اعلن رئيس المفاوضين باسم المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مساء امس اخفاق المفاوضات لضمان استسلام المقاتلين الموالين لمعمر القذافي في مدينة بني وليد، جنوب شرقي ليبيا، معلنا انتهاءها. وقال عبدالله كنشيل للصحافيين عن احتمال شن هجوم على المدينة اثر فشل المفاوضات المستمرة منذ ايام عدة عبر زعماء قبائل: «اترك لقائد (الثوار الليبيين) التعامل مع المشكلة». وكان المجلس الوطني منح مهلة جديدة للتفاوض قبل دخول قواته بلدة بني وليد الموالية للعقيد معمر القذافي، مؤكداً أنه لا يريد إراقة مزيد من الدماء، فيما اعتبر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ايان مارتن أن انتشار الأسلحة «مشكلة خطيرة»، داعياً الحكام الجدد إلى بدء عملية الانتخابات سريعاً وفاء بالتزامهم ببناء الديموقراطية. وقال مارتن الذي زار طرابلس أمس إن «انتشار الاسلحة مبعث قلق شديد... المسألة تتعلق بالانتقال من الوضع الحالي حيث كثير من الناس لديهم أسلحة ويقاتلون في هذا الصراع إلى وضع توجد فيه قوة واحدة للأمن العام وجيش للدولة بالمعنى الصحيح الذي لم يكن موجوداً في ليبيا في السابق». وأضاف أن «المجلس الانتقالي قدم تعهدات قوية بالمضي في طريق ديموقراطي وأوضح أنه يريد مساعدة من الأممالمتحدة في هذا المجال. ورغم أن الانتخابات قد يكون أمامها بعض الوقت، فينبغي أن تبدأ سريعاً للحفاظ على التعهد الذي قطعوه». وسعى المجلس الانتقالي إلى طمأنة مقاتليه بإعلانه عن خطط لدمج آلاف الرجال الذين أطاحوا القذافي في الشرطة وتوفير وظائف للباقين. ورغم أن طرابلس باتت أكثر هدوءاً على نحو ملحوظ في الايام الماضية مع عودة الناس إلى أعمالهم واستئناف المقاهي والمطاعم نشاطها مجدداً، فإن أعداداً كبيرة من الرجال المسلحين لا تزال تجوب شوارع المدينة. وأعلن مسؤولو المجلس أمس خططاً لتدريب ثلاثة آلاف مقاتل تم تسريحهم من مقاتلي المعارضة ليصبحوا ضباطاً في الشرطة وأجهزة الأمن وأعلنوا كذلك عن وضع خطط للتدريب وتقديم منح دراسية لآخرين. وقال المجلس الحريص على تشجيع المصالحة الوطنية إن الخطط ستكون متاحة أيضاً للذين قاتلوا دفاعاً عن القذافي. وقال وزير الداخلية الموقت احمد دارات إن الحكومة الجديدة تحتاج الى مقاتليها لنحو شهر آخر فقط لبسط سيطرتها على كامل البلاد. وأضاف أن المقاتلين سيسلمون أسلحتهم وأن الأمر مجرد مسألة وقت وتنظيم. وجاء إعلان هذه الخطة في وقت ظهرت علامات على وجود انقسامات بين الثوار بدعوة القيادي العسكري البارز الإسلامي إسماعيل الصلابي، الحكومة الانتقالية إلى الاستقالة، معتبراً أنها «من بقايا النظام القديم»، وانتقاده جماعات علمانية «تحاول تشويه سمعة الإسلاميين وخلق صراع سياسي لن يفيد إلا القذافي». ويقود الصلابي الذي سبق أن قاتل في أفغانستان لكنه ينفي ارتباطه ب «القاعدة»، «لواء 17 فبراير» الذي يعزو إليه كثير من الليبيين النجاح في الدفاع عن بنغازي. ورأى أنه لم تعد هناك حاجة إلى دور اللجنة التنفيذية التي تمثل حكومة فعلية للمجلس الانتقالي «لأنها من بقايا النظام القديم، وعلى أعضائها جميعاً أن يستقيلوا بدءاً برئيسها محمود جبريل». وأضاف أن «الثوار هم الذين يقتلون على الجبهة ليحرروا ليبيا، وليس أعضاء المجلس الذين كان بعضهم وزراء لدى القذافي فيما أن آخرين منهم لم يمضوا سوى ساعات قليلة في ليبيا منذ اشهر». ميدانيا، استمرت المفاوضات، طوال يوم امس، لضمان استسلام قوات القذافي في بلدة بني وليد الواقعة جنوب شرق طرابلس، رغم انتهاء مهلة صباح أمس كان المجلس الانتقالي حددها لدخول البلدة. وقال رئيس المفاوضين عبدالله كنشيل: «نتفاوض عبر زعماء قبائل يحاولون إقناعهم... هناك مجموعات مسلحة (مناصرة للقذافي). نريد أن يسلموا أسلحتهم ويستسلموا للسلطات وسنتولى حمايتهم، وننتظر جواباً». وأضاف، بعدما التقى وفداً آتيا من بني وليد، أن البلدة لا تزال تضم ما بين ثلاثين وخمسين مقاتلاً موالين للقذافي «مسحلين في شكل جيد ومزودين مدافع رشاشة وقاذفات صواريخ وبنادق». وقال: «رفضوا في البداية التفاوض. الآن نحاول إقناعهم، نؤكد أننا سنحميهم ضد أي عمل انتقامي». لكن كنشيل عاد واكد مساء فشل المفاوضات.