لا ينظر المصريون إلى محمد صلاح باعتباره مجرد لاعبٍ فذٍ في فريق ليفربول الإنكليزي، أو واحداً من أعضاء منتخبهم الوطني لكرة القدم، وإنما كبطل قومي ورمز وطني ومن أبرز أدوات القوة الناعمة المصرية المؤثرة بالإيجاب في صورة بلدهم في الخارج. لذا، لم تكن غريبة حال الترقب بشغف والانتظار مساء أول من أمس، لحفلة توزيع جوائز رابطة المحترفين لأفضل لاعب في الدوري الإنكليزي «بريميير ليغ» الموسم الحالي، إذ بدت شوارع القاهرة خالية، بينما اكتظت المقاهي وساحات الأندية والمنتديات بالآلاف ينتظرون إعلان فوز صلاح بالجائزة. وفي قرية صغيرة (نجريج) في دلتا مصر، حيث ولد صلاح تجمّع الآلاف حول منزله، وما أن أعلن منح ابن القرية الجائزة حتى ضجت بصخب وفرح وفخر ب «قاهر المستحيل». محمد صلاح الذي ولد في 15 حزيران (يونيو) في نجريج التابعة لمدينة بسيون في محافظة الغربية في عمق الدلتا، لم تنسه أضواء التكريم والتتويجات المتتالية أهل قريته. فالنجم الكبير المقيم في إنكلترا، ما زال يمضي إجازته في مصر في منزل عائلته في القرية التي أنفق ملايين الجنيهات لتحسين الخدمات فيها. لاعب ليفربول الذي لم ينَل قسطاً وافراً من التعليم في مصر، بدأ مسيرته الكروية في نادي «المقاولون العرب» قبل أن يخوض تجربة الاحتراف ويتألّق فيها مُحطّماً أرقاماً قياسية، حتى بات أول مصري ينال جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي. فوجّه محافظ الغربية اللواء أحمد ضيف صقر الحديث اليه في برقية أمس: «أنك إبن للغربية نفخر به ويفخر بك الوطن العربي». علاقة صلاح لم تنقطع أبداً بقرية نجريج وأعماله الخيرية فيها وفي محافظته حديث أهاليها على مدار الساعة. فاللاعب الذي بات «أسطورة» لا يتردد في مساعدة شباب قريته المُقدمين على الزواج، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم. تبرع بمبلغ ضخم لإنشاء مستشفى متطور ووحدة إسعاف في القرية، وساعد في إكمال بناء معهد ديني فيها، وله دور بارز في تأهيل دور الأيتام في محافظته. يتفادى صلاح السياسة لكن «الإخوان» لا يحبونه ويهاجمون صوره مع الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي كرّمه مع زملائه، عندما حقق المنتخب المصري إنجازاً ببلوغ نهائيات كأس العالم. وهو كان تبرّع بمبلغ 5 ملايين جنيه لصندوق «تحيا مصر» في كانون الثاني (يناير) 2017، فاعتبره «الإخوان» منحازاً الى مشروع إعادة بناء الدولة الذي يقوده السيسي، فاعتمد التنظيم الذي يعيش أسيراً لحقبة لاعب الأهلي السابق محمد أبو تريكة أسلوباً، كلما حقق صلاح إنجازاً روّج الإخوان مجدداً لتاريخ أبو تريكة.