائزة، فأجابه احد العاطلين عن العمل قائلاً: "ما عليك الا الصمت فقد بدأت تشيخ". والمعروف عن فيبير انه كان في عداد قادة التحرك الطلابي في فرنسا في ايار مايو 1968. ولازم العاطلون عن العمل مقر الحزب الاشتراكي على مدى ثلاث ساعات قبل ان يعملوا على اخلائه مطالبين "بتوزيع اكثر عدالة للثروة" ومنددين بالخيارات "غير الشعبية للحكومة الاشتراكية". وفي مدينة ليون، احتل العاطلون عن العمل مقر ادارة شركة السكك الحديد، فيما دخلوا في مواجهات عنيفة مع رجال الأمن في مدينة ليل، واقتحموا مقر غرفة التجارة والصناعة في مرسيليا حيث كان يُعد لغداء عمل لحوالى 30 من أرباب عمل المؤسسات، فقدمت لهم "السندويشات" وانتهى الأمر بسلام. ويؤكد العاطلون عن العمل تصميمهم على عدم العودة الى ملازمة الصمت والمضي في التحرك داعين الى تظاهرات جديدة في العاصمة والمدن الاخرى الاسبوع المقبل. فمن الصعب بالنسبة اليهم ان يصدقوا ما سمعوه من "رئيس حكومة اشتراكي لم يكف خلال حملته الانتخابية عن ترداد بأنه عازم على القضاء على البؤس الاجتماعي وتحقيق التوزيع العادل للثروة"، على حد قول احدهم هوبير فيلييه. ويؤكد فيلييه ان مطالبة العاطلين عن العمل مجدداً بالصبر على غرار ما فعل جوسبان اصبح امراً لا يطاق "فمنذ عشرين سنة يقولون لنا ان النمو الاقتصادي سيحل مشكلة البطالة، ومنذ عشرين سنة ونحن نترقب نمواً لا يتحقق". وعلى غرار فيلييه يرفض قادة العاطلين عن العمل الدعوة الى الصبر مجدداً التي وجهها رئيس الحكومة ويؤكدون ان "التحرك لن يتوقف ابدا" وأن وقفه يعني "عودة كل من المشاركين فيه الى الوحدة والبؤس".