مفارقتان لاذعتان رافقتا معركة مقعد فلسطين الشاغر في اتحاد الكتاب العرب. الأولى، أظهر المقعد الشاعر - بصرف النظر عن الأسباب التي تركته شاغراً - وكأن الفلسطينيين بلا كتاب، ومشكوك في أهليتهم وحقهم في الانتماء الى اتحاد الكتاب العرب. الثانية، وتتعلق بطرفي الصراع اللذين خاضا المعركة من أجل أحقية التمثيل، حيث سعى الطرفان القادم من الداخل، والوفد الذي تشكل من الذين عقدوا ما سمي بپ"المؤتمر الرابع"، الى الحصول على الشرعية من اتحاد الكتاب العرب، لا من الكتاب الفلسطينيين. لم ينتبه الطرفان الى ان هناك أزمة في اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، إلا بعد ان شغر المقعد في اتحاد الكتاب العرب، أي ان خلفية المعركة لم تكن على الاطلاق ان هناك من يريد ان يفعّل الاتحاد بعد الأزمة الطويلة والمستعصية التي شهدها، وان هناك آخرون لا يريدون ذلك. انما كانت أساساً تتعلق بهذا المقعد الشاغر، ومن سيستولي عليه ممثلاً لفلسطين في اتحاد عربي، ونقول يستولي لأن الطرفين لا يملكان الشروط التي تؤهلهما ليدعي هذا التمثيل، ولأن الذي تم تغيبه من الطرفين هم الكتاب بالذات. الطرف الذي جاء من الأراضي المحتلة، أعاد إحياء أمانة عامة ميتة تعود شرعيتها الى أكثر من عقد من الزمن، وكانت قد تلاشت في صفقات توزيع المواقع في السلطة الفلسطينية، مما جعلها تنسى اتحاد الكتاب العرب، فجمد عضوية فلسطين لأسباب ادارية وتنظيمية، تتعلق بعدم حضورهم لاجتماعات الاتحاد. وعندما هدد طرف آخر هذا التمثيل، تذكر أعضاء الأمانة العامة الميتة ما نسوه، أنهم أعضاء أمانة عامة في اتحاد كان يدعى اتحاد الكتاب والصحافيين، فبادروا الى تشكيل لجنة تحضيرية من المشكوك أنها ستستكمل مهامها، على قاعدة ان هذه اللجنة التحضيرية ستكون جواز مرور للتمثيل في الاتحاد العربي. الطرف الثاني الذي وعد في التمثيل في اتحاد الكتاب العرب باسم فلسطين، عقد "مؤتمراً" جمع عدداً من البشر ينطبق عليهم أي وصف، إلا وصف الكتاب والصحافيين. فجاء مؤتمرهم بمثابة مهزلة، حيث حضر الجميع وغاب الكتاب، واذا كان من التقاليد الفلسطينية، تنسيب الاعضاء الى الاتحادات دون ان تنطبق عليهم شروط العضوية لا من قريب ولا من بعيد، فقد كانت هذه الممارسة أكثر فجاجة في اتحاد الكتاب والصحافيين، فكان يتم تنسيب الإداريين والمستخدمين والمرافقين، على اعتبار ان كل هؤلاء يستحقون العضوية لاعتبارات غير كتابية، ولكن عند تشكيل الأمانة العامة، يتم اختيار الكتاب سواء من الدرجة الأولى أو الثالثة أو العاشرة. ولكن فيما سمي ب "المؤتمر الرابع" حتى الأمانة العامة التي جرى تشكيلها كانت غالبيتها الساحقة من غير الكتاب والصحافيين، مما شكل فضيحة معلنة. إن أزمة اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين ليست وليدة الصراع على المقعد الشاغر والهزيل، فهي أزمة قديمة قدم الاتحاد نفسه، لكن تفاعلات هذه الأزمة في هذا الزمن الهزيل أوصل الاتحاد الى ما وصل اليه، فهو يجمع كل شيء الا الكتاب والصحافيين. وقد عبر الكثير من الكتاب عن موقعهم من الاتحاد الهزيل على مدى السنوات الماضية بالانسحاب منه أو عدم الانتماء اليه أصلاً. وإذا كان الكتاب يتحملون المسؤولية بموقفهم الانسحابي، وعدم اتخاذهم الموقف الشجاع بتشكيل اتحادهم الحقيقي، فإن أفضل حل في ظل هذا الوضع الهزيل، هذا إدارة الظهر لمؤسسة لا تقدم ولا تؤخر في الثقافة الفلسطينية، التي عبرت عن نفسها بشكل رئيسي خارج هذا الاتحاد وفي اغلب الحالات خارج المؤسسات الفلسطينية. وما دعوات الوحدة إلا دعوات ساذجة، لأن جمع الأصفار لا يعطي قيمة ايجابية.