تستلهم مسرحية «زهير بن أبي سلمى»، التي ستعرض ضمن فعاليات «سوق عكاظ»، التي ستنطلق دورتها الجديدة الثلثاء المقبل، إنسانية الشاعر الجاهلي وحكمته وحبه للسلام، بأسلوب درامي غير مباشر يعتمد على علامات مسرحية تشير للحوادث الراهنة ولا تسميها، وبعيداً عن السرد التاريخي للشخصية، إذ تبدأ المسرحية من الزمن الذي توقفت فيه حرب «داحس والغبراء»، انطلاقاً من جثث قتلى المعركة من «عبس وذبيان». ويرجع اختيار شخصية الشاعر زهير بن أبي سلمى، موضوعاً لمسرحية هذا العام إلى موقعه في تسلسل شعراء المعلقات في أمهات الكتب العربية ودواوين المعلقات، إذ يحل ترتيبه ثالثاً بعد الشاعرين امرئ القيس وطرفة بن العبد، ما يؤكد أن القائمين على «سوق عكاظ» حريصون على تغطية شعراء المعلقات ورموز الشعر العربي. المسرحية التي تواصل بروفاتها النهائية بين الرياض والطائف اتكأت على موروث زهير بن أبي سلمى من روايات وقصص وبحوث، واستثمرتها لإبراز ما يمثله الشاعر من حكمة وبصيرة إزاء ما أحاط به من أحداث معقدة اندلعت بسببها نزاعات وحروب، مستكشفة العوالم الدرامية لهذه الشخصية، ما يعني أنها لن تكون سرداً تاريخياً لحياة الشاعر زهير بن أبي سلمى، بل ستتخطى إلى استحضار الحياة السياسية والاجتماعية في ذلك الحين وإسقاطها على عصرنا الحالي، مع الاحتفاظ بوثيقة الشاعر في كتب التاريخ. ويقول منتج المسرحية عمرو جابر القحطاني: «نقدم زهير بن أبي سلمى كشاعر أسهم في خلق السلام في عصره، وهو الأمر الذي نحتاجه في زماننا هذا، وركزنا في استحضارنا للماضي على عنصر السلام وقوة الصف الواحد كمطلب رئيس». وقال مؤلف المسرحية الدكتور شادي عاشور إنه كتب الشاعر زهير «من خلال اصطياد لحظات محددة في تاريخه الشخصي، فما التقطت من حياته ما كان جديراً بأن يكون مسرحية قابلة للعرض، فلم أكتب زهير ذاته، وإنما كتبت روح زهير»، مضيفاً: «كتب النص كمقاربات تتقاطع مع أحداث عصرنا الحالي، ولم تنقل زهير في أذهاننا، إذ ابتدعنا شخصية ثانية للشاعر، من خلال منهجية تختلف عن منهجية الباحث العلمي، أملاً بأن تكون المسرحية في مستوى تطلعات سوق عكاظ». من جانبه، يبين مخرج المسرحية رجاء العتيبي أن تقديم شخصية زهير يجيء من خلال «فلسفة واعية قرأت تاريخه جيداً، وستظهره كنص بصري مواز يدعم فكرة النص ويعزز أفكاره»، مشيراً إلى أن مهمته الأساسية كمخرج للعمل هي «إظهار عمل ملحمي كبير كمسرحية زهير، تتركز في تصميم عرض بصري قائم على شروط السينوقرافيا من خلال تأثيث الفضاء المسرحي بفرجة بصرية مستمرة لا تنقطع، ومليئة بالدهشة والتكوينات والعلامات، ونتطلع لأن يكون العمل قيمة مضافة للمسرح السعودي». والمسرحية من بطولة عبدالله عسيري ويعقوب الفرحان، وتمثيل شجاع نشاط، عبدالله فهاد، فيصل الحلو، محمد الشدوخي، خالد الصقر، وتنفيذ السينوقرافيا سعود العبداللطيف، وتصميم الديكور محمد عسيري، وإشراف عام عمرو جابر القحطاني، وستقدم في خمسة عروض مسائية تبدأ عند الساعة 9.30 دقيقة مساءً ويستمر كل عرض منها لنحو 30 دقيقة، وسيكون العرض متاحاً لجميع أفراد الأسرة، انطلاقاً من رسالة المهرجان الموجهة إلى جميع أفراد المجتمع.