التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي في اليوم الثاني لزيارته باريسَ وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في كي دورسيه، وألقى كلمة عرض فيها وجهة نظره «من المخاطر التي يمر بها لبنان والشرق الأوسط». وقال: «منذ بضعة أشهر بدأت الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط تشهد تحولات جعلتنا نتائجها نشعر بالحيرة والقلق. نعرف أن قوى عميقة داخلية ومشروعة، تحرك هذه المجتمعات الساعية إلى التغيير من دون أن نهمل أيضاً التدخلات الغربية. لحل العقدة، وتوضيح الاختيار بين ما تقبله وما نرفضه نطرح بعض العناصر». وأضاف قائلاً: «بالنسبة إلينا نحن اللبنانيين وبالنسبة إلى مسيحيي الشرق، كل ميل إلى تقسيم الشرق الأوسط إلى دول مذهبية ميل مستنكر، لأن التعددية التي تندمج فيها الأقليات بتناغم هي جديرة أكثر من سواها بأن تضمن، في الكرامة والحرية، حضورنا وازدهارنا في الشرق الأوسط». ولفت إلى «أن المجتمعات التعددية هي أيضاً شرط من شروط الأمن والاستقرار في المنطقة. لذلك، نقترح في مواجهة الانحرافات الطائفية لأي مذهبية، نموذج الدولة المدنية التي تفصل بين الدين والدولة وترتكز على الحقوق الأساسية للشخص وتعترف بحريات المعتقد العامة، وتوفر حياة كريمة وآمنة لجميع الأقليات». وخاطب الفرنسيين «الأصدقاء» قائلاً: «سنكون في حاجة إلى خبرتكم وتفهمكم ومساعدتكم لقيام هذه الدولة المدنية في بلدان الشرق الأوسط، وفي كل دولة معنية من أجل قيام دولة القانون التي تحترم الحريات الأساسية وحقوق الإنسان». وتوقف عند «مخاطر توطين اللاجئين الفلسطينيين بحكم الأمر الواقع»، قائلاً: «نحن مع قيام دولة فلسطينية، ونصرّ على حقهم بالعودة الى أرضهم الأساسية. وفي انتظار تسوية نهائية وعادلة للمسألة الفلسطينية، لا يمكن الفلسطينيين إلا أن يحتفظوا بوضعهم كلاجئين ويبقوا تحت إشراف منظمة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ونطلب من فرنسا العمل على ضمان خصوصية لبنان، الذي لا يمكنه بأي حال أن يسمح بتجنيس هؤلاء الفلسطينيين، وهذا ما تبنته بالإجماع مبادرة السلام العربية».ورأى «أن هذا العمل المنتظر أن تقوم به فرنسا ينعكس على الفرنكوفونية، وهي رهان مهم لبلدينا». وحيا «الكتيبة الفرنسية في قوات «يونيفيل» الذي يترجم عناصرها هذا التعاون بتضحيات كبيرة. ونشكر كل التضحيات المبذولة في إطار القرار 1701، وفي خضم الجغرافيا السياسية المعقدة والمتغيرة في الشرق الأوسط، نتعلق بدعائم صداقتنا وتفاهمنا وتعاوننا المتعدد الشكل». والتقى الراعي وفداً من أحزاب قوى 14 آذار في باريس، وبعد الظهر، التقى الراعي وزير الداخلية كلود غيان، ولبى مساء دعوة سفيرة لبنان لدى «يونيسكو» سيلفي فضل الله إلى مأدبة عشاء أقامتها على شرفه. وكان الراعي اكد اول من امس، ان «ليس بمقدور فئة لبنانية ان تلزم لبنان بمستقبل ما»، لافتاً الى «ان الانقسامات الداخلية تجعل كل محاولة للتحدث باسم لبنان غير شرعية»، وداعياً الى «تعزيز فرص الحوار بروح المصالحة الوطنية الحقة»، والى «ان يتوافق اللبنانيون على تفاهم جديد، انطلاقاً من الميثاق الوطني». وكان الراعي يتحدث خلال مأدبة عشاء اقامها رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه على شرفه. كما أقام السفير اللبناني لدى فرنسا بطرس عساكر حفلة استقبال على شرف الراعي.