ستلقي الأزمة المالية الراهنة في دول شرق آسيا بظلالها على العالم كله اذ يبدو انه لا توجد دولة محصنة ضد آثارها ومضاعفاتها. فالعولمة أدت الى تعميق الارتباط بين الأسواق المالية، وجعلت الدول تتأثر بالمشاكل التي تواجهها الدول الأخرى. وعلى رغم ان العلاقات التجارية والاستثمارية التي تربط بين جنوب شرق آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي زادت وتوثقت خلال الأعوام القليلة الماضية، الا انه لم تكن هناك انعكاسات مباشرة للأزمة الآسيوية على دول الخليج. فالأسعار في أسواق الأسهم الخليجية واصلت ارتفاعها العام الماضي، وحافظت دول المنطقة على ثبات أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار صرف عملات دول جنوب شرق آسيا بما يراوح بين 20 في المئة و50 في المئة وتراجعت فيه أسعار الأسهم في أسواقها بما يراوح بين 30 في المئة و65 في المئة الرسمين البيانيين 1 و2. وقد تحسنت الأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 1997، اذ جاء متوسط سعر برميل النفط من خام بونت في حدود 19.06 دولار، أي أقل بقليل من المتوسط في عام 1996 الذي كان 20.07 دولاراً للبرميل. أيضاً تراجعت عجوزات الموازين الداخلية والخارجية لدول المنطقة، فقد انخفض متوسط نسبة عجز الموازنة الى الناتج المحلي الاجمالي لدول المجلس الستة من 9.4 في المئة في عام 1992 الى 3.6 في المئة في عام 1997 وسجلت المملكة العربية السعودية العام الماضي فائضاً في الحساب الجاري بلغ 214 مليون دولار وللسنة التالية على التوالي، بعد عجوزات متتالية تراوحت بين 27.5 بليون دولار في عام 1991 و5.3 بليون دولار عام 1995. وتحسنت كذلك موازنات التجارة الخارجية لدول المجلس الأخرى وبعد ان بلغ عجزها الاجمالي 13.4 بليون دولار عام 1992، سجلت فائضاً وصل الى 11.5 بليون في 1996 وعلى رغم ان دول خليجية عدة ظلت تعاني من عجوزات في حساباتها الجارية لسنين عدة سجلت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة فائضاً عامي 1996 و1997، الا ان طريقة تمويل هذه العجوزات تميزها عن غيرها من الدول التي تعاني اختلالاً في موازينها الخارجية، فمعظم رؤوس الأموال اللازمة لهذا الغرض يتم توفيرها من التدفقات المالية المستثمرة في الخارج والتي تعود ملكيتها لأفراد ومؤسسات من القطاع الخاص الخليجي بما فيها مصارف محلية، وأيضاً من مستثمرين أجانب يرغبون الدخول في مشاريع مشتركة. وتميزت هذه التدفقات بأنها جاءت تبحث عن مجالات استثمارية طويلة الأجل وليس عن فرص تحقيق عائد سريع كما كان عليه الحال في المكسيك وتايلاند وماليزيا اذ كان نحو 40 في المئة من رؤوس الأموال التي تدفقت على المكسيك في عام 1994 وعلى جنوب شرق آسيا في عام 1997 عبارة عن ودائع مصرفية واستثمارات لمحافظ وصناديق استثمارية قصيرة الأجل في أسواق السندات والأسهم خرجت من البلاد في نفس السرعة التي دخلت فيها. ان استقطاب المحافظ الاستثمارية الأجنبية لا يعد من أولويات دول مجلس التعاون الخليجي حالياً، وعلى رغم ذلك بدأت هذه الدول تدريجياً، وبقدر من الحذر، تفتح أسواقها الرأسمالية أمام المستثمر الاجنبي. ولتقليل أثر المخاطر التي غالباً ما ترافق حرية انسياب رأس المال الاجنبي على أسواق الأسهم المحلية تم وضع عدد من الضمانات والضوابط على المستثمرين من غير مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. فالمستثمر الاجنبي لا يحق له الاستثمار مباشرة في أسواق الأسهم المحلية الا انه يستطيع الدخول من طريق صناديق الاستثمار في هذه الأسواق مثل صندوق السيف السعودي، وصندوق الأسهم التابع لبنك الامارات الدولي، وصندوق للاستثمار في العقار وعمليات التخصيص في الكويت، أيضاً ثم فتح سوقي الأسهم في البحرين وعُمان جزئياً أمام المستثمرين الأجانب. وعلى اثر الأزمة التي عمت الأسواق المالية في جنوب شرق آسيا تراجعت احتمالات نمو الاقتصاد العالمي وأدى فائض الطاقة الانتاجية في كثير من الصناعات من مختلف أرجاء العالم الى خفض أسعار السلع والمنتجات الصناعية. وعلى رغم ان الاقتصاد الأميركي نجح حتى الآن في اجتياز آثار الأزمة وبقي في وضع جيد، الا ان تباطؤ النمو في آسيا يستتبع تباطؤه في أميركا لينخفض من 3.7 في المئة عام 1997 الى نحو 2 في المئة خلال هذه السنة. فقد أدى وجود فائض طاقة انتاجية في آسيا الى ظهور ضغوط انكماشية وتراجع في الأسعار، وأصبح من المرجح ان تنخفض أسعار الفائدة على الدولار وان يتراجع العائد على السندات الأميركية طويلة الأجل الى أقل من 5.5 في المئة. ويبدو ان اليابان هي الدولة الأكثر عرضة للتأثر بأبعاد الأزمة نظراً لأن نحو 40 في المئة من مجمل صادراتها تتجه الى دول آسيوية. وتزيد هذه النسبة عن مثيلتها بالنسبة لأميركا وأوروبا. وقد تشهد المزيد من التراجع في سعر صرف الين الياباني مقابل الدولار الأميركي، كما سيتحسن سعر صرف الدولار مقابل العملات الأوروبية الرئيسية مما سيؤدي لتعزيز القوة الشرائية للمستهلكين الخليجيين لارتباط عملات دولهم بالدولار ولأن أكثر من 35 في المئة من واردات هذه الدول تجيء من أوروبا ونحو 25 في المئة من واردات هذه الدول تجيء من أوروبا ونحو 25 في المئة من الدول الآسيوية. وينتظر ان تواكب أسعار صرف العملات الخليجية تحركات أسعار صرف الدولار لترتفع مقابل عملات دول أوروبا واليابانوجنوب شرق اسيا تبعاً لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل هذه العملات، ويتوقع ان تتراجع أسعار الفائدة على العملات الخليجية الى ما دون 6 في المئة لودائع الثلاثة أشهر. ولأول مرة منذ سنوات عدة تظهر فوائض طاقة انتاجية على نطاق العالم في العديد من الصناعات بدءاً من الأحذية الى السيارات والكومبيوتر، ومن البتروكيماويات الى الألمنيوم والاسمنت، وسيتردى الوضع أكثر مع اتجاه دول آسيا نحو المزيد من التصدير لتجاوز أزمتها الراهنة، وبالنتيجة فقد يكون الاقتصاد العالمي مقدماً على فترة تتميز بتراجع النمو الاقتصادي وتراجع الأسعار. ومن شأن هذا التطور ان يؤثر في الصادرات الرئيسية للدول الخليجية، وتحديداً النفط والبتروكيماويات والغاز الطبيعي والحديد الصلب والألمونيوم والاسمنت. وسيؤدي تراجع الطلب العالمي على هذه السلع الى فرض ضغوط انخفاضية على أسعارها مما سيؤثر في ايرادات صادرات المنطقة في عام 1998. سوق النفط يتوقع عموماً ان يفوق الانتاج معدلات الطلب في سوق النفط العالمية في عام 1998 مما سيؤثر سلباً في الأسعار، وعلى رغم ان دول جنوب شرق آسيا لا تستورد سوى 4 في المئة من الطلب العالمي على النفط، الا ان بقية دول آسيا بما فيها الصينواليابان تشكل 21 في المئة منه مما يجعل مجمل طلب آسيا على النفط في حدود 25 في المئة من الطلب العالمي. ويمكن ان ينعكس تباطؤ النمو الاقتصادي في آسيا خلال العام القادم سلباً على النمو الاقتصادي العالمي مما سيجعل الزيادة في الطلب العالمي على النفط تتراجع من حوالى 2 مليون برميل يومياً في عام 1997 الى 1.5 مليون برميل يومياً في عام 1998، وبذلك ينتظر ان يصل الطلب العالمي هذا العام الى 57.4 مليون برميل يومياً. ولا شك ان قرار أوبك رفع سقف الانتاج للدول الأعضاء من 25.03 مليون برميل يومياً لعام 1997 الى 27.55 مليون برميل يومياً لعام 1998 سيكون له ايضاً تأثيره السلبي في الأسعار، فزيادة الانتاج في حدود 2.5 مليون برميل يومياً هدفها اعطاء الدول الخليجية التي لديها فائض طاقة انتاجية كالسعودية والكويتوالامارات الحق في رفع مستويات انتاجها أسوة بدول أوبيك الأخرى التي تجاوزت خلال السنوات الماضية حصصها الانتاجية المحددة من قبل "أوبك" وبكميات كبيرة في بعض الحالات، ومع زيادة الانتاج من قبل الدول الخليجية فإن مجموع الطاقات الانتاجية المقررة سيصبح السقف الانتاجي الجديد. ويتوقع ان تزيد الامدادات من الدول المنتجة خارج نطاق أوبك زيادة طفيفة في حدود 0.9 مليون برميل يومياً في عام 1998، وان تجيء معظم هذه الزيادة من بحر الشمال 400 الف برميل يومياً، هذا بعدما لم تسجل هذه الدول أي زيادة تذكر خلال عام 1997. وعقب عامين من ضعف النمو في انتاجية الدول خارج منظمة "أوبك"، هناك احتمال زيادة انتاج هذه الدول بأكثر من مليون برميل يومياً هذا العام، وبناء على هذا يتوقع ان تتراجع أسعار النفط في عام 1998 ليكون متوسط سعر خام برنت في حدود 15 - 16 دولاراً للبرميل بعدما كان 19.06 دولار للبرميل في عام 1997 و20.7 دولار للبرميل في عام 1996. ويبقى العراق أحد أهم عوامل عدم التيقن في سوق النفط العالمية نظراً لأن اتفاق النفط في مقابل الغذاء المبرم مع الأممالمتحدة قد يضطرب تنفيذه بسبب التطورات السياسية، واذا تراجعت أسعار النفط كما هو متوقع فإن العراق سيحتاج الى زيادة صادراته لتصل الى ما قيمته بليونا دولار وفقاً لما حددته الأممالمتحدة، وهذا بدوره سيزيد فائض العرض في سوق النفط العالمية، ويزيد تراجع الأسعار. من ناحية اخرى هناك مؤشرات من شأنها ان توفر عنصر دعم لأسعار النفط، فزيادة حصص الانتاج للدول الثلاث الخليجية الكبرى سيعني ان الطاقة الانتاجية الاحتياطية للعالم ستنخفض الى مستويات تعتبر متدنية جداً. فبعد الأول من كانون الثاني يناير 1998 سيتقلص فائض الطاقة الانتاجية للعالم بحوالى الثلث الى نحو مليوني برميل يومياً، أو 2.5 في المئة من الطلب العالمي على النفط. وسيؤدي هذا الوضع الى تشجيع شركات النفط العالمية على رفع مخزونها الاحتياطي الذي وصل الى أدنى مستوى له في عام 1997 وهذا قد يعزز أسعار النفط. الاداء الاقتصادي العام والتوجهات المتوقعة لعام 1998 حققت دول مجلس التعاون الخليجي اداءً اقتصادياً قوياً في عام 1996 يُعزى بصورة أساسية الى الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال ذلك العام، غير ان هذا الاداء تراجع بعض الشيء في عام 1997 وتبدو التوقعات ايجابية لعام 1998 خصوصاً للقطاعات غير النفطية، في حين ان قطاع النفط سيتأثر بالتراجع المتوقع في الأسعار والذي ستعوضه ولو جزئياً زيادة الانتاج التي تم اقرارها في اتفاق "أوبك" الجديد لعام 1998. كما سيشهد عام 1998 موازنات توسعية بعض الشيء، ولا تزال أسعار الفائدة الخليجية في مستويات منخفضة مجارية لأسعار الفائدة على الدولار، ويتوقع ان تنخفض خلال هذا العام ومن المأمول ان يسهم تحسن أسعار صرف الدولار والعملات الخليجية مقابل عملات الشركاء التجاريين الأساسيين للدول الخليجية في تعزيز القوة الشرائية للمستهلكين الخليجيين، كما ان وجود فوائض انتاج في مختلف أرجاء العالم وانخفاض أسعار الواردات الخليجية سيساعدان على ابقاء معدلات التضخم منخفضة في دول المنطقة، ولذا سيكون معدل التضخم في عام 1998 أقل من العام الماضي. المملكة العربية السعودية تتمتع المملكة العربية السعودية بأكبر اقتصاد بين دول الخليج بلغ ناتجه المحلي الاجمالي 135 بليون دولار في عام 1997. وتشير الدلائل الى ان انتعاش الاقتصاد الذي بدأ في الفصل الأخير من عام 1996 نتيجة ارتفاع أسعار النفط وقيام الدولة بتسديد المتأخرات المستحقة عليها لفعاليات القطاع الخاص اكتسب قوة دفع اضافية في عام 1997، اذ ارتفع مؤشر الأسهم السعودية بنسبة 27.6 في المئة العام الماضي، كما ان التوقعات لعام 1998 تبدو ايجابية للقطاعات غير النفطية في حين يتوقع ان تتراجع العائدات النفطية متأثرة بتدني الأسعار مقارنة بما كانت عليه في العام الماضي. وتقدر ميزانية 1998 اجمالي النفقات الحكومية بپ196 بليون ريال، أي أقل بنحو 6.7 في المئة من النفقات الفعلية لعام 1997 والتي كانت 210 بليون ريال. وسيتم تعويض التراجع في النفقات الحكومية هذا العام عن طريق القطاع الخاص المدعوم بسياسة نقدية توسعية، اذ يتوقع ان تتراجع أسعار الفائدة على الدولار والريال السعودي هذا العام، في الوقت الذي ستتابع فيه البنوك تقديم التسهيلات الائتمانية. وستتضافر كل هذه العناصر لدعم نشاطات القطاع الخاص الذي سجل معدل نمو بالأسعار الجارية بلغ 4.1 في المئة في عام 1997 مقابل 3.5 في المئة لعام 1996. ونظراً لأن معامل تراجع معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بلغ 2.3 في المئة في عام 1997 و2.4 في المئة في عام 1996، فإن الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الثابتة للقطاع الخاص يصبح في حدود 1.8 في المئة لعام 1997، بعد أن كان في حدود 1.1 في المئة في عام 1996. وتضع التقديرات أن الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية لعام 1997 عند معدل 7.1 في المئة، أي أنه أصبح نحو 547 بليون ريال 145.9 بليون دولار، مقارنة بمعدل نمو 8.6 في المئة في عام 1996. وقدر بيان موازنة 1998 اجمالي الايرادات ب 178 بليون ريال، أي أقل بنسبة 12.7 في المئة من الايرادات الفعلية لعام 1997 والتي كانت 204 بلايين ريال. وفي تقديرنا ان ايرادات النفط لعام 1998 ستكون حوالى 131.5 بليون ريال، أي أقل بنحو 14.1 في المئة من الايرادات الفعلية التقديرية لعام 1997. وهذه تقديرات متحفظة لايرادات النفط السعودي نظراً للزيادة في حصة الانتاج المقررة من قبل أوبك للمملكة لهذا العام التي تبلغ 8.76 مليون برميل يومياً مقارنة بمتوسط انتاج المملكة في عام 1997 الذي كان في حدود 8.4 مليون برميل يومياً. ويتوقع للنمو في الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية ألا يتعدى 2 في المئة هذا العام، مع بقاء معدل التضخم أقل من 1 في المئة، وبهذا يقدر النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي في حدود 1.5 في المئة. وستعوض زيادة حصة المملكة العربية السعودية الانتاجية من النفط من مستوى 8.3 مليون برميل يومياً في عام 1997 إلى 8.76 مليون برميل يومياً لهذا العام، ولو جزئياً، لانخفاض المتوقع في أسعار النفط. وينتظر للقطاعات غير النفطية أن تنمو بمعدل 3.6 في المئة بالأسعار الجارية، إذ يتوقع للنفقات الحكومية أن تزيد عن تلك المرصودة بالموازنة كما كان عليه الحال خلال السنوات القليلة الماضية مما سيتيح للقطاع العام أن ينمو بنحو 3 في المئة، هذا في حين أن التحسن المستمر في نشاطات القطاع الخاص يمكن أن يؤدي الى نمو بمعدل 4.0 في المئة خلال العام. وكانت الشركتان الصناعيتان العملاقتان - أرامكو السعودية، والشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك - وفرتا عدداً كبيراً من المشاريع الجديدة في عام 1997، ومن المنتظر لهاتين الشركتين أن تكونا مصدراً مهماً لفرص العمل للمقاولين في عام 1998. ويمكن أيضاً ان تسهم المبادرات الحكومية الرامية الى تحويل بعض المصالح الحكومية مثل تلك المعنية بالتعدين والاتصالات اللاسلكية الى مؤسسات مستقلة أو شبه مستقلة في تحفيز الاستثمار في هذين القطاعين، كما أن هناك الكثير من المشاريع الجديدة في قطاع الكهرباء. وخارج اطار القطاع العام، يتوافر العديد من المشاريع الجديدة المميزة التي اما أنها في طور التخطيط أو أنها في مراحل التنفيذ الأولى، مما يشير الى توافر الثقة لدى القطاع الخاص. فعلى سبيل المثال هناك برنامج لتوسيع مشروع انتاج الغاز رُصد له مبلغ بليوني دولار، والأعمال المرتبطة بخطة تحديث مصفاة رابغ على ساحل البحر الأحمر بتكلفة 1800 مليون دولار. وقطعت شركة سابك شوطاً في انشاء سلسلة من مصانع البتروكيماويات في الجبيل وينبع، وتتوقع الشركة أن تتمكن بحلول عام 2000 من زيادة انتاجها بنحو خمسة ملايين طن في السنة زيادة على مستواه الحالي الذي يبلغ 23 مليون طن في السنة. وما زالت حركة تجارة التجزئة بالمملكة تتسم بالبطء، ويتوقع للطلب المحلي على السلع والخدمات الذي يعتمد أكثر على المتغيرات الديموغرافية منه على التغيرات المرتبطة بالدورة الاقتصادية مثل المواد الغذائية والمشروبات ومواد التغليف والتعبئة والسلع الاستهلاكية الخفيفة... الخ، ان يتأثر قليلاً بمغادرة نحو 500 ألف شخص من المتخلفين عقب الحج أو العمرة. أما النمو في قطاعات التجارة وخدمات المطاعم والفنادق، الذي كان تباطأ في عامي 1995 و1996، فينتظر أن يصل الى معدل 1.0 في المئة في عام 1997 و1.5 في المئة في عام 1998. وتأثر القطاع الزراعي بترشيد الدعم الحكومي مما أدى لتسجيل تراجع في الانتاج خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ويتوقع أن تسجل قطاعات التعدين والمرافق العامة والاتصالات معدلات نمو ايجابية هذا العام نتيجة لتنفيذ عدد من مشاريع التوسعة في هذه القطاعات. وسوف يشهد قطاع البنوك سنة طيبة أخرى في عام 1998 مع استمرار نمو الطلب على الائتمان في المملكة وارتفاع أسعار سندات التنمية الحكومية. ان الصناعات الموجهة للتصدير مثل البتروكيماويات والحديد الصلب ومنتجات المعادن… الخ ستتأثر سلباً بالتخمة التي سادت الأسواق العالمية. وأن زيادة سعر بيع الغاز الطبيعي من أرامكو للشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك بنسبة 50 في المئة ليرتفع من 50 سنتاً الى 75 سنتاً للمليون وحدة حرارية BTU اعتباراً من أول كانون الثاني يناير 1998 سيؤثر في الميزة التنافسية لشركة "سابك" وشركة "سافكو" إذ ان تكاليف الانتاج في هذه الشركات سترتفع، وعلى رغم ذلك نجحت "سابك" في زيادة الدخل الاجمالي المتحقق من مبيعاتها بنحو 20 في المئة خلال النصف الأول من عام 1997 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وذلك نتيجة لزيادة الطاقة الانتاجية. ومع ارتفاع معدلات الانتاج خلال عام 1998 فإن هذا سيعوض بعض الشيء الانخفاض المتوقع في الأسعار في الأسواق العالمية. فعلى سبيل المثال تراجع سعر مادة الاثيلين من 695 دولاراً للطن في الفصل الأول من عام 1997 الى 460 دولاراً للطن في الربع الأخير من العام. وبدأ العمل في العديد من المشاريع في قطاعات الصناعة والتعدين والاتصالات والمرافق العامة، وينتظر ان تحقق هذه القطاعات نمواً ايجابياً في عام 1998. اما قطاع الانشاء الذي شهد بعض الانتعاش في عام 1997، فيتوقع له ان يتابع نموه هذا العام. * رئيس الدائرة الاقتصادية البنك الأهلي التجاري، جدة.