حيوان الكاما، الذي ساهم علماء في استيلاده من أنثى اللاما وجمل، يمثل قفزة علمية لا مثيل لها نحو الماضي السحيق. فالجمل واللاما تطورا أصلاً عن حيوان واحد عاش قبل نحو 30 مليون سنة في أميركا الشمالية. الجمل تطور عن ذلك الحيوان المندثر عند انتقاله الى آسيا عبر مضيق بيرينغز وعيشه في الظروف الصحراوية القاسية لمنغوليا وشبه الجزيرة العربية. واللاما تطور في قارة أميركا الجنوبية. استغرقت عملية التطور ملايين السنين. والفتح العلمي، الذي قام به العلماء في مركز استيلاد الجمال في دبي في الامارات العربية المتحدة، يفتح آفاقاً مثيرة للعودة الى المراحل الأولى للتطور وانتاج حيوانات مندثرة، كما قالت الباحثة الدكتوره لولو سكيدمور التي أشرفت على عملية التهجين. وقالت سكيدمور في حديث هاتفي مع "الحياة" من دبي انهم أطلقوا على النوع الحيواني الجديد اسم "كاما" المركب من اسمي الجمل واللاما، واطلقوا على أول حيوان كاما اسم "راما"، تيمناً بولادته في شهر رمضان الكريم، وبسبب الموسيقى الشعرية في اسم الكاما راما! كانت الولادة طبيعية ولم تعان اللاما من أي متاعب، ويبلغ وزن الوليد الجديد 5 كلغ ونصف كلغ ووزن الجمل الأب 450 كلغ ووزن الام 75 كلغ. ولم ينتج راما عن طريق التزاوج الجنسي بين الجمل واللاما، بل باستخدام رحم اصطناعي للحصول على الحيامن من الجمل وتلقيح اللاما الأم بها. وذكرت الباحثة الشابة 34 سنة أن راما صغير جداً وضعيف البنية وهو يعيش الآن في كنفها خشية أن تؤذيه امه اللاما، التي لم تتعرف الى هذا المخلوق الذي ولدته. كما انها لم تنتج له الحليب بعد بسبب ولادته المبكرة قبل الموعد بأسبوعين. ولذلك تتولى الباحثة مده بحليب النوق. وراما هو أكثر الذكور وحدة وفرادة في العالم. وأمله الوحيد هو العثور على انثى من نوعه تكمن في رحم لاما اخرى حامل الآن بعد نجاح عملية تلقيحها بحيامن جمل. هل سيسعد الحظ "راما" فتلد له خالته اللاما انثى؟ لا يمكن التكهن بذلك الآن. واستفسرت "الحياة" عن ملامح "راما" الهجين، فأكدت الدكتوره سكيدمور أنه بالغ الجمال، فهو يجمع بين أحسن مواصفات الجمل واللاما: أخذ من أبيه الاذنين القصيرتين والذيل المتوسط الطول، وأخذ من امه الأظلاف المشقوقة. وبدلاً من وبر الجمل فهو مكسو بصوف اللاما الناعم الثمين. ولا يستبعد أن يمتلك الحيوان الجديد مواصفات ممتازة في العدو تؤهله للمساهمة في سباقات الابل التي تقام تقليدياً في معظم بلدان الخليج، اذا أمكن طبعاً الاعتراف به ضمن صنف الجمال! هذه مشكلة اخرى سيواجهها الكاما راما في المستقبل، لكنها تظل أقل خطراً من مشكلة أخرى هي: هل يكون الحيوان الجديد عقيماً كالبغل أم منتجاً كجده البعيد الذي أنتج الجمل واللاما؟ والشيء الأكيد هو أن "راما" لن يواجه كل هذه المشاكل لوحده. فالفتح العلمي الكبير الذي أنتجه بعد مرور ملايين السنين حظي بدعم مادي من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزير الدفاع في الامارات العربية المتحدة. وظهور الشيخ أمس في صورة معه في الصحافة العالمية يعني أن مستقبل "راما" مضمون!