تابع المجلس النيابي مناقشة مشروع السنة العام 9981. وبرز من مداخلات النواب امس موقفان: الأول ل "جبهة النضال الوطني" التي يترأسها الوزير وليد جنبلاط، أعلنت فيه انها "لن تصوّت الى جانب المشروع"، والثاني للنائب بيار دكاش الذي اعتبر ان "كل المعالجات لن تنجح اذا لم تتحقق المشاركة الفعلية في الحكم والتوازن"، وطالب باستقالة الحكومة. ترأس الجلسة رئىس المجلس نبيه بري وحضرها رئىس الحكومة رفيق الحريري وعدد من الوزراء والنواب. جبهة النضال اول المتكلمين كان النائب وديع عقل باسم "جبهة النضال الوطني"، فقال "ان الاعتداء الاسرائيلي والاحتقان السياسي كان يفترض ان يكونا من المعطيات التي يجب الاخذ بها عندما اردنا ان نتحمل مسؤولياتنا". وتوقف عند سياسة الضرائب وسأل عن خطة الإنماء المتوازن. وانتقد "عدم الإتيان على ذكر موضوع المهجّرين إلا في معرض الانجاز الهائل الذي قضى بتخصيص اربعة بلايين ليرة لصندوق المهجّرين". وسأل عن قانون يحدد من هو المهجّر. وتوقف عند مشروع قانون يقضي بإمكان اشغال الاملاك العمومية البحرية من مدة سنة الى 50 سنة "شرط ان يتخذ المرسوم في مجلس الوزراء". واستغرب التأجير لمدة زمنية طويلة. وهنا قاطعه الرئيس الحريري طالباً الكلام في النظام، لكن الرئيس بري حاول منعه من الكلام وأصرّ الحريري على التوضيح "ان كتلة النائب عقل تستطيع المساعدة كثيراً في هذا الاطار ويمكنها ان تحل الكثير من المشكلات". وأكد "ان عملية التأجير لمدة 50 سنة تعني ان الدولة تأخذ حقها، وعملياً ما يحصل هو ان الدولة تؤجر لسنة وأن المستأجرين يبقون عشرات السنين وتحرم الخزينة البلايين". ثم تابع عقل: "ان المهجّر مواطن ترك قسراً مكان اقامته بفعل الاعمال الحربية بين 1975 و1990". وحاول الحريري التحدث فرفض بري "المقاطعة من جانب الحكومة". ورأى عقل "ان التجانس الحكومي كفيل بملاحقة المعتدين على الأملاك البحرية"، مؤكداً "ان الإيجار هو بيع حتى اذا كان لسنة واحدة فكيف اذا كان ل50 سنة؟". وأعلن عقل "ان جبهة النضال لن تصوّت للموازنة لأنها تعتبر في أولى الأولويات التي تهمها وهي قضية المهجّرين لم ترَ اي اثر ولا اي اعتماد مخصص لهذه الغاية". فارس ورأى النائب مروان فارس من الحزب السوري القومي الاجتماعي "ان المناقشة يجب ان تكون لسياسة القروض بالذات فإما ان نخضع لمنطق القروض وإما لمنطق الدولة، اي الخطة التي لا بد من ان تعبّر عنها الموازنة". وقال: "في مقدار ما يكون القرض سهلاً وطويل الأجل يكون لمصلحة الخطة، اما منطق الخطة فهو على صلة بالبرنامج الاجتماعي والاقتصادي العام والبرنامج السياسي الذي تضعه الدولة امام نفسها، وهذا المنطق يعتمد التوازن في الانماء". وأشار الى التحركات العمالية والطالبية امام المجلس النيابي، وسأل: "لماذا يأتون الى هذا المكان بالذات فلا يتظاهرون امام مجلس الوزراء؟". وأجاب: "لأنهم يعتبرون ان هذا المكان هو نطاق ضمان لحريتهم والفكر الحر". وشدد على "اهمية الربط بين الحوار والحرية"، وطالب ب "إعادة النظر في مبدأ المحاصصة في توزيع وسائل الإعلام". ورأى "ان الفضاء يتسع للحرية كما يتسع للعلم". وطالب النائب حسن علوية بإنشاء وزارة للتخطيط والتصميم. ودعا الى "ايجاد صيغة علمية اقتصادية لمعالجة العجز في الموازنة، وإلى معالجة مشكلة البطالة في دعم الانتاج في مجالي الصناعة والزراعة والمشاريع المنتجة، وإلى تعزيز وضع الجامعة اللبنانية والمدرسة الرسمية، وإلى تلبية المطالب العمالية، واعتماد الضريبة التصاعدية". ودعا النائب ميشال فرعون الى "احترام مبدأ التقشف الوارد في الموازنة، وموعد اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية". وطالب بتطوير العلاقات مع سورية اقتصادياً وتوسيعه ليشمل العراق "من اجل انشاء محور اقتصادي" في المنطقة. وركّز على "تضامن اكبر بين اعضاء الحكومة". ودعا النائب حسين الحاج حسن من "حزب الله" الى "اعادة صوغ السياسات الاقتصادية والبرامج اللازمة لتطبيقها من اجل زيادة القدرة الانتاجية ونمو الناتج المحلي". وانتقد "رهانات الحكومة الخاطئة على السلام" في الشرق الاوسط. وركّز على اعادة النظر في النظام الضريبي، واعتماد الضريبة التصاعدية. وطالب الحكومة باسترداد قطاع النفط. وسأل: "لماذا لا يُكشف اصحاب الفضائح؟ ولماذا تُطمس ولا يصل التحقيق فيها الى الفاعل الاساسي بل يقتصر الامر على ازلام الأزلام؟". وحمل النائب فيصل الداود على "سوء الأداء الحكومي" اقتصادياً وسياسياً. واتهم الحكومة بأنها "السبب الرئيسي لافتعال الأزمات". وعارض مشروع الموازنة. وسأل: "لماذا لم يكتشف ابطال الفضائح المالية حتى الآن؟"، وتمنى على "المجلس الدستوري الطعن بالموازنة". دكاش وأشار النائب بيار دكاش الى "ان المسؤولين اعترفوا بالأزمة الاقتصادية بعد طول نفي لوجودها". وأشار الى "ان ارقام الفذلكة غير دقيقة"، معتبراً "ان المشكلة الاقتصادية لن تجد حلاً لها في غياب المشاركة الوطنية الحقيقية في الحكم". ودعا الى تعزيز دور القطاع الخاص ومشاركته في مسيرة الاعمار. ووصف نهج الحكومة بأنه "تسلّطي فوقي"، واتهمها "بانتهاك حقوق الانسان في لبنان كل يوم، خصوصاً في ما يتعلق بحرّية التعبير وتقاسم المسؤولين وسائل الاعلام وحرمان اللبنانيين الحق في التظاهر"، مذكّراً "بمنع مقابلات مع سياسيين معارضين مثل الرئىس امين الجميّل والعماد ميشال عون والسماح بعرضها لاحقاً، وبمنع تراخيص عن وسائل اعلامية ثم منحها اياها". وطالب بحصر مسألة التراخيص بالمجلس الوطني للإعلام، مذكّراً بما اعقب منع مقابلة العماد عون "من تعدٍّ وتوقيف طاولا متظاهرين من الطلاب"، وانتقد "سياسة الحكومة حيال الحركة النقابية التي تعاني انقساماً". وأشار الى التوقيفات من دون مذكرات، والتوقيف الاحتياطي والوضع المزري للسجون من ضمن كلامه على انتهاك حقوق الانسان. واعتبر "ان عودة المهجّرين بكرامة اساس في تعزيز السلم الأهلي"، وخشي "ان يكون المقصود تيئيس المهجّرين لإبقائهم في اماكنهم الجديدة تمهيداً لتوطين غيرهم وإحداث تغيير ديموغرافي ... وصولاً الى التقسيم الذي حذّرنا منه". وأعلن عدم موافقته على مشروع الموازنة، مطالباً "بإستقالة الحكومة وتشكيل حكومة وفاق وطني حقيقي"، مشيراً الى "عدم تنفيذ اتفاق الطائف إلا في البنود التي تناسب الحاكمين". وسأل النائب فايز غصن: "هل الموازنة متوازنة؟". وقال "ان قراءة شاملة للمشروع تدل الى وجود نقاط ايجابية في مقابل نواقص". وسأل عن سبب "عدم اعتماد الضريبة التصاعدية بدلاً من الأفقية؟". ودعا الى "تقشّف جدّي لا صوَري". وقال "ان السياسة المالية لا يمكن فصلها عن السياستين الاقتصادية والاجتماعية". ثم تحدث النائب علي خريس من حركة "أمل" عن الجنوب، معتبراً قضيته "مدخلاً لكل القضايا". وسأل عن "انجازات الديبلوماسية اللبنانية لتطبيق القرار الرقم 425؟". وشدد على "اهمية التكامل بين المقاومة ومن تمثل والدولة وما تقدمه الى الجنوب". وشدد على "ضرورة اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية وعلى احترام الحريات الاعلامية وإلى اعادة برمجة الأولويات". وحذّر من "سياسة الاهمال للطبقات الشعبية"، ودعا الى "فتح الملف التربوي، لأننا امام كارثة في العام المقبل"، وشدد على "اولوية السياسة الصحية في ظل الضغوط الاقتصادية التي يمر فيها الشعب اللبناني". وتناولت النائبة نهاد سعيد الازمة الاقتصادية "التي اعترفت اخيراً الحكومة بوجودها". ولفتت الى "الحال الصعبة التي تعيشها منطقة جبيل، فهي خالية حتى من سكانها الذين نزحوا الى المدينة"، وسألت: "لماذا تريدون مني الموافقة على الموازنة على العمياني وأنتم تترددون في تكملة مشاريع ملحّة بالنسبة اليهم؟". وقالت: "المطلوب مبادرة انقاذية قبل فوات الأوان". سلام ثم تحدث النائب تمّام سلام عن محاولة جدية لمعالجة الازمة الاقتصادية ضمن الموازنة، "لكن المحاولات تطل كل عام واعدة وتثير قلقنا أن لا نحصد من الوعود سوى المزيد من التبريرات والذرائع وتقصير هنا وإهدار هناك". وقال: "ان ترويكا الحكم تحاول امتصاص النقمة الشعبية، والمحاولة تقف عند شعارات الحد من الإنفاق، ترى أليس هذا الكلام نفسه الذي سمعناه سابقاً مع وعود بتحسين الجباية، فلم نحصل إلا على المزيد من العجز؟ فالأقوال لا تحل محل الافعال. فالقول بالاصلاح الاداري يحتاج الى قرار سياسي، والمحاسبة مطلوبة، وإلى صرف الفائض من الموظفين غير المنتجين. فهل هذه الحال اليوم؟ لقد اضافت الحكومة الى الترهل الاداري ترهلاً جديداً". وأضاف: "ان القول بتحريك النمو الاقتصادي مسألة تحتاج الى اولويات واستراتيجية واضحة ونحن لم نسمع حتى اللحظة ما يشير الى مثل هذه الخطة". وأعرب عن خشيته "الوقوع تحت الركود الاقتصادي". وقال "ان الخلل في السياسة المالية هو وراء العجز، والمطلوب معالجته قبل اطلاق الوعود". وتوقف عند تحسين الجباية، متخوفاً من "زيادة الرسوم في الجدول الرقم 9 وانعكاساته على المواطن". وقال "ان الحديث الحكومي عن الموازنة يستند الى الكلام على ظروف الحرب ومرحلة تثبيت السلم الأهلي، كأنها من المعوقات الدائمة لتبرير الفشل". وسأل: "الى متى هذا التذرع وتغطيته لسوء الاداء الحكومي؟ المطلوب تحديد للأولويات يأخذ في الاعتبار الظروف الداخلية والخارجية، وأي مشروع لا يستوعب هذه المعادلة سيحصد الفشل". وأعلن جاك جوخادريان تبنّيه للمداخلات السابقة وقال: "كنت انتظر موازنة توازن بين الواردات والنفقات، لكن ما وجدنا هو غياب موازنة للإنتاج". وعدّد الإيجابيات في تحرك الحكومة وانتقل الى الحديث عن السلبيات متسائلاً: "ماذا فعلت للحدّ من الهجرة ولإنعاش المدرسة الرسمية وتأمين الاستشفاء لأكبر شريحة من الشعب، وللحد من الانهيار الاقتصادي والإهدار وتحسين وضع الإدارة السيئ؟". وشدد على "ضرورة اقرار سلسلة الرتب والرواتب"، ودعا الى "تعديل في الجدول الرقم 9، إذ لا يجوز المساواة بين الغني والفقير"، ولفت الى حقوق الطائفة الأرمنية كبقية الطوائف الأخرى، مشيراً الى "تجاهلها عند التعيينات في وظائف الفئة الأولى والتعامل معها كأنها غير موجودة". ورفعت الجلسة في الثالثة بعد الظهر، لتستأنف في السابعة مساء بعد الإفطار. وكان عدد من النواب تكلموا في جلسة مساء اول من امس، منهم النائب محمد فنيش الذي فنّد في دراسة اقتصادية الموازنة. وقال ان "قراءة المؤشرات المالية للعام الجاري والارقام الواردة في مشروع الموازنة تؤكد عدم صحة التوقعات التي اوردتها الحكومة خصوصاً في مجال النسب المقدرة". وتمنى ان "تكون هذه التوقعات صحيحة خصوصاً لجهة الحفاظ على نسبة العجز". وقال ان "اعادة النظر في السياسة المتبعة باتت اكثر من ضرورة خصوصاً اعادة ترتيب الاولويات ووضع خطة نهضوية شاملة". وأشار الى "ايجابية الوديعة السعودية وأثرها في خفض كلفة الدين العام". وانتقد النائب نجاح واكيم سياسة الحكومة الاقتصادية وذكّر بالفوارق في الارقام المتداولة للدين العام وخدمة هذا الدين ومشاريع تلزيم المستشفيات الحكومية. واعتبر ان فذلكة الموازنة "بيان استقالة". وقال: "بلغنا هاوية الافلاس، ونقاشنا يجب ان يتعدى الارقام من حيث دلالاتها المالية والاقتصادية المجردة الى ما هو اشمل وأعمق، اي الى المعنى السياسي للارقام". وأضاف: "كان النهج الحالي جزءاً من ذلك المشروع السياسي وفرعاً من اصل، وفي ذلك الاصل الذي يتم اغفاله تكمن العلة". وسأل: "هل يسمح الوضع الذي وصلنا اليه بالمزيد من التجاهل والاغفال والسذاجة؟". وقال: "نحن في حاجة الى حكم يمثل حقيقة اللبنانيين ومن خلال ممارسته يكتسب الصدقية ويخاطب اللبنانيين صراحة عن ضريبة المأساة التي يجب ان ندفعها لننقذ الوطن". ورأى ان "الحل يبدأ بالسياسة، هناك حل اقتصادي ولكن شرط ان تكون سلطة سياسية تمتلك القرار وتجييش الشعب لتنفيذه". وركّز على اوتوستراد صيدا - بيروت والتحويلات التي تعرض لها. ومدّ خارطة وصلت من المكان المخصص لإلقاء النواب كلماتهم حتى منصة الرئاسة دلّ فيها الى عقار تم استملاكه لأن صاحبه رفض بيعه. وطالب "بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تضم موالين ومعارضين لتحقق في الصفقات التي حصلت وتحصل". ورأى ان "معظم مواد قانون الموازنة مخالفة للدستور".