اعلن رئيس حكومة اقليم كردستان برهم صالح خلال زيارته الاخيرة الى منطقة كرميان، قبل بضعة أسابيع، عن اطلاق مشروع اقامة ثلاث ادارات لا مركزية في أقضية رانية وسوران وحلبجة، وذلك على غرار ادارة كرميان، وعن امكانية استحداث ادارات مماثلة مستقبلاً في أقضية زاخو وعقرة وكويسنجق. بلا شك هذه خطوة تكاد تكون تأسيسية لتكريس ممارسة ديموقراطية متقدمة في الاقليم الكردي العراقي، عبر توزيع السلطات والصلاحيات وتقسيمها وفق لا مركزية ادارية هي، كما اثبتت تجارب مختلف النظم التي اعتمدتها، أفضل وأمرن بما لا يقاس من نظام مركزي متكلس وجامد. فاللامركزية هي بالتعريف ترشيق وترشيد للأداء الحكومي ولمختلف خطط أو قطاعات التنمية والتطوير، عبر افساح المجال للمبادرة والمشاركة امام مختلف المناطق من خلال اداراتها المحلية التي، لا شك، ستكون معبرة اكثر وملامسة عن كثب لماهية الاحتياجات والمتطلبات الفعلية والملحّة الآنية منها والطويلة الأمد لكل منطقة، كما تكون حلقة وصل مع الحكومة، الامر الذي يزيد التفاعل والتواصل المثمرين بين الحكومة او العاصمة وباقي المناطق بخاصة الطرفية منها. فهذه التقسيمات الادارية هي في طبيعة الحال أكبر من كونها مجرد اجراءات وتعيينات صرفة، إذ تمهد لتطور ايجابي في طرائق الحكم والادارة برمتها عبر اعلاء قيم وممارسات المشاركة والمشاورة وتعدد الرؤى وتضافرها في اطار الصالح العام. لقد كانت كردستان العراق سباقة في اظهار نجاعة الخيار الفيديرالي في العراق وصوابيته عبر نموذجها، حتى ان المناطق الاخرى العربية الشيعية والسنية اخذت تتنافس في ما بينها في الدعوة لإنشاء اقاليم فيديرالية على غرار الاقليم الكردي الذي غدا مضرب المثل في الدفاع عن تلك الدعوات وتبريرها. وهذا ما بدأ يحلّ محل أسطوانة «الجيب العميل» و «وكر الانفصال والصهيونية» وغير ذلك من ترهات في وصف تلك التجربة. وعليه، فكما كنا سباقين على الصعيد العراقي العام في تكريس مبدأ وممارسة اللامركزية، فإننا بهذه الخطوة الواعدة التي خطاها برهم صالح سنكون سباقين في اعتماد هذا المبدأ حتى ضمن كل اقليم فيديرالي. * كاتب كردي