اجتمع 20 فناناً وفنانة من الإسكندرية، وأقاموا معرضاً تأبينياً لشهداء «ثورة 25 يناير» المصرية التي أطاحت الرئيس حسني مبارك. ألوان دافئة وباردة وأحاسيس نبيلة متفجرة، غاضبة أو حزينة أو مندهشة، مدارس فنية مختلفة، تكنيكات متباينة، فطرية أحياناً أو أكاديمية مستغلقة، أدوات فنية تشكيلية أو إلكترونية... اجتمعت كلها في لوحات كان الشارع متحفها. على جدران المنازل والأبنية، وعلى أرض الشارع والأرصفة وأعمدة الإضاءة... اصطفت لوحات الفنانين لتجسد حالات نفسية وإنسانية، بصمات الإنسان البنّاءة والهدّامة. كل الألوان وكل الأشكال وكل التناقضات. زحمة هائلة من الأفكار والتساؤلات وحكايات ثورة حيّة بنبض الشباب ودماء الشهداء. تضمن المعرض الكثير من اللوحات التي عبرت عن الثورة، إما بكتابات أو بخطوط غليظة تحتضنها ألوان كثيفة من سكينة معجون اختلف حجمها وضرباتها من مكان لآخر. وأظهرت لوحات أخرى العلم المصري محتضناً صور بعض الشهداء وكلمات تأبينية حزينة. آخرون اكتفوا بطباعة صور الشهداء إلكترونياً ولصقها على الجدران أو تجميعها على لوحات كرتونية. آخرون اكتفوا بكتابة شعارات الثورة و «اللوغوات» المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل «فايسبوك» و «تويتر»... وغيرها. بعض الفنانين اشتركوا في طباعة صور أكثر من خمسين شهيداً على العلم المصري بألوانه الثلاثة الأحمر والأبيض والأسود، وامتدت اللوحة ليصل طولها إلى أكثر من 6 أمتار. يقول مصطفى أحمد: «اللوحة طبعت يدوياً واستغرقنا العمل يومين فقط بمشاركة 10 فنانين». ويستطرد: «لم يكن الهاجس دقة الملامح أو إحكام التصميم، وإنما أن ننجز في وقت قياسي لكي نشارك في التظاهرات، ولكن بطريقتنا الخاصة». وتقول قسمت عادل: «أقمنا المعرض تعبيراً عن غضبنا مما يحدث ولمواساة أسر شهداء ثورة الغضب»، وعن دورها في المعرض تقول: «جمعت صور شهداء وبعض متعلقاتهم، وقدمت لوحة «باتش ورك» Patch Work ضمت بعض أقمشة من ملابس الشهداء حصلت عليها من أسرهم وطبعت بعض صور هؤلاء الشباب على القماش وجمعت هذه العناصر في شكل فني». وعن سبب اختيار الشارع مكاناً للعرض تقول إسراء إبراهيم غازي: «هكذا نكون أكثر تفاعلاً مع الناس، ولنذكّر الشعب المصري بالتضحيات التي قدمها هؤلاء الأبطال من أجل الحرية. واخترنا شارعاً يمر به المتظاهرون في منطقة محطة مصر حتى يكون مفتوحاً للجميع، وبدأت فكرتنا عقب التظاهرة المليونية الأسبوع الماضي (التي سبقت سقوط نظام مبارك)، وكنا خمسة فنانين وزاد عددنا حتى أصبحنا عشرين فنانا وفنانة، والدعوة مفتوحة للجميع للمشاركة معنا، إذ ما زال هناك الكثير من الأماكن تتسع لإبداعات الكثيرين، ورسمنا لوحات بكل الخامات والتكنيكات المعروفة وغير المعروفة نحكي من خلالها قصة من ضحوا بأرواحهم فداء للحرية». محمد زين الدين فرج قسّم الشارع إلى وحدات حتى يتمكن أكبر عدد من الفنانين من عرض أعمالهم. يقول: «الطريق ما زالت طويلة وأمامنا الكثير لم نفعله بعد... وأحلامنا كبيرة. ونحن الفنانين الشباب نجتمع في طقس فرعوني مهيب وكأننا نبني معبداً ضخماً نجمع فيه أثمن ما يمكنك تخيله. دماء الشهداء ونحن من خلال معرضنا قررنا أن نثبت أن الفن وسيله مهمة وفاعلة للتعبير السلمي عن الرأي، وليكن معرضنا دليلاً على أهمية تقبل الاختلاف في الرأي والتنوع المعرفي والثقافي. فالفن لكل الناس من مختلف الفئات يقوم بإثارة المزيد من علامات الاستفهام والمزيد من الإجابات المرتبطة بأنفسنا ومن حولنا. ونحن ندعو من خلال المعرض إلى حملة لتجميل وإعادة تنظيم الميادين التي شهدت الثورة بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين والحرفيين».