نظم عدد من شبان ائتلاف الفنون الجميلة في الإسكندرية معرضاً فنياً جماعياً في قاعة الفن، عبّر فيه 42 فناناً وفنانة عن غضبهم مما تشهده الساحة المصرية من أحداث متلاحقة، قد تؤثر في مكانة مصر دولياً. وقدّم الفنانون 58 عملاً فنياً في تجربة حرّة جديدة استرقوا فيها لحظات إبداعية تعبيرية، من حضور اللون وغيابه، وتسجيل لحظات من الزمن الحي النابض، أظهر شعور الرفض والغضب الذي اكتنف كلاً منهم. وعكست الأعمال المعروضة رؤى صريحة وأخرى مستترة وحوارات سياسية عميقة ونقاشات متصارعة عاصفة، وقراءات لمستقبل قلق. اللافت في الأعمال نبضها وتدفقها وقوة عناصرها التعبيرية، ما أعطى شعوراً بأن كل فنان أنهى لوحته في لحظة العرض ذاتها، إذ تعانقت الألوان بدفئها وبردها، وعلى اختلاف المدارس الفنية. وتوحدت أحاسيس المشاركين واختلفت عناصرهم التشكيلية، فقدموا لوحات بألوان الغواش والزيت، وأخرى بألوان مائية، وصوراً فوتوغرافية عولجت إلكترونياً، كما قدم آخرون لوحات كولاج وديكوباج وأعمالاً مركبة وحرقاً على الجلد والخشب. كما قام كل فنان بتذييل لوحته ببعض العبارات التوضيحية لبعض المعاني الاصطلاحية السياسية مثل الديموقراطية والرأسمالية والديبلوماسية والقانون الدولي وغيرها، لرفع الوعي السياسي لدى جمهور الحاضرين. وأشار الفنانون إلى أن ما تشهده مصر من أحداث، لن يقتصر على المعرض، وإنما سيمتد إلى أمسيات فنية وثقافية للتوعية، عبر دعوة شباب الثورة في كل المحافظات المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال قنوات فنية وثقافية، إلى رفض التصرفات غير المسؤولة التي ترمي إلى تشويه الثورة المصرية. ويقول الفنان وائل راضي: «نظمنا المعرض تعبيراً عن غضبنا مما يحدث، فنحن من قام بالثورة ولن نسمح لأحد بتشويهها، كما دعونا كل الفنانين المصريين للمشاركة، وينضم إلينا يومياً عدد جديد. والمفارقة أننا نظمنا المعرض في يومين فقط، وكنا عشرة أصدقاء ومن ثم أخذ العدد في الازدياد». ويضيف: «تلي المعرض أمسيات فنية سنغني فيها ونرقص ونرسل الشعر، ونقرأ مع الآخرين لنبعث الحياة في أخلاقيات ميدان التحرير التي بهرت العالم، ولننشر ثقافة التظاهر السلمي ورفض العنف». وتوضح لبنى طه أن منظمي المعرض طلبوا من المشاركين التعبير عن آرائهم بأي وسيلة فنية، حتى ولو كان خطاً أسود في لوحة بيضاء، وضرورة أن تكون اللوحة وليدة اللحظة ولم تعرض سابقاً. وقدمت طه لوحة عبرت فيها عن غضبها، في أفق تجريدي ضارب في الحداثة مجسدة الخطوط والظلال والألوان الداكنة في حركات هندسية مدروسة، أعطت إيحاء بدوران الأرض التي تتوسطها خريطة لمصر بحجم كبير، واستوحت العديد من العلاقات الجمالية لتلاقي وتعارض عناصر نباتية وحيوانية في تجريدات تداخلت بين الحقيقة والأساطير. وفي سياق متصل، يرى الفنان عصام المشارك بلوحتين إحداهما كرة مجسمة ثلاثية الأبعاد، وأخرى عن تجريد لشاب يقرأ صحفاً عربية وأجنبية تتحدث عن الثورة، أن كل ما يحتاجه المصريون، زيادة وعيهم وثقافتهم بالأمور السياسية على الصعيد الدولي. ومن قاعة الفن، ينتقل المعرض إلى قاعات أخرى في أنحاء الإسكندرية، ومن ثم ينتقل إلى مختلف المحافظات المصرية، على أن يختتم جولته في القاهرة.