العنوان الأصلي «الوسط» حاورت الرئيس السوداني حول هموم الداخل والخارج . عمر البشير: أميركا حولت بن لادن بعبعاً وهددتنا بالرد على أي أذى يلحقه بها المحاور: غسان شربل تاريخ النشر 28 سبتمبر 1998 مقتطفات الأفغان العرب دخلوا السودان وغادروه قال الرئيس السوداني الفريق عمر حسن البشير أن أميركا جعلت من أسامة بن لادن «بعبعاً ترى صورته في كل مكان»، وأشار إلى أن بلاده تلقت أخيراً تهديداً من أميركا بأنها «سترد على أي أذى يصيب مصالحها وبزعم أنه سيكون من مجموعة بن لادن وشبكاته التي تتركز في السودان». وأكد البشير: «أن السودان لا يستقبل إرهابيين وليس في أرضه مثل هذا النوع من الأجانب» معتبراً أن أميركا ليست طرفاً في الملف المتعلق بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا لتطالب بتسليم المتهمين. ووصف العلاقات السودانية المصرية بأنها «عميقة وشائكة» مشيراً إلى أنها تتحسن حالياً ومسجلاً تحفظات عن طريقة استقبال القاهرة للمعارضة السودانية. وأوضح البشير أن مصنع الشفاء للأدوية قصف بالصواريخ وليس بالطائرات كما قال السودان في أعقاب الحادث. وحمل الرئيس السوداني على فريق من المعارضة السودانية في الخارج واتهمه بالمتاجرة حتى بالقضايا القومية ونفى وجود اتجاه شمالي لتأييد انفصال الجنوب معتبراً مشاعر اليأس عابرة... وهنا مقتطفات من نص الحوار: --- هل تعتقدون بأن ثمة فرصة لحوار أميركي - سوداني، وما هو الثمن المطلوب من الخرطوم لمثل هذا الحوار؟ - منذ أول يوم لثورة الإنقاذ الوطني في 30 حزيران (يونيو) 1989م دعونا الى علاقات طيبة مع كل العالم خصوصاً قواه العظمى مثل اميركا، مؤسسة على الحوار والمصالح المشتركة، ولقد بذل السودانيون بالفعل جهداً متواصلاً لفتح منافذ للحوار مع اميركا واجتهدوا في شرح المواقف كافة وإزالة كل التباس حول مواقف الحكومة السودانية. وقد تعاقب على اميركا سفراء من خيرة من يقدم الحوار ويشرح الحقائق، لكن اميركا أو بالأحرى الإدارة الاميركية، تريد عالماً موحداً تحت رغباتها، ونحن بشر أحرار مؤمنون بالله وبحق البشرية في التنوع والتعدد، لذلك ظلت أميركا تسيء تفسير المواقف السودانية وتتربص بالسودان. وقد قدم السودان مواقف كثيرة عبر فيها عن حسن النوايا، فليس عليه شيء يقدمه بل على اميركا ان تعيد النظر في مواقفها حياله بما تمليه عليها مصلحة الشعب الاميركي وليس مصالح قوى الضغط في الادارة الاميركية، وقد طلبنا منها اعتذاراً علنياً عما اقترفت في مصنع الشفاء للأدوية وعما اعتدت على بلادنا وحرماتنا ثم تعويضاً كاملاً لما ألحقت بنا من خسائر. تطالبكم الولاياتالمتحدة بتسليم المتهمين بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك وبالامتناع عن استقبال مجموعات تتهمها بممارسة الارهاب، فما هو ردكم؟ - سبق أن أوضحنا لكل الدول المعنية بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الأخ الرئيس حسني مبارك ان ظروف وملابسات الحادث تجعل من المستحيل على الحكومة السودانية العثور على المتهمين وتسليمهم للدول المعنية لمحاكمتهم، وقد وجدت كثير من الدول رد الحكومة السودانية واضحاً ومقنعاً، إلا تلك التي تريد ان تجعل هذا الملف في خدمة أجندة أخرى، وقد أودع هذا الملف بجملته في الاممالمتحدة بعدما كان بين السودان ومصر واثيوبيا، وأميركا أصلاً ليست طرفاً حتى تطلب تسليم المتهمين. كما سبق ان دعونا أي بلد يشك في وجود مجموعة ارهابية تهدد مصالحه في السودان ان يأتي ويختبر ذلك بنفسه. فالسودان يستقبل أعداداً من العرب أغلبهم للاستثمار وقلة منهم في الجامعات والمعاهد العليا السودانية، ويستقبل كذلك مجموعات من الاجانب العاملين في مجالات استثمارية، والسودان بلد بطبيعته مفتوح لا يتكتم على أسرار ولا يستطيع ذلك، بل إن قلة قليلة جاءت للسودان بعد نهاية الحرب السوفياتية - الافغانية وخرجت منه بعد مدة قليلة لأننا استشعرنا ان وجودها قد يسبب ضيقاً لبعض اخوتنا العرب. فالسودان لا يستقبل ارهابيين وليس في أرضه مثل هذا النوع من الاجانب. هل لا يزال السودان متمسكاً بقوله ان مصنع الشفاء قصف بالطائرات؟ ومن أي أجواء جاءت؟ - المهم عندنا ان عدواناً اميركياً صارخاً وقع على بلادنا وجاء الاعتراف بعد لحظات على لسان رئيس الولاياتالمتحدة، وإزاء ذلك لا يهم نوع السلاح الذي استخدم لضربنا إلا لدى الفئة الفنية المختصة، وقد فهمنا منذ البداية كعسكريين انه يصعب على طائرة ان تخترق الأرض السودانية الشاسعة من الحدود من دون التزود بالوقود من مكان مناسب من حيث المسافة للعاصمة السودانية، وأصبح الراجح لدينا بعد ذلك ان الذي استعمل لضرب السودان نمط متطور جداً من الصواريخ التي تماثل في حجمها وتصميمها فكرة الطائرة بغير طيار، ولدى الجهات الفنية المعلومات حول ذلك. أما مسألة الجهة التي جاءت منها القاصفات فقد شاهدها مواطنون سودانيون في قرى تقع في شمال السودان، وقد أشرنا الى ذلك في بعض التصريحات أول وهلة العدوان، وحاولت بعض التحليلات السياسية والصحافية ان تفسر ذلك باتهامات لدول صديقة من حولنا، وفي الواقع لا تحتاج اميركا في هجماتها الى أذونات من هذه الدول أو تلك، ولو كانت تفعل لاحترمت الشرعية الدولية ولبررت عدوانها بقرار دولي. شبكات بن لادن تتحدث واشنطن عن وجود شبكة ل «بن لادن» في السودان على الأقل اقتصادياً؟ - جاء بن لادن الى السودان في أعقاب الحرب الافغانية من مدخل الاستثمار في مجال الطرق والمطارات والزراعة، وهي مجالات ظل يعمل فيها وتعمل فيها شركات تابعة لأسرته منذ أمد طويل، وليس له أتباع أو شبكات تنبث بهذا المعنى في السودان سوى مجموعة قليلة من مساعديه ظلت حوله دائماً، وظلوا جميعاً بعيدين عن الاعلام واجهزته على أي مستوى، بل ولم يشاركوا حتى في مناسبات ونشاط المجتمع العادي. لكن اميركا جعلت منه بعبعاً ترى صورته في كل مكان وحتى بعد ان خرج من السودان، لأنه شعر ان وجوده قد يتسبب في احراج للعلاقات مع المملكة العربية السعودية. ظلت اميركا تلاحق استثماراته وتتحرى حولها بما في ذلك التهديد الأخير الذي أبلغ به السودان من أن اميركا سترد على أي أذى يصيب مصالحها، بزعم انه سيكون من مجموعة بن لادن وشبكاته التي تتركز في السودان وهي تعلم جيداً انه يعيش في شبه عزلة في بلد بعيد، لكن هواجسها تغلب معلوماتها.