بينما تكتّمت «هيئة وزراء الثمانية» الإسرائيلية، وهي أعلى هيئة حكومية في الدولة العبرية، عن مداولاتها مساء أول من أمس التي تناولت «أسبوع نيويورك» واحتمال التصويت في مجلس الأمن على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، أكدت تقارير صحافية أن الوزراء الثمانية منقسمون في ما بينهم في شأن الخطوات الواجب على إسرائيل اتخاذها ضد السلطة الفلسطينية، وإن كانت الغالبية تدعو إلى اتخاذ خطوات عقابية صارمة بالرغم من توجه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لإسرائيل بطلب عدم الإقدام على مثلها. وأكدت التقارير أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يتعرض إلى ضغوط كبيرة من وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان والنائب الأول لرئيس الحكومة موشي يعالون ووزير المال يوفال شتاينتس للرد على الاعتراف بدولة فلسطينية بسلسلة إجراءات عقابية، في مقدمها حجب عائدات الضرائب الشهرية (أكثر من 100 مليون دولار) عن السلطة، كما يقترح شتاينتس. ويقترح يعالون بأن يكون الرد الإسرائيلي «بحجم الخطوة الفلسطينية»، كأن يعلن نتانياهو بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في التجمعات الاستيطانية الكبرى في محيط الضفة الغربية والقدس المحتلتين. أما ليبرمان، فيذهب إلى ما أبعد من ذلك، ويدعو إلى قطع كل العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وبضمنها وقف التعاون الأمني ودرس إمكان إلغاء اتفاقات أوسلو. وكان نائبه داني أيالون قال في اجتماع الدول المانحة أول من أمس إنه في حال واصلت السلطة التحرك خلافاً للاتفاقات الموقعة معها، فإن «إسرائيل ستنفض يدها من كل الالتزامات القانونية أو السياسية تجاه الدولة الفلسطينية، خصوصاً أنها تقام بشكل اصطناعي وخلافاً للاتفاقات الموقعة». ويعارض وزيرا الدفاع أيهود باراك وشؤون الاستخبارات دان مريدور اتخاذ أي عقوبات ضد السلطة الفلسطينية «لأن ذلك سيؤدي إلى التدهور نحو عنف سيضطر الفلسطينيين إلى وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وربما يؤدي إلى انهيار تام للسلطة الفلسطينية». وذكرت صحيفة «هآرتس» أن باراك التقى أول من أمس في نيويورك رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض وبحث معه في مواصلة التنسيق الأمني ومحاولة منع اندلاع أعمال عنف في التظاهرات الفلسطينية المتوقعة في الضفة الغربية في أعقاب التوجه إلى الأممالمتحدة بطلب الاعتراف بالدولة. وأشارت الصحيفة إلى أن نتانياهو لم يحسم موقفه بعد من طبيعة الرد الإسرائيلي. على صلة، أفادت الصحيفة في عنوانها الرئيس أمس نقلاً عن مسؤول حكومي كبير في تل أبيب قوله إن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي توجها في الأيام الأخيرة إلى نتانياهو بطلب عدم اتخاذ أي إجراءات عقابية صارمة ضد السلطة من شأنها زعزعة كيانها. واتهمت زعيمة المعارضة البرلمانية تسيبي ليفني الحكومة ب «الغباء الديبلوماسي الذي يتسبب في حشر الولاياتالمتحدة في الزاوية». وقالت في جلسة استثنائية للكنيست أمس أن «سلوك الحكومة يحول دون تمكن الولاياتالمتحدة من إخراج إسرائيل من عزلتها الدولية». وأضافت أن المطلوب من الحكومة الإسرائيلية تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، وأنه لم يفت الوقت بعد لمنع توجه السلطة إلى الأممالمتحدة، «والأمر يتطلب فهماً لحقيقة الأوضاع وجرأة في اتخاذ القرار وعدم الوقوف موقف المتفرج». وحرصت ليفني على توضيح موقفها بتأكيد معارضتها اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطينية «لأن من شأن ذلك أن يفرض علينا مضامين يفترض بحثها في المفاوضات المباشرة، وهذه مسألة يتفهمها العالم الذي يريد مساعدتنا، لكنه يطالب بأن نساعده نحن أيضاً». وأضافت أن «العالم كله ينتظر أن تقوم إسرائيل باتخاذ الخطوة الحقيقية التي ينتظرها (استئناف المفاوضات) بدلاً من أن تنشغل في الدفاع عن نفسها والادعاء بأن العالم كله ضدها». وتابعت أن لإسرائيل أصدقاء وحلفاء، على رأسهم الولاياتالمتحدة، المستعدة لتقديم الضمانات لأمن إسرائيل، لكنها تستغرب سياسة هذه الحكومة وإصرارها على مواصلة الاستيطان، كما أنها لا تثق برئيسها الذي أعلن موافقته على حل الدولتين، لكنه لم يقم بأي خطوة فعلية نحو تحقيقه. وزادت: «علينا استئناف المفاوضات بنيّة واضحة لإنهائها وإنهاء الصراع، ونحن سندعم كل الخطوات التي تتخذها الحكومة من أجل إنقاذ إسرائيل». لكنها شككت في أن يقدم نتانياهو على خطوة في هذا الاتجاه بالرغم من تطمينها له بأنه في حال تعرضت حكومته لأي هزة من حلفائه على خلفية استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، فإن حزبها «كديما» سيوفر الدعم له. وختمت بالقول إن نتانياهو «يعيش واقعاً غير حقيقي عندما يقول إن كل شيء على ما يرام، وإن العالم معنا وأوروبا والولاياتالمتحدة معنا. إنه يقبع في غرفة لا يصلها صدى الواقع الحقيقي». ورد على ليفني باسم الحكومة وزير الإعلام يولي إدلشتاين الذي اكد أن العالم لا يسلّم بتصريحات الفلسطينيين، وأن الأخيرين لن ينجحوا في حشد دعم غالبية سبع دول أعضاء في مجلس الأمن لتمرير مشروع الدولة، «ما يعني أن الولاياتالمتحدة لن تضطر حتى إلى استخدام الفيتو».