الاعتذار أدب اجتماعي في التعامل في الدين الاسلامى وبقية الأديان السماوية كافة، هو يمحو منا ذلك الشعور البغيض بالكبرياء، وينفي من قلوب الآخرين الحقد والبغضاء، بل ويزيل إساءة الظن بنا حين تصدر منا الأخطاء، ومع أن الاعتذار بهذا المعنى هو أمر حسن، لكن الأحسن منه أن نحذر من الوقوع في ما يجعلنا مضطرين للاعتذار من الأساس، لكننا بشر والخطأ وارد في أعمالنا. على مر عقود طويلة كانت الأنظمة العربية المستبدة في بلداننا تمارس أنواعاً شتى من الظلم والفساد، كم من أخطاء كثيرة ارتكبتها تلك الأنظمة في حق شعوبها! وكم من لحظات غالية من أعمار الأوطان العربية ضاعت بعد أن سرقها جهل الحكام وفسادهم! أجيال نشأت في ظل خمول وجهل وظلام تحياه أوطانهم، بعضهم رضي بهذه الحال كونه مجبراً والبعض اعترض عليها، لكن القمع والقبضة الأمنية الغاشمة كانتا رد تلك الأنظمة دائماً، فقد عمل حكام الجمهوريات العربية على تسخير كل طاقات الأجهزة الأمنية في دولهم لخدمة عروشهم وأنظمتهم، لقد سرقوا أحلام أجيال بأكملها من دون أدنى حساب، لكن بعدما قامت الثورات العربية في ظل ربيع عربي يعيد للشعوب كرامتها وللأوطان عزّها، فقد استطعنا أن نتأكد من أن الروح الثورية التي كانت تملأنا في عهود الاستعمار السابق ما زالت باقية فينا وفي أجيالنا مهما حاولت الأنظمة المستبدة أن تمحو تلك الروح العفوية من داخلنا وتزرع بدلاً منها روح اليأس والانكسار والقبول بالأمر الواقع من دون الرغبة في تغييره أو حتى مجرد التفكير في تغييره! الآن بات من الممكن ان نقول بكل تأكيد إن الثورات العربية استطاعت أن تثبت أن الرؤساء المخلوعين لم يكونوا يوماً يعملون لمصلحة شعوبهم وأوطانهم، وأن هروبهم من شعوبهم هو خير دليل على مدى ظلمهم وفسادهم في حق تلك الشعوب الثائرة عليهم، وقريباً جداً سنسمع عن شعوب أخرى استطاعت أن تسقط رؤساءها الفاسدين، لكن يبقى دائماً سؤال: هل يمكن ان يعتذر أي ديكتاتور منهم عن الجرائم التي ارتكبها في حق شعبه؟ أم ان هؤلاء الرؤساء فقدوا فضيلة «الاعتذار» مع ما فقدوه من فضائل أخرى مثل: الصدق والأمانة وغيرها الكثير! لكن حتى وإن استيقظت ضمائرهم متأخرة واعتذروا لشعوبهم، فهل سنقبل اعتذارهم؟