أشعل بوعزيزي رحمه الله في نفسه النار، فامتدت ناره هذه إلى كثير من الدول العربية. لقد أشعلها ودخل التاريخ من أوسع أبوابه. كان إشعاله لها بعد أن غدت تلك الشعوب كالهشيم. سرت فيها هذه النار دون ما توقف. شعوب أضناها التسلط والظلم والفساد والرأي الأوحد.استبدت بهذه الشعوب سلطات قمعية. تحكم بقوات الأمن والاستخبارات. إن من المضحك المبكي أن تتوارد هذه الأنظمة القمعية المنحلة، نفس الإجراءات والأفعال القمعية البغيضة في كبت الشعوب. فمن ادعاء دخول عصابات إجرامية، إلى التخويف بخلايا إسلامية، ومهلوسين في حين آخر، إلى ادعاء العمالة لجهات خارجية. كلها أوهام وأعذار تحاول بها تلك الأنظمة القمعية، تبرير إرهاب وقتل شعوبها، وإيقاف تيار صحوة الشعوب. الغريب الملفت أن من قاموا بهذه الثورات هم الشباب. هذا الجيل الذي هو في الأساس من أسكت جيل آبائهم عن الصحوة خوفا عليهم. ولكن هي مرحلة اليأس التي انطقت هذا الجيل ودفعته إلى تغيير ثوبه. تفكروا معي كيف استجابت تلك الأنظمة لمطالب شعوبها. رغم تكرار نفس الأحداث أمامها فيمن سبقها من المخلوعين، إلا أن العنجهية هي الرد. تتفنن جميع تلك الأنظمة في خلق الأعذار لقمع الشعب ومعاقبته على المطالبة بحقه. تنظر تلك الأنظمة إلى أن الشعوب ملكها كمثل بقية المملوكات. حتى أنه لم يخطر ببالها أن تقدم شيئا لشعوبها من الأساس. نسيت تلك القيادات المستبدة أنها بلا هذه الشعوب لم تكن قيادات. ولكنه الظلم والاستبداد. فلقد استحوذت تلك القيادات على السلطة في بادئ أمرها بالظلم وتصفية الرفقاء. ثم أمعنت في سلب شعوبها حتى استمرأت ذلك. فتكونت لديها قناعة أنها تملك الوطن والشعب والخيرات، وأمضت زمنا على ذلك. فكان عصيا عليها أن تعود إلى سابق عهدها وتعرف أن لشعوبها حقوقا. تناست تلك القيادات أبا بكر الصديق الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه عندما اختاره شورى المسلمين للخلافة ماذا قال «قال إن رأيتمونى على حق أعينوني وإن رأيتمونى على باطل فقومونى». ولنا في مليكنا عبرة. فقد تألم كثيرا لأنه لم يستطع القيام ومصافحة نفر من الشعب أثناء السلام عليه.لأنه يقيم للشعب وزنا ولأن قوته حفظه الله، يستمدها من الشعب. ولنذكر قوله حفظه الله “لا تنسوني من دعائكم” بعد أن أمر بقرارات تاريخية لمصلحة الشعب. ولكلماته الآنفة مدلولات كبيرة عن نظرته وارتباطه بالشعب. محمد الشريف -جدة