لطالما حلمت بذلك اليوم الذي أجد فيه نفسي وحيدة.. بعيداً عن جميع الأصوات الضاجة والحركات المزعجة.. واستعصى علي الأمر استعصاء شديداً حتى أصبت بما يشبه الانزواء الذي بدأت تتشكل أطواره ويتضح منها أنني في طريقي إلى مجاهل الانطواء. غير أنني داخل معركة الصوت الصعب على التحمل، الصوت الذي لا يطيق الإنسان سماعه، ظللت في داخلي أحنّ وأبحث عن صوت آخر، واكتشفت على حين غرّة أنني لا أتعشق الصمت، لا أبحث عن السكون وإنما أبحث عن صوت له صفة السكون. أي صوت هذا يمكن أن يضفي على النفس صفاء ويؤدي إلى حالة من السكون النفسي؟ فكرت في أصوات الأمواج، أصوات تدفق الماء من الشلالات، أصوات حفيفة الشجر، وتغريد العصافير، لكن كل ذلك لم يكن كفيلاً بأن يبدو لي كمنقذ من هم الانزعاج الذي أعيشه والذي أصبح يحولني إلى مستمعة جيدة لكل شيء، وكل شيء على رغم هذا الاستماع يتحول في لحظة وفي رمشة عين إلى شيء ينتابني بهستيريا الانزعاج. إنني كائن لا يتعشق الصمت والسكون بمعناهما الحرفي، لكن كل ما أبحث عنه هو مجرد شيء شبيه بحلم طويل يستمع فيه العقل ولا تدق فيه طبلة الأذن. أخيراً أدركت أنني أحن إلى رحم أمي. [email protected]