توقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أوقاتاً صعبة» بعد تقديم طلب انضمام دولة فلسطينية إلى الأممالمتحدة في نهاية الأسبوع الجاري، فيما دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الرئيس الفلسطيني إلى البدء في مفاوضات مع إسرائيل بدل «إضاعة الوقت على خطوات أحادية»، وهدد وزراء إسرائيليون بعقوبات بحق الفلسطينيين. وحذر عباس من أن «الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية سيواجهان أوقاتاً عصيبة جداً بعد الطلب الفلسطيني من مجلس الأمن»، حيث تهدد الولاياتالمتحدة باستخدام حق النقض لمنع تمرير الطلب الفلسطيني. وقال عباس: «من الآن وحتى ألقي خطابي ليس أمامنا خيار سوى الذهاب إلى مجلس الأمن. بعد ذلك سنرى ونقرر». وأضاف «ما إن قررنا اتخاذ هذه الخطوة حتى فتحت أبواب جهنم علينا». ولفت إلى أن القيادة الفلسطينية تعرضت «لضغوط كثيرة» لسحب طلب عضوية دولة فلسطين. وتابع أن «الأمور ستكون سيئة جداً بعد التوجه الفلسطيني إلى الأممالمتحدة». وأضاف «نسعى إلى تكريس اعتراف العالم بدولة فلسطين وأن تصبح فلسطين دولة عضواً»، مؤكداً أن «خطوتنا ليست قفزة بالهواء لكننا لا نريد التهويل والتهليل على انه استقلال». وزاد أن «الدول العربية ثبتت قرار التوجه لطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بقرار عربي موحد»، مؤكداً انه «أياً كانت النتيجة التي سنحصل عليها بعد توجهنا إلى الأممالمتحدة سلباً أو إيجاباً سنعود إلى القيادة الفلسطينية لنقرر الخطوة القادمة». وبعد أن أشار إلى «محاولات للعودة إلى المفاوضات في أيلول ( سبتمبر) من قبل الأميركيين»، لفت إلى أن «كل المفاوضات التقريبية وغير المباشرة فشلت بسبب التعنت الإسرائيلي». وأضاف «حتى خطابي في الأممالمتحدة وتقديم الطلب للعضوية، نركز كل جهودنا على التوجه إلى مجلس الأمن فقط ولا توجد أفكار أخرى». وأشار إلى أن «اكثر من 70 بالمئة من الشعب الإسرائيلي مع السلام ويؤيدون السلام. نقول للشعب الإسرائيلي نحن نريد السلام وأنتم تريدون السلام وكلما أسرعنا افضل، ولا نريد إضاعة الوقت وأن نقول في ما بعد لقد أضعنا الوقت ويا ليتنا فعلنا هذا في الماضي». من جهة أخرى اكد عباس انه «لا عودة إلى الانتفاضة المسلحة إطلاقاً ولن نعود للعنف إطلاقاً. كل ما سنقوم به احتجاجات سلمية فقط» مشدداً على أن «تعليماتنا إلى الجميع أن كل التحركات الشعبية يجب أن تكون سلمية». وتابع «في المقابل هم (الإسرائيليون) يدربون المستوطنين ويسلحونهم». في غضون ذلك، دعا نتانياهو، الذي توجه إلى نيويورك للتعبير عن موقف إسرائيل على أن يلتقي اليوم (الأربعاء) الرئيس الأميركي باراك أوباما «رئيس السلطة الفلسطينية إلى إجراء مفاوضات مباشرة في نيويورك تتواصل بعدها في القدس ورام الله». ويقول محللون إن هذه الدعوة محاولة لمنع عباس تقديم طلب العضوية. وكان عباس قد أعلن عن استعداده للقاء نتانياهو، لكنه صمم على المضي قدماً في مسعاه للحصول على اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطين إذ أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة في لقائهما أول من أمس انه سيقدم طلباً مكتوباً بهذا الشأن بعد إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة. وأعلن المتحدث باسم الأمين العام مارتن نيسيركي إن بان كي مون كرر «دعمه لحل يقوم على دولتين إسرائيلية وفلسطينية وشدد على رغبته في التأكد من أن يتمكن المجتمع الدولي والجانبان من إحراز تقدم لاستئناف المفاوضات في إطار شرعي ومتوازن». وأوضح أن كي مون بحث مع عباس الجهود المتواصلة للجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط في هذا الصدد، وأشار إلى أن الرئيس عباس شدد على التزامه الحل التفاوضي. وأعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه أن عباس اكد لبان كي مون «تصميم الجانب الفلسطيني على التقدم بطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وذلك من خلال مجلس الأمن». وهو الأمر الذي أكده أيضاً عضو الوفد الفلسطيني إلى الأممالمتحدة نبيل شعث الاثنين الذي قال إن «الرئيس عباس واضح، انه يريد تصويت مجلس الأمن على عضوية دولة فلسطين في الأممالمتحدة». وأضاف «بعدها كل الخيارات مفتوحة وسيتم دراستها في القيادة الفلسطينية، لكن سنظل نطرق هذا الباب، أي مجلس الأمن، إلى أن نحصل على عضوية كاملة لدولة فلسطين في المنظمة الدولية». وأوضح شعث أن عباس «سيعلن خلال كلمته الجمعة انه سلم طلب عضوية فلسطين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ولرئيس مجلس الأمن للبت في قرار العضوية»، لافتاً إلى أن الرئيس الفلسطيني «طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يسرع في الوصول إلى قرار وأنهم بدأوا بالإجراءات لمناقشة الطلب الفلسطيني». وتابع شعث أن بان كي مون «كان إيجابياً وسيطلب من رئيس مجلس الأمن تشكيل اللجنة التي تناقش الإجراءات الرسمية للطلب الفلسطيني». وكشف أن «طلب عضوية دولة فلسطين اصبح جاهزاً ويتكون من نموذج الطلب وهو مرفق برسالة توضح أسباب تقدمنا لطلب العضوية وتشرح بوضوح دور منظمة التحرير والالتزامات التي التزمت بها». وأشار إلى أن الطلب «يستند إلى كل القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية بدءاً من قرار تقسيم فلسطين التاريخية». أما نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون فقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الخطوة الفلسطينية يمكن أن تؤدي إلى زيادة التوتر. وأضاف أن «أي إعلان أحادي من جانب الفلسطينيين بالاستقلال أو أي قرار للأمم المتحدة سيكون مدعاة للاحتكاك والصراع بدلاً من التعاون والتفاهم». وأضاف أن أي تصويت على الطلب الفلسطيني «لن يكون جدياً لأنه غير مهم». وأضاف: «الجمعية العامة ليست سوى منصة بيانات ولا تفرض أي التزامات». ولفت إلى أن «التصويت المهم هو في مجلس الأمن ولن يمر طلبهم هناك». إلى ذلك، قال أمين سر الحكومة الإسرائيلية زفي هوسر إن الفلسطينيين لا يحظون بغالبية في مجلس الأمن لإقامة دولة. وأضاف «أن قيام دولة يتم في مجلس الأمن وليس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الفلسطينيين لا يحظون بغالبية في مجلس الأمن لذلك لن يكون هناك دولة فلسطينية». وتابع «أن الفلسطينيين سيغيرون موقفهم عندما سيدركون أن مبادرتهم الأحادية الجانب لن تؤدي إلى شيء وأنهم يتجهون مباشرة إلى الطريق المسدود». وجدد هوسر التأكيد على أن التصويت لعضوية دولة فلسطينية في الأممالمتحدة عبر الجمعية العامة وحدها «ليس له معنى» لأن «هذه الهيئة ستكون مستعدة إن طلب منها ذلك، للتصويت على إدانة تصفية بن لادن أو دعم التدابير القمعية في سورية». وأكد أن إسرائيل مستعدة لإعادة إطلاق المفاوضات المباشرة «من دون شروط مسبقة على عكس الفلسطينيين». وترفض الحكومة الإسرائيلية والولاياتالمتحدة خطوة عباس وتعتبرانها «أحادية الجانب»، مؤكدتين أن قيام دولة فلسطينية لا يمكن أن يتم إلا في إطار اتفاق سلام مع إسرائيل. إلى ذلك، هدد وزراء إسرائيليون بفرض عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية على الفلسطينيين رداً على توجههم إلى الأممالمتحدة لطلب عضوية دولتهم. وحذر وزير الخارجية المتشدد افيغدور ليبرمان من «العواقب الوخيمة» للمبادرة الفلسطينية كما حذر من إلغاء كل الاتفاقات «الموقعة» مع الفلسطينيين. وكان ليبرمان يلمح خصوصاً إلى اتفاقات باريس عام 1994 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية التي تنص على قيام إسرائيل بتسديد ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية على البضائع التي يستوردها فلسطينيون وتمر عبر الموانئ والمطارات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية. وتمثل هذه الأموال التي تبلغ قيمتها 60 مليون يورو شهرياً ثلثي عائدات موازنة السلطة الفلسطينية ومن دونها تصبح السلطة غير قادرة على دفع رواتب اكثر من 150 ألف موظف. وأعاد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون التلويح بهذه العقوبة الأحد خلال اجتماع في نيويورك للجهات المانحة للسلطة الفلسطينية. وحذر ايالون من أن «مساعدة بلاده الاقتصادية للفلسطينيين في المستقبل قد تتأثر في حال أصر الفلسطينيون على مسعاهم أمام الأممالمتحدة». ولوح وزير المال الإسرائيلي يوفال ستاينتز باحتمال قطع المؤن عن السلطة الفلسطينية. وقال «انهم يريدون إقامة دولة من دون السلام والأمن وإنهاء النزاع ومن دون الاعتراف بدولة إسرائيل وأي التزام. كل هذا يمثل أسوأ كابوس بالنسبة لنا وسيكون له ثمن». ودعا موشيه يعالون وزير الشؤون الاستراتيجية وهو من صقور الائتلاف الحكومي أيضاً إلى بناء آلاف المنازل في مستوطنات الضفة الغربيةوالقدسالشرقية رداً على الخطوة الفلسطينية في الأممالمتحدة. إلى ذلك، افتتح رسمياً الاثنين مركز ثقافي مثير للجدل في مستوطنة كريات أربع الإسرائيلية قرب مدينة الخليل بالضفة الغربية في حضور نائب رئيس الحكومة ورئيس الكنيست روفين ريفلين. ونددت 500 شخصية من المجتمع الثقافي الإسرائيلي بهذه المبادرة ووقعت عريضة أعلنت فيها أنها ستقاطع هذا المركز الثقافي لعدم تبرير احتلال الضفة الغربية. وقص نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيلفان شالوم وريفلين وهما عضوان في حزب «ليكود» الذي يتزعمه نتانياهو، الشريط عند مدخل المبنى الذي يضم صالة تتسع ل400 شخص. وقال شالوم «هنا ولدت الثقافة» في إشارة إلى مقابر إبراهيم وإسحق ويعقوب. وقال ريفلين «نحن على وشك حصول أيلول أسود ليس لإسرائيل فحسب ولكن للأمم المتحدة وللعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين».