استكمالاً لما اشرت اليه بالأمس حول جوهر الاسلام وواقع المسلمين أشير الى عبارة مهمة وردت على لسان الرئيس البوسني عزت بيغوفيتش في اختتام اعمال القمة الاسلامية في طهران قال فيها ما معناه: ان الشيء المؤكد هو ان الاسلام دين عظيم، بل هو اعظم الرسالات السماوية للانسانية، ولكن المأساة الحقيقية هي ان المسلمين في عصرنا هذا ليسوا الافضل. والاكيد ان السبب يعود الى بُعد المسلمين عن جوهر الاسلام وروحه السمحة، واتجاه البعض اما الى التطرف والتزمت او الى الانحلال والاغراق فيما ترزح الغالبية تحت نير التخلف والقهر والقمع والظلم والظروف التي تمنعهم من النهوض وتطبيق مبادئ الشريعة السمحة. وكم استغربت اهمال اجهزة الاعلام العربية والاسلامية لمضمون كلمة بيغوفيتش ومعانيها على رغم انه كان صريحاً ودقيقاً في عرضه لمواطن العلل وتحذيره من مغبة الكذب على النفس والزعم بأننا الافضل ثم في دعوته للحوار مع "الآخر". ولو نظرنا الى واقع المسلمين هذه الايام نظرة متعمقة، وبلغة الارقام والحقائق لأصبنا بدوار، او بصدمة من جراء التناقضات الكثيرة بين الغنى والفقر والترف والمجاعة والحروب والخلافات المذهبية وغيرها، والأمية والتخلّف، بينما الاسلام يحثنا على العلم والتكافل والتضامن وحقن الدماء والتسامح والمحبة ودعم الغني للفقير والقوي للضعيف والقادر للعاجز، كما حضنا على النظافة والصدق والامانة واتقان العمل ونبذ التكاسل والتواكل والجهاد في سبيل الله. بليون و200 الف مسلم ينتمون الى 55 دولة كان يمكن ان يشكلوا قوة عظمى بكل معنى الكلمة سياسياً واقتصادياً لو وحّدوا قواهم وجهودهم وحشدوا طاقاتهم وامكاناتهم. ولكن ما هو الواقع: تشرذم وحروب دامية واضطرابات داخلية وفقر وأمية بلغت نسبتها اكثر من 70 في المئة! وأراض ومقدسات محتلة في فلسطين وكشمير وغيرهما، واضطهاد للأقليات المسلمة في عشرات الدول، وعشرات الملايين من المهاجرين في دول الغرب تركوا بلادهم اما بحثاً عن لقمة العيش او هرباً من القمع والاضطهاد. وكم حزنت عندما قرأت اخيراً ان المسلمين يشكلون القسم الاكبر من اللاجئين والنازحين في العالم الذين يعدّون حوالي 71 مليوناً 70 في المئة وذلك بسبب الحروب والاضطرابات والمجاعات في ديار المسلمين ولا سيما في افغانستان والصومال والعراق اضافة الى ملايين اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الذين شرّدهم الاحتلال الصهيوني الغاشم تحت سمع وبصر العالم كله والذي حشرهم لأكثر من نصف قرن في مخيمات البؤس والظلم. ولهذا نعود من جديد للسؤال المركزي وهو: لماذا وصلنا الى هنا؟ وما هو الفرق بين جوهر الاسلام وسلوك المسلمين؟ ولماذا البعد عن هذا الجوهر المنجي من كل الشرور؟ كلنا يعرف الجواب، ولكن اكتفي بالرد بأن اختم بقصة تروى على لسان الشيخ محمد عبده الذي سُئل عندما عاد من جولة اوروبية: ماذا رأيت يا إمام؟ فأجاب: رأيت اسلاماً ولم أرَ مسلمين! واستغرب الناس هذا الردّ فقال له احدهم: ولكن ماذا ترى في ديارنا اذن؟ اجاب: بكل اسف أرى مسلمين ولا أرى اسلاماً! والردّ لا يحتاج الى تعليق!
خلجة من دفتر الياسمين: أما أنا فما زلت أهمس بإسمك… وحبك وذكرياتك وأسمع صدى صوتك فيعيدني الى عالمك واصبح جاراً لضوء القمر!