دأبت محطة «تيلي لوميير» التلفزيونية اللبنانية على معاودة بث برنامج بعنوان «بشارة الراعي» الذي كان يقدمه سابقاً البطريرك الماروني الحالي بشارة الراعي ايام كان مطراناً. وما زالت هذه المحطة الكاثوليكية تصر على تقديمه بعد انتخاب الراعي بطريركاً على رغم ارتقائه السدة العالية، ساعية الى تعميم موعظاته الرعوية الصرفة التي تعني أكثر ما تعني ابناء الرعايا الذين يألفون هذا الكلام. وفي بعض الحلقات لم يكن المطران يتورع عن الكلام في السياسة ومرة ابدى رأيه في الحرب اللبنانية وكان «طوباوياً» جداً ما دل على عدم تعمّقه في معاني هذه الحرب وأبعادها وتناقضاتها. الآن تبدو المحطة وكأنها مشغولة ب «صورة» البطريرك دينياً وسياسياً لا سيما بعد الحملة التي يواجهها عقب التصريحات التي أدلى بها خلال زيارته الاخيرة لباريس. غير أن الانقسام الذي أحدثته هذه التصريحات في وسط الطائفة المارونية واللبنانيين عموماً جعل البطريرك يخرج عن موقعه التوافقي الذي طالما عرفت به بكركي على رغم ثوابتها التاريخية التي بلغت ذروة تجليها الحديث في عهد البطريرك السابق نصرالله صفير الذي كان حكيماً في علاقته بسائر الطوائف والاحزاب والجماعات اللبنانية المختلفة. وقد جعل من بكركي منبراً للقاء والحوار انطلاقاً من الثوابت التي لم يفرط بها يوماً. لم تنقل المحطة هذه آراء الكثر من «المواطنين» الموارنة الذين فاجأتهم مواقف «راعيهم» المستغربة والمستهجنة ولا ردود الفعل السلبية التي أثبتت ان الملتزمين مارونياً لم يبقوا مجرد رعايا يحدد البطرك معالم حياتهم السياسية وأفكارهم ومواقفهم. وهذا ما فات البطريرك نفسه على رغم اطلالاته الدائمة وجولاته على المناطق والرعايا. وليت البطرك وادارته ينصتان جيداً الى ما يقال هنا وهناك في الاوساط المارونية من كلام معترض على سياسته الارتجالية التي ضربت ثوابتهم عرض الحائط، غير مبالية بالإرث الماروني الذي بات مهدداً بعدما تشتت الموارنة سياسياً ووجودياً. وبعيداً من كل الإشاعات التي اطلقت أخيراً والتي طاولت الحالة المارونية قبل رموزها يستطيع البطرك ان يعود عن تصريحاته التي وضعت المسيحيين السوريين واللبنانيين امام خطر ما حتى وان كان هذا الخطر متوهماً او مقصوداً توهمه. أما قضية «حزب الله» فهي لا تحتاج الى نقاش ولعل البطريرك نفسه يعلم بذلك خير علم.