في المرة الأولى التي اقيم فيها "معرض أميركا الشمالية للسيارات" في 1907 في ديترويت اقتصر عدد العارضين على 17 عارضاً والسيارات على 33 سيارة. وتطور الحدث السنوي في عقوده الخمسة الأولى متنقلاً، مع ازدياد شعبيته وارتفاع نسبة الاقبال عليه، إلى ستة مواضع مختلفة بهدف استيعاب أجنحة المعرض التي لم تكف عن التوسع. وعام 1957 استقبل المعرض الذي تملكه "جمعية ديترويت لوكلاء السيارات" دادا أول مشاركين أجانب في عالم صناعة السيارات، فإنضمت الى جانب الشركات الأميركية الكبيرة الثلاث جنرال موتورز وفورد وكرايزلر كل من فولفو وأيزيتا الألمانية ومرسيدس - بنز وجاغوار وبورشه. وانتقل "معرض ديترويت للسيارات"، كما كان يسمى، إلى مقره الحالي في "مركز كوبو للمؤتمرات والمعارض" الذي يضم إحدى أكبر صالات العرض المنفردة في العالم. وتستطيع المنشأة استيعاب نحو 90 ألف متر مربع من المعروضات في الصالة المفتوحة التي يضاف إليها نحو 12 ألف متر مربع من أجنحة العرض في المباني المتاحة قرب النهر المحاذي. وتضم المنشأة المؤلفة من ثلاث طبقات 84 صالة اجتماعات وقاعة استقبال ضخمة عند المدخل مساحتها 12 ألف متر مربع، علاوة على صالة سمعية - بصرية كبيرة. وأعيدت تسمية المعرض العريق الذي توقفت فاعلياته أربع مرات فقط، منذ تأسيسه قبل 91 عاماً، "معرض أميركا الشمالية الدولي للسيارات" عام 1989 لدى تحويله من معرض يخص الولاياتالمتحدة إلى معرض لكامل شمال القارة الأميركية. ومنذ ذلك الحين تحول إلى حدث سنوي تؤمه كبرى الشركات العالمية لطرح سياراتها وطرازاتها الجديدة التي ستدخل بها عالم المنافسة في السوق الأميركية والدولية. ويعتبر المعرض الوحيد في أميركا الشمالية الذي يحظى بترخيص من قبل "المنظمة الدولية لبناء السيارات" أويكا، OICA, Organisation Internationale des Constructeurs Automobiles. ويشارك في المعرض السنوي الجاري، والذي يحمل الرقم 82 في لائحة المعارض المنظمة منذ تأسيسه، أكثر من 41 مصنعاً دولياً للسيارات. وهو يمثل حدثاً محلياً من الطراز الأول في ولاية متشيغان التي تعتبر موئل صناعة السيارات في الولاياتالمتحدة وأحد أبرز مراكزها الدولية. وقُدر التأثير الاقتصادي للمعرض على منطقة ديترويت العام الماضي بنحو 252 مليون دولار. ويعتبر "مركز كوبو" أحد أبرز مناطق الحركة والأنشطة العامة في ديترويت. وهو يتألف من ثلاث منشآت ضخمة تحمل أولاها اسم "كوب ارينا" والثانية مركز المؤتمرات والمعارض والثالثة "مدرج جو لويس" بطل الملاكمة الدولي. ويربط بين الثلاثة قطار كهربائي لتسهيل انتقال الزوار. ونشأت فكرة المركز من مبادرة قام بها لبناني يدعى ويليام قربادي أصلها قرطباوي، اشتهر باسم "نكيت" وعرفته الملاعب الدولية عندما كان مديراً عاماً لفريق كرة القدم الأميركية "ديترويت لايونز" الشهير بين 1948 و1958. واستطاع ويليام ان يدفع فريقه الى الفوز ثلاث مرات ببطولة العالم للمسابقة خلال الأعوام 1952 و1953 و1957، وتحقيق أربع بطولات للدوري الأميركي علاوة على تصدره المرتبة الثانية في بطولتين عالميتين. وانتقل "قرطباوي" عام 1958 إلى نادي "ان. بي. اي بيستونز" لكرة السلة ضمن عقد قيمته مليون دولار... آنذاك. وأسس المغترب اللبناني الطرابلسي الأصل والمولع بالرياضة "منتدى متشيغان للمشاهير" عام 1955 وقاد فكرة انشاء "مدرج كوبو أرينا" الذي يخصص للاحتفالات والاستعراضات الرياضية والشعبية لتنطلق من ثم فكرة إقامة مجمع متكامل للمعارض والمؤتمرات تم افتتاحه عام 1957 وأطلق عليه "مركز كوبو" تخليداً لعمدة المدينة الراحل البرت كوبو الذي توفي قبل انجاز المشروع والذي عمل في إدارة ديترويت 21 عاماً وتوفي في منصبه في 12 أيلول سبتمبر 1957. ويشكل المركز، الذي بلغت كلفة انشائه 55 مليون دولار والذي خضع لتوسعة زادت مساحته 50 في المئة عام 1988، أحد المعالم البارزة في ديترويت حيث تتمتع الجالية العربية، واللبنانية منها خصوصاً، بحضور قوي. وبين المعالم الأخرى اللافتة التي تحمل بصمات عربية المحطة الدولية في مطار ديترويت التي تسمى مطار مايك بري وهو لبناني الأصل هاجر والداه من قرية تبنين إلى متشيغان حيث ولد عام 1920. وعلى رغم نشأته في بيئة فقيرة استطاع بري أن يتقن حرفة المحاماة التي تتميز ولاية متشيغان بأنها تملك أكبر نسبة من مزاوليها من رجال القانون بين سائر الولايات الأميركية المتحدة. وبعد نجاحه في الحياة العامة كُلف عام 1967 إدارة مشروع انشاء المطار الدولي الذي عمل فيه 2300 مهندس وعامل، فأنجزه في إطار الموازنة الموضوعة وقبل انتهاء الموعد المحدد للتسليم. وعقب انجاز المشروع قررت السلطات المحلية اطلاق اسمه على المطار الدولي الذي يحاذي محطتي الرحلات الداخلية اعترافاً بحسن صنيعه. واقيم لهذا الغرض احتفال دُعي إليه والد قرينة الملك حسين آنذاك نجيب الحلبي، وهو لبناني الأصل، ليلقي كلمة الافتتاح. وكان الحلبي يشغل وقتها منصب رئيس شركة "بان أميركان" العملاقة للطيران.