أبدت "القيادة" الإيرانية استياء من الموقف الذي أعلنه الرئيس المصري حسني مبارك أول من أمس في شأن العلاقة مع إيران، وهو كان أكد في حديث إلى التلفزيون المصري أول من أمس أنه لا يريد إقامة علاقات مع إيران تستخدم "لتجنيد عناصر من الدول المختلفة". وأعرب وزير الخارجية الإيراني الدكتور كمال خرازي أمس عن أسفه لهذا الموقف، ورأى ان "القادة" في مصر ما زالوا "يفتقدون الإرادة السياسية اللازمة" لتطوير العلاقات مع طهران، وقال: "لا أرضية مناسبة الآن لرفع مستوى العلاقات" بين البلدين. ويستعد الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي لتوجيه "رسالة إلى الشعب الأميركي العظيم" في حديث إلى شبكة "سي. ان. ان" التلفزيونية الأميركية الأسبوع المقبل، ودعت وزارة الخارجية الإيرانية الإدارة الأميركية مجدداً إلى "مراجعة سياساتها تجاه الجمهورية الإسلامية والكف عن الدعاية المغلوطة والسلبية". وشدد مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية الدكتور جواد ظريف أمس على ان "الاتهامات والحملات الأميركية المغرضة والمعادية لإيران لا تستند إلى أي أساس". وزاد ان "الحكومة الأميركية مدعوة لأن تراجع سياساتها بجدية". ويوضح موقف "ظريف" رؤية "القيادة" الإيرانية للعلاقة مع الولاياتالمتحدة، علماً ان خاتمي كان أكد احترامه للشعب الأميركي "العظيم"، ووجه انتقادات للساسة "الرجعيين" في واشنطن والذين "لا يتماشون مع العصر". وأعلن في طهران أمس ان الرئيس خاتمي وجه رسائل تهنئة إلى جميع قادة الدول الإسلامية لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، بمن فيهم الرئيس العراقي صدام حسين، وذلك في مبادرة هي الأولى منذ سنوات، قد تكون إشارة تعكس الانفراج في العلاقة بين إيران والعراق، خصوصاً بعد القمة الإسلامية التي استضافتها طهران. في الوقت ذاته، أبدى خرازي "أسفاً" لتصريحات الرئيس المصري في شأن العلاقة بين القاهرةوطهران، ورأى الوزير أنه "لا توجد أرضية مناسبة الآن لرفع مستوى العلاقات السياسية" بين الجانبين، واعتبر ان "مصر تحتاج إلى مزيد من الوقت كي تتمكن من أن تخطو خطوات جديدة باتجاه الجمهورية الإسلامية". وكان خرازي أعلن الأسبوع الماضي في موقف يعد سابقة منذ قطعت العلاقات الديبلوماسية بين إيران ومصر ان بلاده مستعدة لتطوير العلاقات وتطبيع الروابط الديبلوماسية مع القاهرة، مشيراً إلى أن "هناك أملاً بإعادة العلاقات الديبلوماسية بصورة كاملة بين البلدين قريباً". يذكر ان مبارك قال في حديثه إلى التلفزيون المصري: "حتى تعود العلاقات الطبيعية مع إيران يجب أن يطمئن قلبي إلى أنها ستكون طبيعية حقيقية وليست للمناورة". وأكد رفضه إقامة علاقات تستخدم "لتجنيد عناصر من الدول المختلفة" تقوم بعد ذلك بزعزعة الأمن في بلادها. وعبرت إيران عن انزعاجها من هذا الموقف، وذلك على لسان خرازي وليس عبر بيان لوزارته، وقال الوزير: "من المؤسف أن نسمع كلاماً معاداً من القادة المصريين يعزون فيه مشاكلهم الداخلية إلى بلدان أجنبية". وخلص إلى أن المسؤولين في مصر "يجهلون حقائق إيران الإسلامية". وشدد على ان مصر "بحاجة إلى مزيد من الوقت كي تتمكن من أن تخطو خطوات جديدة باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مشيراً إلى أن "العالم الإسلامي يحتاج في هذه الفترة إلى مزيد من التفاهم والتضامن". يذكر أن وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى الذي رأس وفد بلاده إلى القمة الإسلامية، أكد في طهران وبعد عودته إلى بلاده ان "الأجواء باتت طيبة وملائمة لتطوير العلاقات" بين مصر وإيران، وأعلن رغبة حكومته في رفع مستوى العلاقات الديبلوماسية إلى درجة سفراء. الى ذلك أكد البيت الأبيض امس وجود نقاش "ساخن" داخل ادارة الرئيس بيل كلينتون حول ما اذا كانت الولاياتالمتحدة ستفرض عقوبات على الشركات الاجنبية خصوصاً شركة "توتال" الفرنسية وشركة "غاز بروم" الروسية لابرامهما صفقة لتطوير الصناعة النفطية الايرانية قيمتها نحو بليوني دولار، في شكل يخالف قانون السيناتور الفونس داماتو الذي يفرض عقوبات على الشركات التي تستثمر اكثر من 20 مليون دولار في صناعة النفط والغاز في ايران. وقال مسؤول في البيت الأبيض ان النقاش دائر بين كبار المسؤولين في الادارة حول "افضل الوسائل لتنفيذ السياسة للتأكد من عدم مكافأة ايران على سياساتها السيئة". وأوضح ان واشنطن ما زالت تعمل مع روسيا وفرنسا في شأن هذه المسائل، ولم تتخذ بعد اي قرار في شأن فرض عقوبات على الشركات الاجنبية او الامتناع عن مثل هذه الخطوة. وذكر ان النقاش داخل الادارة الاميركية لا يتعلق بموضوع السياسة تجاه ايران او الحوار معها لأن الرئيس كلينتون حدد أسس هذه السياسة وأعرب عن استعداد ادارته لفتح حوار مع طهران ضمن ظروف وشروط معينة. وأكد المسؤول ان هناك اجماعاً على هذا الموضوع. وزاد ان قانون داماتو لا يلزم الادارة خلال موعد محدد اتخاذ قرار في شأن معاقبة الشركات لكنه اوضح ان واشنطن ستتخذ قرارها عاجلاً ام آجلاً. ونشرت الصحف الاميركية امس مقالات عن هذا الموضوع والنقاش الدائر، وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" ان كلاً من نائب وزير الخارجية ستروب تالبوت ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية توماس بيكيرينغ ووكيل الوزارة للشؤون الاقتصادية ستيوارت ايزنستات يعارض فرض عقوبات على الشركتين الفرنسية والروسية لتفادي انقسام داخل حلف الاطلسي وتدهور العلاقات مع روسيا. وأضافت الصحيفة ان ابرز الداعين الى فرض عقوبات هم مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط مارتن انديك والمسؤول عن قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بروس رايدال وليون فورث مستشار نائب الرئيس آل غور لشؤون الأمن القومي. يذكر ان صحيفة "واشنطن تايمز" وصفت في مقال عن الموضوع ذاته آل غور الراغب في الترشح لمنصب الرئيس في الانتخابات المقبلة، بأنه يحصل على دعم من اليهود الاميركيين الارثوذكس الذين يدعمون ايضاً رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو.