وسط دوي صفارات انذار مركبات الشرطة، توقفت الحركة في مختلف مناطق اقليم كردستان أمس فيما كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة ظهراً، وأصطفت طوابير الموظفين امام مؤسساتهم ، لإحياء ذكرى فاجعة بلدة حلبجة الكردية التي قصفت بالاسلحة الكيمياوية عام 1988. وتوقفت حركة المرور والسير في شوارع مدن واقضية وقصبات اقليم كردستان وخرج موظفو الدوائر الحكومية كل امام دائرته ووقفوا في صفوف طويلة ، وأطلقت مركبات الشرطة صفارات الانذار وأنزل العلمان العراقي والكردي لمدة خمس دقائق، هي الفترة التي استغرقها القصف الكيمياوي على مدينة حلبجة الكردية عام 1988 واودى بحياة خمسة آلاف. وعلى رغم مرور اكثر من عشرين عاماً على الفاجعة، إلا أن الاكراد مازالوا يحرصون على تذكرها، حتى أن بعض الاهالي البسطاء رفعوا اعلاماً سوداً على سياراتهم واسطح منازلهم، أو علقوا شارات سوداء على صدورهم دلالة على الحزن. حكومة اقليم كردستان كانت قررت اعتبار يوم 16 اذار (مارس) من كل عام يوم حداد رسمي في الاقليم يتم خلاله انزال العلمين العراقي والكردي. وجاء استذكار ضحايا القصف الكيماوي لحلبجة هذا العام في ظل ظروف مغايرة عما كانت عليه في الاعوام السابقة، خصوصاً بعد اكمال المحاكمات الخاصة في المدينة، وتنفيذ حكم الاعدام بحق المدان الاول بالجريمة وهو علي حسن المجيد الذي استمد لقبه (على الكيماوي) من هذه الفاجعة. وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا حكمت في كانون الثاني (يناير) الماضي على المجيد بالإعدام شنقاً لإدنته بارتكاب جرائم ضد الانسانية، فيما أصدرت المحكمة قراراً بداية شهر اذار (مارس) الجاري صنفت فيه حادثة حلبجة ضمن جرائم الابادة الجماعية. وعلى رغم ما يمثله المجيد من رمز قمعي لدى الاكراد، الا ان احتفاءهم بذكرى حلبجة هذا العام خلا من أي ذكر لاسمه او من اي مظاهر فرح بإعدامه. واصدر العديد من المسؤولين في الاقليم بيانات دعوا فيها الى ضرورة أن تصبح الفاجعة مناسبة لرفض استخدام الاسلحة الكيماوية واسلحة الابادة الجماعية المحرمة دولياً. وقال رئيس حكومة اقليم كردستان برهم أحمد صالح في كلمة خلال احتفال اقيم في بلدة حلبجة امس ان «هذه الذكرى استذكار للمجتمع الدولي بأن النظام البائد ارتكب جريمة ابادة الاكراد بالاسلحة المحرمة دولياً على مرأى ومسمع من العالم». وجدد الدعوة الى مقاضاة الشركات الأجنبية التي باعت الأسلحة المحرمة للنظام السابق ، مؤكداً أن «من واجب حكومة اقليم كردستان تقديم المزيد من الخدمات للمناطق المتضررة وتحسين الحياة المعيشية لعائلات الشهداء وضحايا القصف الكيماوي»، معلناً وضع الحجر الأساس لجامعة حلبجة. واستغل صالح المناسبة لدعوة الاطراف السياسية الكردية الى توحيد مواقفها قبل التوجه الى البرلمان، وقال «لتكن هذه مناسبة لتوحيد الصفوف».