اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن «النقاب ليس رمزاً دينياً، لكنه رمز لإذلال المرأة». وقال: «إن البرقع غير مرحّب به في أراضي الجمهورية الفرنسية، و لا يمكن أن نقبل في بلادنا نساء سجينات خلف سياج ومعزولات عن أي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة، هذه ليست رؤية الجمهورية الفرنسية لكرامة المرأة». النقاب الإسلامي هو الشغل الشاغل لفرنسا هذه الايام. والتوجه العام يلوّح بتوجه فرنسي الى مصادرة حقوق النساء المسلمات في اردتاء النقاب. وهذا القرار، ان تم، سيدخل فرنسا في ازمة مع الشعوب الاسلامية، تذكرنا بتلك التي حدثت بعد الغاء الحجاب في المدارس. بعض المسؤولين الفرنسيين حاول استباق الأزمة التي بدأت ملامحها، بالحديث عن احترام الأديان، وتأكيد ان القرار ليس استهدافاً للدين، والتحذير من الخلط الذي قد يحصل حيال الإسلام. القضية لا تحتمل سوى الخلط. والنقاب الذي تزدريه فرنسا، وتصفه بالتخلف، هو في النهاية زي اسلامي، وترتديه النساء المسلمات تنفيذاً لتعاليم دينهن، او تقاليدهن الاسلامية. فضلاً عن ان النساء المسلمات لم يطالبن الحكومة الفرنسية بحمايتهن من تقليد النقاب. لكن رغم هذا سنفترض ان رأي الفرنسيين صحيح، وان النقاب ليس رمزا دينياً. ماذا عن الحرية الشخصية؟ ماذا عن احترام تقاليد البشر وخصوصياتهم؟ ثم ماذا سيكون رد فعل الفرنسيين والأوروبيين لو ان دولة اسلامية قامت بمنع النساء الغربيات من كشف رؤوسهن وجهوهن، واعتبرت ان هذا ضد عفة المرأة، وعددت من الأسباب ما يخول ممارستها تعدياً معاكساً للتعدي الفرنسي على نساء المسلمين؟ ليس هناك اتفاق بين علماء المسلمين على هيئة الحجاب والنقاب. ولا احد يشك ان مسألة النقاب والحجاب تتداخل فيها العادات بالدين. وتنوع زي المرأة المسلمة من بلد الى آخر يعود الى هذا السبب، فضلاً عن ان في العالم الاسلامي تيارات تتبنى الرؤية الفرنسية، وتطالب بالغاء الحجاب والنقاب. لكن هذه الاسباب لا تخول الفرنسيين ولا غيرهم مصادرة حرية النساء المسلمات في ارتداء زيهن. وما تقوم به فرنسا اليوم تعسف وقمع باسم الحرية والدفاع عن حقوق المرأة وكرامتها، ناهيك عن ان الفرنسيين يحاولون التضييق على المسلمين و «تطفيشهم» من العيش في فرنسا، ولكن بطرق ملتوية وقبيحة.